تونس تستعجل حل ملف ديون رجال الأعمال

قيس سعيد: يجب أن تخرج الجهات من دائرة الفقر والتهميش.
الجمعة 2024/02/16
اهتمام رئاسي بتحسين المنوال التنموي للجهات

تونس - لا يزال الرئيس التونسي قيس سعيد يتمسك بتفعيل الصلح الجزائي ويدعو إلى ضرورة الإسراع في تشكيل لجنة خاصة بهذه الآلية، حتى يسترجع الشعب التونسي الأموال التي نُهبت منه.

ويبدو واضحا أن هناك قصدا من قبل الرئيس سعيد لحسم هذا الملف الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط المحلية، لذلك يريد غلقه بما يحفظ حقوق الدولة ولا يعطل فرص الاستثمار.

ويدرك قيس سعيد، أهمية تفعيل تلك الآلية التي ستساعد السلطة على تكريس العدالة الاجتماعية ودور الدولة الاجتماعي من خلال بعث المشاريع والتنمية في المناطق الفقيرة والمهمشة.

المنذر ثابت: قيس سعيد يريد غلق الملف بما يحفظ حقوق الدولة
المنذر ثابت: قيس سعيد يريد غلق الملف بما يحفظ حقوق الدولة

وعلى الرغم من وجود تعطيلات بشأن استرجاع الأموال المنهوبة خصوصا بعد إجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021، التي حالت دون التعجيل بتفعيل آلية الصلح الجزائي، إلا أن توجهات الرئيس التونسي تصبّ في خانة تحسين المنوال التنموي والاقتصادي للجهات.

ويهدف الصلح الجزائي، بحسب نص المرسوم الرئاسي، إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما ترتب عنها من تتبع أو محاكمة أو عقوبات أو طلبات تم تقديمها أو كان من المفروض أن تقدم في حق الدولة أو إحدى مؤسساتها أو أيّ جهة أخرى، وذلك بدفع مبالغ مالية أو إنجاز مشاريع وطنية أو جهوية أو محلية بحسب الحاجة.

وتناول اللقاء الذي جمع الرئيس قيس سعيد بقصر قرطاج  بوزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، ضرورة الإسراع في البتّ في عديد القضايا، كما دعا بالمناسبة إلى “ضرورة الإسراع بتشكيل لجنة الصلح الجزائي بعد أن تم إدخال تعديلات على المرسوم الذي بموجبه تم إنشاؤها”.

 وذكّر قيس سعيد بأن “الغاية من الصلح الجزائي هو أن يسترجع الشعب التونسي الأموال التي نهبت منه حتى تعود خاصة إلى الجهات التي يجب أن تخرج في أسرع الأوقات من دائرة الفقر و التهميش”، مشددا على أنه لابد من “ثورة تشريعية وأن هناك حربا بلا هوادة ضد الفاسدين المفسيدين، في كل القطاعات، الذين تسللوا إلى مؤسسات الدولة”.

وشكل سعيّد لجنة الصلح الجزائي بهدف جمع أموال من رجال أعمال تحوطهم شبهات فساد مالي، لكن لم تعلن لجنة المصالحة عن أيّ مبالغ كبيرة تذكر ما دفع الرئيس التونسي إلى حلّها.

وفي 2021 قُدّر حجم الأموال التي يطالب باستعادتها من قائمة تضم 460 من رجال أعمال متورطين في جرائم مالية، بـ13.5 مليار دينار تونسي (حوالي 4.5 مليار دولار) نهبت من المال العام.

وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت، أن “الصلح الجزائي إجراء براغماتي ووقائي يحمي رجال الأعمال من ممارسات الأحزاب”، قائلا إن “الآلية جيّدة ولا تعطل الاستثمار والسير العادي للمؤسسات، ويبدو أن هناك مراجعة للمرسوم”.

وأضاف لـ”العرب”، “من الواضح أن هناك قصدا من قبل الرئيس سعيد لحسم هذه الملفات، وهو يريد غلق هذا الملف بما يحفظ حقوق الدولة وبما لا يعطل الاستثمار”.

نبيل الرابحي: الرئيس متمسك بفكرته وهي من أولويات التنمية الجهوية
نبيل الرابحي: الرئيس متمسك بفكرته وهي من أولويات التنمية الجهوية

وأشار ثابت إلى “وجود تعطيلات، كما أن آلية الصلح الجزائي تحتاج إلى شيء من الوقت نظرا لوجود تقييم واختبار، والعملية لا يمكن أن تكون بشكل من التسرع لأن الأمر يتعلق بمسارات ومبالغ ضخمة”.

ولفت منذر ثابت إلى أن “مسألة الاستعجال مطلوبة لكن الأساس أن تكون الآلية وظيفية وحاسمة لغلق الملف”.

ويكرر قيس سعيد أن الصلح الجزائي لا يتعلق بتصفية حسابات مع أي كان ولكن الأمر يتعلق بأموال الشعب التي يجب أن تعود إلى المفقرين والبؤساء من أجل توفير الحد الأدنى من أسباب العيش الكريم.

وعرض قيس سعيد ما سماه بالصلح الجزائي في مرسوم أصدره في 2022، على عدد من رجال الأعمال الملاحقين في قضايا فساد مالي يفرض عليهم إطلاق مشاريع استثمارية في المناطق الفقيرة والأقل حظا في التنمية، تتعلق ببناء مدارس ومستشفيات ومرافق خدمات وخلق موارد رزق للعاطلين عن العمل في البلاد، لكن تعثر تطبيق القانون منذ صدوره لتعقبه بعد ذلك حملة إيقافات.

ومن شأن التقدم في هذا الملف أن يساعد على الخروج من الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، حيث يمثل المبلغ أكثر من ضعفي التمويل الذي تطالب به تونس من صندوق النقد الدولي والمقدر بنحو 1.9 مليار دولار.

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي، إن “فكرة الصلح الجزائي ليست جديدة على الرئيس سعيد وسبق أن ذكرها في تصريح إعلامي سنة 2021 وفي حملته الانتخابية سنة 2019”.

وأكد في تصريح لـ”العرب”، أن “المسار مهم نظرا لمطالب العدالة الانتقالية وابتزاز بعض الأحزاب لرجال الأعمال، واليوم الفكرة جيّدة والعديد من رجال الأعمال انخرطوا في هذه الآلية”.

وأشار الرابحي إلى “وجود بعض التعطيلات الإدارية، والرئيس سعيد متمسك بفكرته المتناغمة والمتناسقة وهي من أولويات التنمية الجهوية”.

ويقبع في السجن منذ سنوات رجال أعمال على صلات بنظام الحكم السابق قبل ثورة 2011، وفشلت جلسات التحكيم التي عرضوها مع الدولة.

 

اقرأ أيضا:

       • تونس أمام رهان حسن قراءة التوازنات للاستفادة من التوجه شرقا

4