انفتاح تونسي على روسيا مع الحفاظ على العلاقات مع أوروبا

بحثت تونس وروسيا، الخميس، تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في عدة مجالات، بينها الطاقة والصحة والثقافة، وسط استعداد روسي لتوسيع مجالات التعاون وتطوير نسق المبادلات التجارية البينية فضلا عن تكثيف المشاورات السياسية بين البلدين.
تونس - أبدى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في لقائه الخميس بقصر قرطاج، بالرئيس التونسي قيس سعيد استعداد بلاده التام لتعزيز علاقاتها الوثيقة مع تونس في عدّة مجالات مثل قطاع الحبوب والطاقة والصحة والتعليم العالي والتبادل الثقافي والتكنولوجيات الحديثة والفضاء.
ويرى مراقبون أن تونس تحاول الحفاظ على علاقاتها مع شركائها التقليديين (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي)، وتسعى في نفس الوقت إلى الانفتاح على روسيا التي تربطها بها علاقات تاريخية.
ويضيفون أن ثمة التقاء للتعاون التونسي – الروسي في عدة مجالات أهمها المجال الغذائي، فضلا عن التعاون المشترك في المجالات العلمية والأكاديمية والتكنولوجية.
وأوضحت الرئاسة التونسية في بلاغ أصدرته أن “المجالات المعنية تمثلت بالخصوص في الحبوب والطاقة والصحة والتعليم العالي والتبادل الثقافي والتكنولوجيات الحديثة والفضاء، لاسيما في أفق انعقاد اللجنة المشتركة مطلع السنة المقبلة، فضلا عن مواصلة تطوير التبادل التجاري”.
ونقل لافروف تحيات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرئيس سعيد وترحيبه بالإصلاحات التي تشهدها تونس على عدة أصعدة.
من جانبه أبرز قيس سعيد أهمية العلاقات التاريخية التي تجمع تونس بروسيا، مؤكدا حرص بلاده على المزيد من تدعيم روابط الصداقة المتينة والتعاون المثمر القائمة بين البلدين، لاسيما في قطاعات الزراعة والحبوب والطاقة والسياحة والتعاون الثقافي والعلمي والتبادل الطلابي.
وذكر سعيد بوقوف تونس الثابت وغير المشروط إلى جانب الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه كاملة وإقامة دولته المستقلة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، داعيا، المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بدوره لوضع حد للاعتداءات اليومية الوحشية التي تطال الشعب الفلسطيني.
ومثل اللقاء فرصة لتبادل وجهات النظر بخصوص جملة من المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.والتقى لافروف نظيره التونسي نبيل عمار في وقت سابق من الخميس وأشاد بعلاقات الصداقة والاحترام المتبادل، المترسخة بين موسكو وتونس على مدى عقود.
وأفاد المحلل السياسي منذر ثابت بأن “هناك تقاطعا في مستوى السياسات العامة بين تونس وروسيا، والجمهورية الثالثة في تونس قامت على موقف حيادي ومسافة متساوية بين الأطراف والكتل المتصارعة في العالم (سياسة عدم الانحياز)”.
وقال لـ”العرب”، “روسيا تسعى لكسر العزل الذي حاولت الولايات المتحدة الأميركية فرضه عليها، وبالتالي هناك التقاء للتعاون على مستوى علمي وأكاديمي وخصوصا غذائي، ومن الواضح أن روسيا تريد اختراق عموم المنطقة والساحل الأفريقي”.
ولفت ثابت إلى أن “مجال الغذاء أولا باعتبار الأزمة العالمية في الحبوب، ثم المجال العلمي وتصنيع الأسلحة والتكنولوجيا المتطورة، فضلا عن الدراسات العليا للطلاب، كما أن السوق الروسية تعتبر سوقا واعدة لتونس”.
وبخصوص المجال العسكري، أوضح ثابت أنه “يمكن أن يكون هناك مجال للتدريب والتسليح، باعتبار أن تونس لا تزال إلى حد الآن في حسابات حلف الناتو ضمن الفضاء الإستراتيجي للتحرك”.
وفي وقت سابق، قال سيرجي لافروف في لقاء بوزير الخارجية التونسي نبيل عمار في موسكو إن روسيا تساند جهود الإصلاح في تونس لدفع الاقتصاد وحماية الدولة.
وأكد أن روسيا وتونس تحدوهما الرغبة المشتركة في تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، مثل التكنولوجيا والطاقة النووية المدنية، فضلا عن استكشاف فرص جديدة للشراكة. وقال في هذا السياق “إن تونس من الشركاء المهمين لروسيا في القارة الأفريقية (..) حيث تخطى حجم المبادلات التجارية بين البلدين 1.2 مليار دولار خلال النصف الأول من 2023”.
وزادت روسيا من حجم شراءاتها للسلع التونسية وخاصة منها المواد الزراعية والنسيج ودعمت السياحة مع تونس ليصل عدد السياح الروس بتونس إلى أكثر من 600 ألف سائح قبل جائحة كوفيد – 19.
وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن “سياسة تونس بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021 تغيرت بعدم الاصطفاف في المحاور الإقليمية والدولية، وهي منفتحة على مختلف القوى على غرار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرها”.
إقرأ أيضا
وأضاف لـ”العرب” أن “العلاقات بين تونس وروسيا تاريخية، وأغلب السياح في تونس هم من الروس، فضلا عن وجود تعاون في مجالي التعليم العالي والطاقة”.
وتابع الرابحي “سياسيا، قد تنضم تونس إلى مجموعة بريكس، وهي سيدة نفسها وتختار مع من تتعامل”.
ووصل لافروف مساء الأربعاء إلى تونس قادما من المغرب في زيارة عمل تستمر يومين في إطار تكثيف المشاورات السياسية بين البلدين، حيث بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، وتطوير التبادل التجاري الثنائي واستكشاف إمكانات جديدة للشراكة المثمرة بين البلدين.
وتسعى تونس في إطار تنويع الأسواق السياحية إلى جذب السياح الروس، حيث بلغ عدد الوافدين حتى شهر أكتوبر الماضي، حسب الإحصائيات الرسمية، 21506 سياح.
وتستقبل روسيا حوالي 2000 طالب تونسي، وقد خصصت 60 منحة جامعية للطلاب التونسيين في السنة الدراسية القادمة.