مصر تسمح باحتفاظ المطلقة بأولادها بعد الزواج من آخر

مطلقات كثيرات يفضلن عدم الزواج مرة ثانية خوفا من فقدان الحضانة.
السبت 2023/11/04
محكمة الأسرة راعت في حكمها مصلحة الأطفال

أصبح للمطلقة الحق في أن تستفيد من حكم محكمة الأسرة في مصر بالزواج من رجل آخر مع الاحتفاظ بحضانة أطفالها من دون التعرض لضغوط نفسية أو ابتزاز، وذلك بعد أن أصدرت محكمة الأسرة حكما يعيد الاعتبار للأم المطلقة ويحفظ كرامتها. وجاء إنصاف المحكمة للمطلقة باستمرار أطفالها معها بعد الزواج لكي يعيش الأبناء حياة سوية وتتم تربيتهم بشكل سليم.

القاهرة - وضع القضاء المصري حدا لخلافات الأزواج المنفصلين حول الحضانة بعدما أصدرت محكمة الأسرة حكما فريدا يقضي بحق الأم في استمرار حضانتها لابنها الصغير، على الرغم من زواجها مرة ثانية بعد الطلاق، باعتبارها الأكثر رعاية وعطفا وخوفا عليه إلى حين بلوغه سن الخامسة عشرة.

ومن شأن الحكم أن يغلق ساحات المعارك التي كانت تقع بين المطلقين حول الإشراف على أطفالهم بعد أن تقرر الأم الزواج من رجل آخر، حيث اعتاد بعض الآباء استخدام ورقة زواج الأم للضغط عليها ومقاضاتها لإرغامها على التنازل عن كل أو جزء كبير من المستحقات المالية، أو التهديد بإسقاط الحضانة.

واستقبلت أوساط نسائية حكم أحقية الأم في الزواج مع الاحتفاظ بحضانة أولادها الصغار بترحيب واسع، لأن قانون الأحوال الشخصية المعمول به منذ نحو مئة عام كرّس هيمنة الرجل على حضانة الأبناء حال طلاق زوجته واقترانها بآخر.

هالة حماد: استمرار رهن زواج المطلقة بصدور حكم  ينصفها  ظلم لها
هالة حماد: استمرار رهن زواج المطلقة بصدور حكم  ينصفها  ظلم لها

ورفع أحد الآباء دعوى قضائية طالب فيها بإسقاط حضانة ابنه الصغير، لأن الأم تزوجت وأصبح الطفل يعيش مع رجل “غريب” في نظره، وأراد الأب أن تنتقل ولاية الطفل إلى الجدة (أم الأب) بحكم أن والدة الزوجة ليست على قيد الحياة، لكن المحكمة رفضت طلب الأب وأصرت على بقاء الطفل في حضانة أمه.

واستند حكم المحكمة على أن والدة الأب سيدة تجاوزت الستين من عمرها ولا تستطيع رعاية طفل صغير، وتغيير حضانة الطفل من أمه إلى الجدة يلحق ضررا نفسيا بالطفل يقتضي ترجيح مصلحته على مصلحة الأب وإبقاء الحضانة للأم.

وتطالب الكثير من النساء في مصر بإدخال تعديلات جذرية على قانون الأحوال الشخصية ليكون من حق المطلقة الاحتفاظ بأولادها إذا تزوجت مرة أخرى، طالما أن الزوج الثاني سيكون أمينا على الأطفال أكثر من أي امرأة أخرى ولو كانت الجدة، وسوف يعيشون مع الأم حياة آدمية ولو في كنف رجل غريب.

وتوصلت دراسة صادرة عن جمعية تنمية المرأة المصرية إلى أن قرابة 90 في المئة من المطلقات يفضلن عدم الزواج مرة ثانية خشية خسارة الحضانة، بينما تلجأ نسبة قليلة منهن إلى الزواج العرفي لأن الرجل لن يستطيع إثباته عبر السجلات الرسمية.

وأصبح لأي مطلقة الحق في أن تستفيد من حكم محكمة الأسرة في مصر بالزواج من رجل آخر، مع الاحتفاظ بحضانة أطفالها من دون التعرض لضغوط نفسية أو ابتزاز مادي بحكم أن هناك مظلة قانونية يمكن أن تستند عليها وتحتمي بها من ترهيب الرجل.

ويُسهم الحكم في إعادة الأمل للعديد من الحاضنات الراغبات في الزواج من جديد للاحتفاظ بأطفالهن من دون أن تضطر أي منهن للزواج بشكل سري بعيدا عن أعين الناس أو تستكمل مشوار الحياة راهبة حتى لا يتسبب زواجها في خسارة أطفالها.

الكثير من النساء في مصر تطالبن بإدخال تعديلات جذرية على قانون الأحوال الشخصية ليكون من حق المطلقة الاحتفاظ بأولادها إذا تزوجت مرة أخرى

والمعمول به في مصر أن المطلقة إذا تزوجت تسقط عنها الحضانة لتذهب إلى والدتها، فإذا لم تكن تستطيع رعاية الأطفال أو فارقت الحياة، فإنهم يذهبون إلى أم الأب، أو العمة أو الخالة، المهم ألا يستمروا مع أمهم طالما تعيش مع رجل غير الأب.

ورفضت هالة محمود، وهي أم لطفلين أكبرهما في سن الثامنة، أن تتزوج مرة ثانية خشية أن يطاردها زوجها السابق ويأخذ منها ابنيها، وتخشى أن تتزوج بشكل عرفي فيتم افتضاح أمرها ويتحمل الطفلان عواقب ذلك، واختارت أن تكرس حياتها لتربيتهما.

وعلى الرغم من أن الأم لا تزال في العقد الثالث من عمرها وتقدم لها بعض الرجال للزواج منها وإبداء الاستعداد للإنفاق على طفليها، لكنها تخشى الإقدام على الخطوة، في حين أن زوجها الأول تزوج امرأة أخرى وأنجب طفلا، لكنه هددها إذا تزوجت بحرمانها من الطفلين ونقل حضانتهما منها.

وقالت هالة لـ”العرب” إن الآلاف من المطلقات في مصر يتابعن عن كثب إصدار تشريع رسمي يبيح للمطلقة الزواج مع الاحتفاظ بأولادها، لا أن يكون ذلك من خلال حكم قضائي وصراعات في المحاكم قد تستغرق سنوات، وأغلب النساء يرفضن انتزاع حقوقهن قضائيا.

وأضافت “المطلقة تفضل ألا تقف في وجه زوجها السابق أمام المحكمة لتحصل على موافقة بالزواج لمرة ثانية، حيث تهين نفسها وتشوه صورة أطفالها، والبعض يصفها بأنها تبحث عن متعة، لذلك تفضل الكثير منهن عدم الزوج والنأي عن المحاكم”.

وترفض ناشطات في حقوق المرأة بمصر أن يكون حق المطلقة في الزواج مرة ثانية مع الاحتفاظ بحضانة أطفالها نابعا من رؤية القاضي فقط في غياب وجود نص تشريعي يبيح لها ذلك طالما أن هذا الحق مباح للرجال مرة واثنتين وأربعا.

Thumbnail

وإذا أرادت المطلقة أن تستفيد من حكم محكمة الأسرة بالزواج ثانية مع بقاء أولادها في حضانتها، عليها أن ترفع دعوى قضائية تطالب فيها بالمعاملة بالمثل، استنادا إلى نفس منطوق الحكم، وهو مسار تراه بعض السيدات إهانة وإنقاصا من كرامتهن.

ولا يزال منح المطلقة الحق في الزواج والاحتفاظ بأطفالها من أهم المطالب التي تنادي بها المنظمات المعنية بشؤون المرأة، والمجلس القومي للمرأة (جهة حكومية)، مع ضرورة وضع حد لترهيب المطلقات إذا فكرن في الزواج وابتزازهن بأولادهن.

والعبرة عند المحكمة في إنصاف المطلقة باستمرار أطفالها معها بعد الزواج بأن الأبناء يعيشون حياة سوية وتتم تربيتهم بشكل سليم ولا يتعرضون لأذى أو التأثر بزواجها، ويعتبر قانون الأحوال الشخصية الحالي وجود الأبناء مع أب غريب خطرا عليهم.

وأكدت استشارية العلاقات الأسرية بالقاهرة هالة حماد أن استمرار رهن زواج المطلقة بصدور حكم قضائي ينصفها يحمل ظلما لها، والمفترض وجود تشريع يدعم حقها في ذلك، لأن المطلقة يصعب أن تضحي بأطفالها لمجرد أنها ترغب في الزواج الثاني.

Thumbnail

وأوضحت لـ”العرب” أن إقامة الأطفال مع الأم بعد الطلاق أو حتى الزواج الثاني ضمانة لحصولهم على حق الرعاية والتربية والتعليم والتنشئة السوية، لكن الخوف من أن يكون الزوج الثاني غير أمين يفرض أن تُحسن المرأة الاختيار للحفاظ بأطفالها.

وذكرت أنه ليس من الإنسانية في شيء أن يظل التعامل مع المطلقة التي ترغب في الزواج، وكأن غريزة الأمومة فقدت، ويجب النظر برحمة إلى المطلقات كي لا يخترن الزواج السري لتحاشي الاستهداف بعد الزواج، فمن حقها أن تعيش في كنف رجل.

وما لم تتحرك الحكومة المصرية سريعا بتشريع منصف للمطلقات سوف يظل أمامهن مساران، إما عدم الزواج لتجنب انتقام الأب، أو الزواج غير الموثق، وكلاهما يقود إلى ظلم المرأة واستهدافها معنويا لتصبح مستهدفة سواء بقيت راهبة أو تزوجت سريا.

في المقابل يعيش الرجل حياته بأريحية، ويمنحه الشرع والقانون الزواج بأربع نساء، مع أن مطلقته محرومة من الحد الأدنى في حرية اختيار الشريك المناسب الذي يعوضها عن سوء اختيارها السابق، وقد لا يكل من استهدافها بحثا عن إسقاط الحضانة عنها إذا تزوجت من رجل آخر.

15