المعارضة المصرية تتخذ مسافة واحدة من مرشحيها لانتخابات الرئاسة

رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ينتقد عدم وجود تكتل موحد في انتخابات الرئاسة يمثل المعارضة.
الثلاثاء 2023/09/26
انتظارات ضعيفة على معارضة مشتتة

القاهرة - تعهدت الحركة المدنية الديمقراطية في مصر، أكبر تكتل للمعارضة في البلاد، بالوقوف على مسافة واحدة من مرشحيها الثلاثة المحتملين للاستحقاق الرئاسي، وعدم دعم مرشح بعينه، لأنها لا تريد مصادرة رأي أحدا من أعضائها.

وتشعر قوى المعارضة بالقلق من فشل الحركة المدنية في المنافسة بجدية في انتخابات الرئاسة  المقرر إجراؤها على مدى ثلاثة أيام من 10 الى 12 ديسمبر المقبل، لأنها أصبحت تعاني من انقسام واضح في الأهداف، وعدم التوافق حول مرشح واحد تصطف حوله الأحزاب والتيارات المعارضة.

وانتقد مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أحد المؤسسين للحركة المدنية، عدم وجود تكتل موحد في انتخابات الرئاسة يمثل المعارضة، لأن استمرار الوضع الراهن يصب في صالح الرئيس عبدالفتاح السيسي، إذا قرر الترشح.

وكشف الزاهد عن محاولة داخل الحركة المدنية لبحث فكرة التوافق حول مرشح واحد يكون الأوفر حظا في المنافسة بالانتخابات، وإذا لم يحدث ذلك، ففرص منافسة المعارضة سوف تكون ضعيفة.

مدحت الزاهد: توافق الحركة المدنية على مرشح واحد ضروري للمنافسة
مدحت الزاهد: توافق الحركة المدنية على مرشح واحد ضروري للمنافسة

وقالت مصادر داخل الحركة المدنية لـ”العرب” حال أخفقت قوى المعارضة في إقناع المرشحين المحتملين المنضمين للحركة بالتوافق حول مرشح واحد سيتم وضع برنامج انتخابي يناسب رؤية الحركة، مع إلزامهم بالمنافسة النزيهة دون خلاف يشق صفوفها.

وأعلن رئيس الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة بعد إعلان رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل نيتها الترشح أيضا، وسبقهما أحمد الطنطاوي الرئيس السابق لحزب الكرامة، والثلاثة أعضاء بالحركة المدنية.

وأكد مدحت الزاهد لـ”العرب” أن توافق الحركة المدنية على مرشح واحد “ضرورة للمنافسة بقوة في انتخابات الرئاسة، ولم نكن نرغب في تفتيت الأصوات، لكن ليس للحركة أن تلزم حزبا بعدم الترشح، وعلينا أن نتحاور ونسعى لتقريب المسافات”.

وأوضح أن فرص الحركة في المنافسة بالاستحقاق الرئاسي لم تضعف بعد، لكنها إذا استمرت بلا توافق فإن السلطة سوف تستفيد من ذلك، وأمامنا الوقت لتحقيق التوافق بين المرشحين وتوحيد الدعم خلف واحد يمثل المعارضة.

ويصبّ غياب التنسيق بين المرشحين المحتملين للرئاسة المنضمّين للحركة المدنية في صالح النظام الحاكم، والذي يرغب في وجود أكبر عدد ممكن من المنافسين، بما يعزز مصداقية ونزاهة الانتخابات.

ويواجه المرشحون الثلاثة الممثلون عن الحركة المدنية إجراءات معقدة لاستيفاء أوراق الترشح رسميا لانتخابات الرئاسة، فكل منهم يحتاج إلى تزكية 20 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس النواب أو تأييد ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب من 15 محافظة على الأقل، بموجب المادة 142 من الدستور المصري.

ومن المتوقع أن تعاني جميلة إسماعيل بشكل أكبر، لأن حزبها (الدستور) ليس له ممثلون في مجلس النواب، ولا يوجد أمامها سوى التوكيلات الشعبية، وقد تصطدم بضيق الوقت، باعتبار أن فتح باب الترشح قد يعلن الشهر المقبل، لكن إذا قدمت لها تسهيلات حكومية يمكن أن تتخطى عقبة الحصول على التوكيلات الكافية.

الحكومة لا تمانع وجود مرشح واحد أو عدة مرشحين لمنافسة السيسي، حيث تدرك صعوبة التفاف الحركة المدنية وكل قوى المعارضة حول مرشح واحد

وعلى مستوى فريد زهران، فإن استيفاء أوراق ترشحه لانتخابات الرئاسة أسهل، لأن الحزب له سبعة نواب داخل البرلمان وبإمكانه جذب توكيلات أعضاء البرلمان بحزبي العدل والتجمع وعددهم ثمانية، وجميعهم أعضاء في الحركة المدنية.

وشكّل المرشح أحمد الطنطاوي الهيكل الإداري لحملته الرئاسية، وأصبحت له قواعد في بعض المحافظات، ما يجعل فرص حصوله على التوكيلات المطلوبة ممكنا، لكنه تحدث عن تعرض أعضاء في حملته لمضايقات قد تخيف البعض من تأييده.

ويعبّر وجود أكثر من مرشح عن الحركة المدنية عن ذكاء سياسي، ففي ظل الظروف الراهنة من الصعب على أيّ منهم استكمال أوراق ترشحه، وإذا فشل أحدهم في جمع التوكيلات الشعبية أو البرلمانية يستطيع الآخر استكمال المشوار، وبعدها تلتف حوله الأحزاب والشخصيات المعارضة.

وإذا توحدت الحركة خلف مرشح واحد وانسحب الآخران بإرادتهما أو لتوحيد الصف أو إخفاقهما في استيفاء أوراق الترشح، فثمة شعور بأن دعم المعارضة للمرشح الواحد من صفوفها لن يكون بغرض الرهان على نجاحه، لكن سعيا لتغيير قواعد اللعبة الانتخابية التي طالما احتكر النظام الحاكم وضع أطرها منفردا.

وأوضح الزاهد أن الحركة المدنية قادرة على تحريك المياه الراكدة في المناخ السياسي وتغيير صورة الانتخابات الرئاسية، المهم أن تكون لدى السلطة إرادة قوية لعقدها بشكل نزيه وتقف المؤسسات الرسمية على الحياد، مع حتمية توحد صفوف المعارضة لإعادة الاعتبار للانتخابات لتكون هناك منافسة متوازنة تدفع الشعب نفسه للمشاركة فيها.

المرشح أحمد الطنطاوي شكّل الهيكل الإداري لحملته الرئاسية، وأصبحت له قواعد في بعض المحافظات، ما يجعل فرص حصوله على التوكيلات المطلوبة ممكنا

ولا تمانع الحكومة وجود مرشح واحد أو عدة مرشحين لمنافسة السيسي، حيث تدرك صعوبة التفاف الحركة المدنية وكل قوى المعارضة حول مرشح واحد، فضلا عن تشرذم القوى السياسية المعارضة، وربما يصبح كثرة المرشحين نقطة إيجابية تحسب للنظام الذي اتُهم باستهداف كل من يلمح إلى ترشحه لمنصب الرئيس.

وتضم قائمة المرشحين المحتملين للانتخابات المقبلة: رئيس حزب الوفد الليبرالي عبدالسند يمامة (مع السلطة)، رئيس حزب الشعب الجمهوري حازم عمر (مع السلطة)، الرئيس السابق لحزب تيار الكرامة أحمد الطنطاوي (معارض)، رئيس الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران (معارض)، جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور (معارضة)، وأكمل قرطام رئيس حزب المحافظين (معارض)، وأحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي (مؤيد).

علاوة على الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي الذي زكته أحزابا ونقابات وشخصيات عدة، ومن المرجح أن يعلن ترشحه رسميا عقب الإعلان عن مواعيد الانتخابات.

ولا تزال مشكلة الكثير من الأصوات المعارضة أنها تبرر ارتباكها وعدم استعدادها الجيد للاستحقاق الرئاسي بعدم تحديد مواعيد الانتخابات، مع أنها لم تستغل أكثر من فرصة للتعبير بقوة عن نفسها، وآخرها مشاركتها في الحوار الوطني، لكنها تمسكت بمطالب سياسية ليست من أولويات الشارع الذي يعاني من سوء الأوضاع المعيشية.

وتعي جهات رسمية أن مشاركة أو عدم مشاركة المعارضة في الانتخابات لن تغيّر في المعادلة السياسية كثيرا مع غياب تأثيرها وانقسام الحركة المدنية ما يسهل مهمة النظام في عقد انتخابات بالطريقة التي يفضلها، ويجعل الحكومة غير مضطرة لتقديم تنازلات أو التجاوب مع ضمانات طالبت بها الحركة المدنية.

2