قيس سعيد يصف شروط النقد الدولي بعود ثقاب قرب مواد متفجرة

تونس - تطرق الرئيس التونسي قيس سعيّد، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت، إلى معارضته شروط صندوق النقد الدولي، معتبرا أنّها "بمثابة عود ثقاب يشتعل إلى جانب مواد شديدة الانفجار" بحسب بيان صدر عن الرئاسة التونسية.
ويأتي تصريح الرئيس سعيّد ردا على الضغوط التي تمارسها بعض الدول الغربية من بينها باريس لدفع تونس نحو توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، في موقف مغاير لموقف روما التي تحث على دعم تونس ماليا واقتصاديا دون أي شروط، باعتبارها النقطة المتقدمة لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين.
ويرى مراقبون أن الرئيس التونسي أراد من خلال هذه التصريحات أن يؤكد لماكرون أن بلاده ليس حارسا على الحدود الجنوبية لأوروبا وأن شغله الشاغل إنقاذ الاقتصاد الذي تدهور بفعل السياسيات الخاطئة خلال العشرية الماضية وأيضا جراء الإغلاقات بسبب كوفيد-19 والحرب الروسية-الأوكرانية.
وفي اتصاله مع ماكرون، ذكّر الرئيس التونسي "بالأحداث الدامية التي سقط خلالها مئات الشهداء في 3 (يناير) 1984 حين تم رفع الدعم عن الحبوب ومشتقاتها" في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، مشددا على أن السلم الأهلية لا ثمن لها. حسبما أشارت الرئاسة التونسية في بيان نشر على صفحتها الرسمية على فيسبوك.
وقال بيان للرئاسة التونسية إن "رئيس الجمهورية ذكر بأنه يمكن تقديم تصور آخر يقوم على توظيف أداءات على من لا يستحق الدعم لتمويل صندوق الدعم حتى يكون دعما يحقق العدالة المنشودة، مشيرا إلى أنه كما يجب أن يسود العدل داخل الدول يجب أن يسود أيضا في العلاقات الدولية لأن الإنسانية كلها تتوق لمرحلة جديدة في تاريخها يعمّ فيها العدل والحرية والأمن والسلام".
كما تم التطرق إلى "الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تعيشها تونس بسبب الاختيارات الفاشلة في العقود الماضية، وفي العقد الفارط على وجه الخصوص، إلى جانب استشراء الفساد وتهريب أموال الشعب التونسي إلى الخارج"، بحسب البيان.
وتوصّلت تونس التي تبلغ ديونها حوالي 80 بالمئة من إجمالي ناتجها المحلي، إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي أكتوبر الماضي للحصول على قرض جديد بنحو ملياري دولار لمساعدتها على تجاوز أزمتها المالية الخطيرة.
لكنّ المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم التزام تونس الصارم تنفيذ برنامج إصلاح لإعادة هيكلة أكثر من 100 شركة مملوكة للدولة ومثقلة بالديون، ولرفع الدعم عن بعض السلع والخدمات الأساسية.
وكان الرئيس التونسي أعلن مطلع أبريل رفضه "إملاءات" صندوق النقد الدولي، مؤكدًا ضرورة "التعويل على أنفسنا" لتجاوز الأزمات المالية والاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
ومن أجل الاستغناء عن قرض من صندوق النقد الدولي و"إملاءاته"، اقترح سعيّد الخميس إقرار ضريبة جديدة على من يستفيدون من الدعم "بدون وجه حق".
وفي الاتصال أيضا، لفت سعيّد إلى مسألة الهجرة السرية، داعيًا إلى تنظيم اجتماع تشارك فيه "كل الدول المعنية بهذا الموضوع سواء في جنوب البحر الأبيض المتوسط أو في شماله".
وكان سعيّد قد طرح الفكرة نفسها في مكالمة هاتفية الجمعة مع رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي قبلت دعوة لزيارة تونس قريبًا، بحسب الرئاسة التونسية.
وتدعو تونس باستمرار الاتحاد الأوروبي إلى إظهار تضامن معها خصوصًا في ملف الهجرة السرية.
وتبعد أجزاء من سواحل تونس أقل من 150 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، وتسجل بانتظام محاولات هجرة في اتجاه السواحل الإيطالية يقوم بها خصوصا مواطنون من دول أفريقيا جنوب الصحراء.