دعوات في تونس للإفتاء بمنع ذبح الأضاحي للحفاظ على الثروة الحيوانية

أزمة تونس الاقتصادية وندرة العملة الصعبة في ظلّ تراجع قيمة الدينار وراء صعوبات توريد الأضاحي خصوصا مع غلاء الأسعار.
الأحد 2023/02/12
تنديد بالارتفاع المشط لأسعار لحوم الخرفان

تونس- طالبت غرفة القصّابين في تونس بمنع ذبح الأضاحي بهدف حماية الثروة الحيوانية المهدّدة، وسط تنديد بالارتفاع المشط لأسعار لحوم الخرفان بسبب النقص في القطيع.

ودعا أحمد العميري رئيس غرفة القصّابين الجمعة مفتي الجمهورية التونسية إلى الإفتاء بمنع ذبح الأضاحي.

أحمد العميري: الارتفاع المشط في أسعار لحوم الخرفان بسبب النقص في القطيع
أحمد العميري: الارتفاع المشط في أسعار لحوم الخرفان بسبب النقص في القطيع

وقال في تصريح لإذاعة محلية “نحن قمنا بهذه المبادرة من أجل إنقاذ الثروة الحيوانية، فتونس لم تعد تملك مواشي ولا إنتاج لها ومصلحة البلاد وقطاع اللحوم الحمراء تقتضي التقدم بمثل هذه المبادرة”.

ويقول المطالبون بإصدار الفتوى إن المغرب سبق له أن أصدر فتوى مماثلة وتجاوب الناس معها وامتنعوا عن ذبح الأضاحي طالما أن ذلك في صالح البلاد وفي وجود خطاب سياسي وديني واضح، داعين إلى دعم هذه الفتوى سياسيا وإعلاميا حتى يقتنع الناس بها في تونس.

وحذر أحمد العميري من “الارتفاع المشط في أسعار لحوم الخرفان بسبب النقص في القطيع”، موضحا أن “تونس ستضطر لاستيراد الخرفان من الخارج من أجل عيد الأضحى”، وأن “أسعار الأضحية ستكون في معدل 1300 دينار (حوالي 413 دولارا) وذلك سيؤثر سلبا على قطاع اللحوم”.

وأضاف “وجّهنا مراسلات إلى وزارة التجارة يوم 17 يناير الماضي و2 فبراير الجاري شرحنا فيها الوضعية الحرجة لوضعية اللحوم الحمراء في تونس وسنجلس قريبا من أجل إيجاد حلول عاجلة”.

ولئن أقرّت جهات رسمية بتسجيل نقص في القطيع بسبب ممارسات القصّابين، فإنها دعت إلى عدم الاستجابة إلى الدعوة بإلغاء مناسبة العيد، كما أكّدت على عدم التشجيع على توريد الأضاحي، مع المطالبة بدعم المزارع التونسي.

وكشف أنيس الخرباش نائب رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أن “هناك نقصا في عدد الخرفان بنسبة 30 في المئة، ولكن عيد الأضحى لا يهدّد القطيع بل القصّابون الذين يذبحون الإناث من القطيع خارج مسالك التوزيع ودون رقابة إدارية هم المسؤولون عن تراجع الثروة الحيوانية”.

ثريا التباسي: نطالب بترشيد الاستهلاك وتدخّل الدولة لتعديل الأسعار في السوق وتوفير الأضاحي
ثريا التباسي: نطالب بترشيد الاستهلاك وتدخّل الدولة لتعديل الأسعار في السوق وتوفير الأضاحي

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “لدينا الآن مليون و200 ألف خروف، وعدد الأضاحي في تونس كل سنة يبلغ مليونا و800 ألف”، مؤكّدا أن أسعار الأضاحي لهذه السنة ستكون بين 750 دينارا (238 دولارا) و1250 دينارا (397 دولارا)، وندعو مفتي الجمهورية ألاّ يستجيب إلى دعوة غرفة القصّابين بإلغاء مناسبة العيد”.

وأوضح الخرباش أن “أزمة تونس الاقتصادية وندرة العملة الصعبة في ظلّ تراجع قيمة الدينار وراء صعوبات توريد الأضاحي خصوصا مع غلاء الأسعار”، وأضاف “نحن لا نشجّع على التوريد بل ندعم المزارع التونسي”.

ولم يخف أنيس الخرباش “وجود أهداف سياسية من خلال دعوة القصابين لمفتي الجمهورية بإلغاء العيد، ذلك أن غرفة القصابين تسعى للتغطية على المخالفات التي ترتكبها وحماية مصالحها على حساب المزارعين”.

وسعيا للمزيد من التحكّم في الأسعار وتعديل السوق وحماية المقدرة الشرائية للمواطن لجأت السلطات التونسية في سنوات سابقة إلى توريد الخرفان من رومانيا وإسبانيا سنتي 2012 و2013.

وسبق أن قالت وزارة التجارة إنها استوردت حوالي 9700 رأس غنم من رومانيا بمناسبة عيد الأضحى المبارك.

وأوضحت الوزارة في بيان لها أن “عملية استيراد الأضاحي تأتي في إطار سعي الدولة للمزيد من التحكّم في الأسعار وتعديل السوق وحفاظا على المقدرة الشرائية للمواطن”.

وفي سنة 2013، أعلنت وزارة التجارة توريد أضاحي العيد من إسبانيا، معلّلة اختيارها لإسبانيا كمصدر لاستيراد الحرفان بالقرب الجغرافي وبتشابه فصيلة الخروف الإسباني مع الخروف التونسي.

وتعرف الفترة التي تسبق عيد الأضحى في تونس ارتفاعا في أسعار الأضاحي يناهز في بعض المناطق 500 دولار.

أنيس الخرباش: غرفة القصابين تسعى للتغطية على المخالفات التي ترتكبها وحماية مصالحها على حساب المزارعين
أنيس الخرباش: غرفة القصابين تسعى لحماية مصالحها على حساب المزارعين

وفاقم التدهور الكبير للمقدرة الشرائية للتونسيين خلال السنوات العشر الماضية صعوبات المواطن في شراء الأضحية بسبب ارتفاع الأسعار.

ودعت أطراف تعنى بالدفاع عن مصالح المستهلك إلى ضرورة تدخل الدولة لتعديل الأسعار ومراقبة السوق، علاوة على ترشيد الاستهلاك والحفاظ على القطيع.

وقالت ثريا التباسي، مساعدة رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، “المنظمة تدعو للحفاظ على القطيع الذي يُهرّب جزء منه نحو الجزائر وليبيا، في المقابل المواطن يعيش وضعية صعبة جدّا ويعاني من غلاء الأسعار”.

وأضافت لـ”العرب” قائلة “نحن لا ندعو إلى مقاطعة عيد الأضحى للحفاظ على القطيع، بل نطالب بترشيد الاستهلاك وتدخّل الدولة لتعديل الأسعار في السوق وتوفير الأضاحي”.

وتابعت التباسي “الوضعية الآن غير مريحة ولم نتعوّد على الالتجاء إلى مفتي الجمهورية للحصول على فتوى بإلغاء ذبح الأضاحي في العيد، كما أن الأزمة الاقتصادية شاملة في مختلف أنحاء العالم”.

وبخصوص استيراد اللحوم والأضاحي من الخارج، أوضحت التباسي أن “شركة اللحوم في تونس يمكن لها أن تقيّم الوضع وتحدد النوايا بخصوص استيراد اللحوم في وقت تفتقر فيه إلى العملة الصعبة”. ووفق أرقام رسمية تحتل محافظة سيدي بوزيد (وسط) المرتبة الأولى في عدد الأضاحي، حيث بلغ الإنتاج 313 ألف رأس خروف في الموسم الماضي.

1