تحذيرات من انهيار منظومة الأدوية في تونس

الصيدلية المركزية التونسية تعاني من ديون متراكمة بلغت 219 مليون دولار.
السبت 2022/12/24
صعوبات تعترض الصناعة المحلية للأدوية

تونس - تتواصل أزمة فقدان الأدوية في تونس مع انتشار الفايروسات الموسمية، ويصطدم المواطنون بنقص في العديد من الأدوية كتلك المتعلقة بالأمراض المزمنة والخطيرة، وسط تحذيرات الخبراء من انهيار المنظومة الصحية في البلاد.

وأزمة الأدوية في تونس متوارثة منذ سنوات، مع غياب إستراتيجيات واضحة من قبل الدولة لإنقاذها. وتتعمق الأزمة في الصيدليات الخاصة أو في صيدليات المستشفيات العامة، في خطوة يرى مراقبون أنها مؤشر على تدهور المنظومة الصحية برمّتها، فضلا عن تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

وكشفت جمعية الصيادلة في بيان لها أن حوالي 690 دواء مفقودا في تونس، من بينها أدوية الأمراض المزمنة والخطيرة.

الهاشمي الوزير: هناك نقص في بعض أنواع الأدوية وأخرى مفقودة
الهاشمي الوزير: هناك نقص في بعض أنواع الأدوية وأخرى مفقودة

وأكد رئيس جمعية الصيادلة ناظم الشاكري أن “فقدان الأدوية وصعوبات التزود في تونس وصلا إلى مرحلة تمس كل الفئات والشرائح العمرية ومختلف أنواع الأمراض ولم يعودا يقتصران على بعض الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة”، قائلا إن “الصيادلة يحاولون توفير أدوية جنيسة للمرضى بالتشاور مع الأطباء في حال تطلبت حالتهم الصحية تلقي أحد الأدوية المفقودة”.

وأفاد الشاكري بأن “العديد من الحلقات في سلسلة التزود بالأدوية تضررت اليوم، ومن أهمها الصندوق الوطني للتأمين على المرض الذي أصبح عاجزا عن القيام بدوره، كما أن الصيدلية المركزية تعاني من نقص في السيولة بسبب الديون وتراكم مستحقاتها، مما يحيل إلى صعوبات في التزود”.

وأوضح أن “تدخل رئيس الدولة في الموضوع من شأنه أن يفرز حلا فيما يتعلق بديون الصيدلية المركزية، حيث لم يتم لمس أي رغبة في حلحلة هذا الملف من المسؤولين المتعاقبين على الدولة”.

وأكد أن فقدان الأدوية والاضطراب في التزود في تونس يشملان أدوية ضدّ مرض الصرع وضغط الدم والسكر والعلاج الكيميائي للمصابين بأورام سرطانية، إضافة إلى أدوية للتخفيف من ارتفاع درجات الحرارة لدى الأطفال، وهو ما يستدعي التدخل في أسرع وقت ممكن.

وتعاني الصيدلية المركزية من ديون متراكمة تجاه المزودين تقدر بنحو 700 مليون دينار تونسي (219 مليون دولار ).

وقال عبدالستّار الزواري وهو صاحب صيدلية، إن ” النقص دائما موجود ومنذ ما يزيد عن 30 سنة، واحتدمت الأزمة الآن في ظل نقص الأدوية في العالم”.

وأضاف الزواري لـ”العرب” “الفايروسات الموسمية في هذه الفترة عمّقت نقص الدواء باعتبار تزايد الطلب على الأدوية ومحدودية الكميات المتوفرة”.

وتقتني شركات التوزيع الأدوية من الصيدلية المركزية أو شركات تصنع الأدوية المحلية لتبيعها لاحقا للصيدليات الخاصة. وتحتكر الصيدلية المركزية في تونس عملية استيراد الأدوية من الخارج.

وقال الهاشمي الوزير مدير معهد باستور “لاحظنا نقصا في بعض أنواع الأدوية في الصيدليات وأخرى غير متوفرة”.

أزمة صحية تفاقم أزمات تونس
أزمة الدواء تفاقم أزمات تونس

وأكّد الوزير في تصريح لـ”العرب” أنه “يوجد انتشار للفايروسات الموسمية مثل النزلة الموسمية وكذلك ارتفاع في عدد حالات الإصابة بفايروس كوفيد - 19”.

واضطر تونسيون إلى الاستنجاد بأقاربهم في الخارج لتأمين الأدوية وإرسالها إليهم، فصفحة “تونسيزيان أون فرانس” تنشر فيها يوميا، تقريبا، نداءات البحث عن أشخاص قاصدين تونس ليتم إرسال الأدوية معهم.

في المقابل، أكد رئيس النقابة التونسية للصيدليات الخاصة نوفل عميرة أنّ عدد الأدوية التي تشهد نقصا في السوق التونسية يتراوح بين 270 و320 دواء، معتبرا أنّ ذلك يُعد رقما كبيرا خاصّة وأنّ نسبة كبيرة من تلك الأدوية مورّدة.

وقال في تصريح لإذاعة محلية إن “أسعار الأدوية في تونس متدنية مقارنة بدولة الجزائر وليبيا وأنّ الصناعة المحلية للأدوية تعاني من شحّ المواد الأولية في تونس”.

نقابة مزودي الأدوية بالجملة في تونس تعلن التوقف عن النشاط احتجاجا على عدم استجابة السلطات لمطالبهم بتخفيف الأعباء الضريبية

وأكد عميرة “ليس لنا في المنظومة لجنة موحدة للأسعار، المشكلة في تونس أنّ وزارة التجارة تحدّد أسعار جميع المواد بما في ذلك الأدوية، في حين أنّ الاحتياجات تعلمها وزارة الصحة وليست وزارة التجارة”.

وقال رئيس النقابة التونسية للصيدليات الخاصة إنّ “تونس تضمّ أكثر من 30 مؤسسة مصنّعة للأدوية والعدد قابل للارتفاع إلى 50 مؤسسة تصنّع الأدوية محليا”.

وسبق أن أعلنت نقابة مزودي الأدوية بالجملة في تونس التوقف عن النشاط احتجاجا على عدم استجابة السلطات لمطالبهم بتخفيف الأعباء الضريبية.

وطالب نقابة الصيدليات، الموزعة للأدوية بالجملة، السلطات بتمكينها من “شهادة إعفاء من الخصم من المورد”، ما يعني إعفاءات ضريبية عن مبيعاتها من الأدوية في 2022، بسبب أزمتها المالية المتراكمة وهو طلب لم تستجب له السلطات. وكان القطاع حصل بشكل استثنائي على الإعفاء ذاته في عام 2006.

وأقرت وزارة الصحة في تونس، في وقت سابق، بالأزمة المالية الخانقة التي تعيشها بعض مخابر الأدوية والصيدلية المركزية، وشددت على ضرورة الانطلاق الفوري في الإصلاحات العاجلة لقطاع الأدوية على غرار ترخيص الترويج بالسوق الخارجية وإحداث الوكالة الوطنية للأدوية والعمل على تسوية وضعية ديون الصيدلية المركزية للبلاد التونسية.

وتعاني تونس من أزمة اقتصادية ازدادت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد منذ أن فرض الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية في 25 يوليو 2021.

4