أشكال مبتكرة من الاحتجاج والتظاهر في المنطقة الزرقاء لقمة المناخ

الحكومة المصرية التي تواجه حملة ضارية في ملف حقوق الإنسان، استعدت جيدا للتعامل مع مثل هذه التظاهرات وما يحصل فيها من تجاوزات.
الأربعاء 2022/11/09
ألم يحن الوقت بعد؟

شرم الشيخ (مصر) – بصوت عذب قوي وحماس بالغ شدا أليكس كارلين عازفا على أنغام غيتاره خلال رحلة في الأتوبيس الأخضر الذي أقل المشاركين إلى قاعة المؤتمرات في شرم الشيخ، حيث مقر انعقاد قمة المناخ، وسط تفاعل وتصفيق الركاب.

أليكس صحافي وناشط بيئي من مدينة كاليفورنيا الأميركية ويعيش في روسيا، تحدث لـ”العرب” قائلا إنه يستخدم موسيقاه وصوته في أغان تتضمّن احتجاجا على تدمير البيئة وتوعية بقضايا المناخ واهتماما بالطبيعة عبر الأغنيات.

وأكد أليكس أنه لم يتعرض لمضايقات خلال ممارسة أنشطته أو أغنياته عن البيئة وتدمير الإنسان، ويجد تفاعلا لافتا عندما يغني في أي مكان في مصر.

يستخدم موسيقاه وصوته في أغان احتجاجا على تدمير البيئة وتوعية بقضايا المناخ
يستخدم موسيقاه وصوته في أغان احتجاجا على تدمير البيئة وتوعية بقضايا المناخ

 وتقام فعاليات قمة المناخ في منطقتين أساسيتين، الأولى إسمها المنطقة الزرقاء وتديرها الأمم المتحدة وتشهد المفاوضات وتواجد مسؤولين ونشطاء والوكالات الأممية، وتضم الفعاليات الرسمية وأجنحة الدول.

أما المنطقة الخضراء فهي على مسافة قريبة وتقع في الجهة المقابلة لنظيرتها الزرقاء وتديرها الحكومة المصرية ومفتوحة للجمهور والناشطين الذين قاموا بالتسجيل عبر موقع الأمم المتحدة، وتضم عددا من الورش والفعاليات، وتقع داخلها المنطقة المخصصة للاحتجاجات.

وتوجد في مدخل القاعات الرئيسية بالمنطقة الزرقاء مجموعة من نشطاء البيئة من جنسيات مختلفة، يصطفون على جانبي المدخل منذ الصباح الباكر، ويرتدي بعضهم ملابس تشبه أشكال الحيوانات مثل البقر، ويرفعون لافتات تحمل شعارات مختلفة، من بينها “كن نباتيا.. وكفّ عن القتل” و”الحل الأخير لتجنب التحور الوبائي” و”كن نباتيا لتنقذ كوكب الأرض” أو “لا تأكلني”، ويطالبون بالتحول إلى النظام النباتي والتوقف عن قتل الحيوانات، لأن ذلك يخفّض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على حد قولهم.

وقالت إحدى المتظاهرات تدعى صن شاين (من أصول فيتنامية تعيش في ألمانيا)، وهو إسم مستعار تطلقه على نفسها، لـ”العرب” إنهم يتظاهرون لتوعية المشاركين في القمة بأهمية النظام النباتي والتحول إلى هذا النظام الغذائي لإنقاذ الحيوانات وكوكب الأرض، وتخوض كل ذلك على نفقتها الخاصة وتنفق الكثير من الأموال من أجل هذا الهدف.

وأضافت أنها تتحمل تكاليف إقامتها وانتقالاتها في قمة المناخ من أجل قضية تؤمن بها، وجاءت بصحبة أختها لعرض مطالبها، وتريد إيصال صوتها ليساعدها الجميع ويدعمون قضيتها، وتفعل ذلك من أجل مصلحة الأطفال وكل سكان العالم.

وقد شاركتها الرأي زميلتها في هذه التظاهرة، وتطلق على نفسها أيضا إسما مستعارا هو “بيسبول”، مؤكدة لـ”العرب” أهمية النظام النباتي لإنقاذ العالم من الدمار.

منطقة التظاهرات على حدود المنطقة الخضراء لا يفصلها سوى سياج، وتبتعد نحو ثلاثة كيلومترات في الجهة المقابلة للمنطقة الزرقاء

في الجهة الأخرى من المدخل الرئيسي لقاعات المؤتمر التقت “العرب” تون هودجمان (أميركي من أصول آسيوية) الذي أثنى على تعاون المنظمين معه، معتبرا أنهم يتعاملون مع الجميع بلطف ويسمحون لهم بالتواجد في الأماكن المخصصة بسهولة، وهو حريص على الاستجابة.

وكشف لـ”العرب” أنه لم يتقدم بطلب، سواء إلى الأمم المتحدة أو إلى مصر، لإقامة هذه الوقفة يوميا، ولم يحصل على تصريح، ويحاول التعاون مع المنظمين قدر الإمكان، ومنح مراسلة “العرب” كعكة مصنوعة من التوت بمكونات نباتية خالصة يوزعونها على المشاركين في القمة، وصرح بأنهم مستمرون في التظاهر طوال أيام القمة.

وأقيمت الوقفة خارج المساحة المخصصة للتظاهرات في المنطقة الخضراء، وفي صدارة المدخل وعلى مرأى من العناصر الأمنية المصرية والأشخاص التابعين للأمم المتحدة، ودون مضايقات أو تدخلات.

ومن المتوقع أن تتكرر الوقفات ذات الطابع الغنائي والفولكلوري في غير أماكن التظاهر المخصصة للنشطاء، وربما لن تلتزم بها سوى المؤسسات المصرية.

ومع انطلاق اليوم الأول لفعاليات القمة الأحد أقام بعض النشطاء المصريين والأجانب وقفة احتجاجية تتعلق بالعدالة المناخية، والتزم منظمو التظاهرة بعملها في المنطقة الرسمية المخصصة لذلك بعد الحصول على التصريحات اللازمة.

Thumbnail

واصطف العشرات من جنسيات مختلفة، من بينهم مصريون، حملوا لافتات تطالب بالعدالة المناخية للمرأة الأفريقية ورسومات كارتونية تحض على وقف الانبعاثات السامة.

وقال الناشط البيئي المصري وعضو مؤسسة شباب القادة خالد رأفت لـ”العرب” إنه يشارك في التظاهرة لإيمانه بأن الدول المتقدمة حققت ثورات صناعية لأكثر من جيل، ما تسبب في الانبعاثات بشكل كبير، ويواجه العالم مخاطر، “وجئنا للمطالبة بالعدالة المناخية وحث الدول الكبرى على المساعدة في التخلص من هذه الأضرار”.

وأكد أنه لا يعلم شيئا عن الاشتراطات التي وضعتها مصر والأمم المتحدة لتنظيم التظاهرات، وهو غير عابئ بها، والمهم له أن تصل رسالته إلى كل القادة، وأن تطالب الدول النامية بحقوقها وتصر عليها، مضيفا “دورنا مساعدة القادة الذين يمثلوننا، فنحن التمثيل الشعبي الضاغط والواعي بهذه الحقوق”.

وأوضح أنه لم تصله اشتراطات وتعليمات، “لكن من البديهي الحرص على تمرير صوتنا بطريقة صريحة، وليس بالضرورة أن يصل بالسخرية أو التهكم أو استخدام لغة بذيئة أو تحريضية”.

تقع منطقة التظاهرات على حدود المنطقة الخضراء، لا يفصلها سوى سياج، وتبتعد نحو ثلاثة كيلومترات في الجهة المقابلة للمنطقة الزرقاء ويتواجد فيها زعماء العالم، وهي منطقة فسيحة يقف على مدخلها عدد من عناصر الشرطة المصرية.

وفي حين يتساءل البعض كيف سيرى أو يسمع قادة العالم مثل هذه المطالبات المقامة بعيدا؟ يقول رأفت “إن صوتهم سيصل لأن هناك وسائل إعلام تقوم بنقل وتغطية هذه التظاهرات، ويتواجد ممثلو المجتمع المدني والهيئات التابعة للأمم المتحدة، لذا نحن قادرون على إيصال صوتنا، وإن كنا بعيدين عن المنطقة الزرقاء التي يتواجد فيها القادة”.

Thumbnail

وشاركت في هذه الوقفة مؤسسات مصرية، بجانب أشخاص متفرقين من جنسيات أفريقية وأوروبية، خصوصا من السيدات، وحاولت “العرب” التحدّث إلى هؤلاء السيدات لكنهن اعتذرن عن الإدلاء بتصريحات صحفية، دون توضيح.

مي التلاوي رئيسة مؤسسة القيادة المصرية للتنمية (LEAD)، وهي من الجهات المشاركة في التظاهرات وحضرت القمة بوصفها مراقبة من مؤسسات المجتمع المدني، أوضحت لـ”العرب” أنهم تقدموا بطلب لوقفة سلمية لدعم قضية العدالة المناخية بهف تسليط الضوء على الالتزامات المفروضة على الدول المتقدمة تجاه الدول النامية، وهي رسالة دولية تحث الدول المتقدمة على الوفاء بتعهداتها للدول النامية، ودعم حقوق المرأة الأفريقية والشرق أوسطية في ما يعرف بالعدالة المناخية.

وحول ابتعاد منطقة التظاهر عن منطقة تواجد القادة وصناع القرار، وكيفية وصول صوت المتظاهرين ومطالبهم إلى القادة، قالت التلاوي “من خلال وسائلنا الخاصة والأحداث الجانبية والفعاليات التي تقام على هامش القمة في المنطقة الزرقاء نقوم بذلك، وثمة حضور لمنظمات المجتمع المدني كجزء من تسليط الضوء على القضايا التي يتبناها المجتمع المدني، وضرورة أن يكون لها دور فعال”.

ويبدو أن الحكومة المصرية التي تواجه حملة ضارية في ملف حقوق الإنسان بالتزامن مع قمة المناخ خلال الفترة من السادس حتى الثامن عشر من نوفمبر الجاري، استعدت جيدا لهذه التظاهرات، وعند تجاوز أحد المتظاهرين للخطوط الحمراء غالبا ما يتم اللجوء إلى ضبط النفس والتعامل وفقا لقواعد الأمم المتحدة، حيث تعد التظاهرات من السمات الأساسية لقمم المناخ.

1