انتظارات اقتصادية وسياسية من زيارة بودن إلى فرنسا

تطلعات لجلب الاستثمار ومعالجة الاقتصاد التونسي وتجاوز الجمود الدبلوماسي.
الخميس 2022/09/01
الزيارة لها أبعاد اقتصادية وسياسية

تهدف زيارة رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن إلى فرنسا والمشاركة في ملتقى روّاد الأعمال إلى إنقاذ الاقتصاد المحلي المأزوم من خلال جلب فرص الاستثمار من أكبر الشركات الفرنسية.

تونس - تعلّق تونس آمالا كبيرة على زيارة رئيسة الحكومة نجلاء بودن إلى فرنسا، وسط تطلّعات الخبراء والمراقبين إلى أن تكون زيارة مثمرة اقتصاديا وسياسيا، خصوصا في ظلّ جمود النشاط الدبلوماسي للسلطات، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

وبحثت رئيسة الحكومة التونسية مع جيفروي رو دي بيزيو رئيس مجمع مؤسسات فرنسا (ميديف) سبل تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين والوسائل الكفيلة بتعزيز استثمارات الشركات الفرنسية في تونس، خاصة في القطاعات التنافسية والمبتكرة وذات القيمة المضافة العالية في بلادها، مثل الطاقات المتجددة والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي.

وأدت نجلاء بودن زيارة إلى العاصمة الفرنسية باريس للمشاركة كضيفة شرف في ملتقى رواد الأعمال، والذي عقد في الفترة من التاسع والعشرين حتى الحادي والثلاثين أغسطس المنقضي، ورافق بودن وفد رسمي ضم وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نايلة نويرة القنجي، وسامية الشرفي قدور مستشارة رئيسة الحكومة.

محمد ذويب: الزيارة لها أبعاد اقتصادية وستجلب لتونس بعض الاستثمارات الفرنسية

وشاركت بودن في حفل الافتتاح الرسمي إلى جانب رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، ورئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراوسكي ورئيس مجمع مؤسسات فرنسا، ووفد من كبار رجال الأعمال التونسيين برئاسة رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول. وأجرت بودن محادثات مع كبار المسؤولين في عدد من الشركات الفرنسية الكبرى والشركات الناشئة الراغبة في الاستثمار في تونس.

كما أكدت بودن خلال كلمة أمام أعضاء مجمع مؤسسات فرنسا بباريس على انعقاد الدورة الـ18 لقمة الفرانكفونية بجزيرة جربة السياحية (جنوب تونس) في موعدها المقرر دون تغيير وذلك يومي يومي التاسع عشر والعشرين نوفمبر 2022، فضلا عن انعقاد المنتدى الاقتصادي للقمة، قائلة "تونس وبالتحديد جربة ستحتضن قمة الفرانكفونية في نوفمبر القادم والمنتدى الاقتصادي ومرحبا بالجميع”، وقد تم الإعلان عن تاريخ القمة من قبل ممثلي لجنة التنظيم بوزارة الخارجية خلال مؤتمر صحافي عقد بتونس يوم الثامن والعشرين يونيو الماضي، فيما سيعقد المنتدى الاقتصادي للقمة يومي العشرين والحادي والعشرين نوفمبر 2022، ووجهت بودن الدعوة الرسمية لشركاء تونس من مجمع مؤسسات فرنسا للحضور بكثافة خلال هذه القمة.

ويقول مراقبون سياسيون إن الزيارة تحمل أبعادا اقتصادية بالأساس، في خطوة لإنقاذ الاقتصاد المحلي المأزوم من خلال جلب فرص الاستثمار من أكبر الشركات الفرنسية.

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي محمد ذويب أن “الزيارة ذات أبعاد اقتصادية من مجمع مؤسسات فرنسي يجمع تقريبا 10 آلاف مستثمر، وكانت وزيرة الصناعة بصحبة رئيسة الحكومة ومن المؤكد أن الغاية الأساسية هي اقتصادية وتهدف إلى جلب الاستثمارات الأجنبية وخاصة الفرنسية إلى تونس باعتبار أن العلاقات التونسية – الفرنسية وطيدة ومستقرة خاصة في الفترة الأخيرة بعد مباركة فرنسا لنتائج الاستفتاء". وأضاف لـ"العرب" أن الزيارة "لها أبعاد اقتصادية أساسا وأعتقد أنها ستجلب لتونس بعض الاستثمارات الفرنسية".

ويرى متابعون أن فرنسا أيضا تسعى لتنشيط علاقاتها الاقتصادية والإستراتيجية مع دول جنوب المتوسط وخصوصا تونس، في ظلّ تداعيات الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا وانعكاساتها السلبية على الإنتاج.

باسل الترجمان: فرنسا تعي مصالحها الإستراتيجية مع تونس وهي ملزمة بإعادة تنشيط علاقاتها مع الجنوب

وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “الزيارة كانت مبرمجة من قبل، ونجلاء بودن تحاول إخراج تونس من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت فيها حكومات التوافق السياسي بقيادة حركة النهضة في العشرية السوداء".

وصرّح لـ"العرب" أن "الزيارة ليست للتجوّل أو زيارة المتاحف في ظل الوضع الذي تعيشه تونس، ولا أعتقد أن نجلاء بودن لديها الوقت لتؤدي زيارات ليس لها معنى، كما أن فرنسا تعي تماما مصالحها الإستراتيجية مع تونس، وهي ملزمة بأن تعيد تنشيط علاقات الجوار مع الجنوب في ظلّ تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية”، مشيرا إلى أن “فرنسا هي الشريك الاقتصادي الأول لتونس”.

وتسعى تونس التي تعاني أسوأ أزمة مالية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي مقابل إصلاحات يصفها خبراء اقتصاد بـ”المؤلمة” لضبط الاختلالات المالية المزمنة. وتشمل الإصلاحات المقترحة من صندوق النقد الدولي زيادة أسعار الوقود والكهرباء وتجميد رواتب القطاع العام، وهي خطوات يرفضها بشدة الاتحاد العام التونسي للشغل.

وفي وقت سابق أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مكالمة هاتفية جمعته بالرئيس التونسي قيس سعيّد أنّ “إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور في الخامس والعشرين يوليو يُعد خطوة مهمة في عملية الانتقال السياسي الجارية حاليا في البلاد”، وفق بلاغ للإليزيه.

وذكّر ماكرون بـ"ضرورة استكمال إصلاح المؤسسات في إطار حوار شامل"، مشددا على احترام بلاده لسيادة تونس. كما ناقش رئيسا الدولتين الوضع الاقتصادي للبلاد ومفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي، وذكّر الرئيس الفرنسي نظيره التونسي بأنّ تونس يمكن أن تعتمد على دعم فرنسا. وناقش الرئيسان أيضا الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على الأمن الغذائي والطاقة.

4