هل يمنع القانون الانتخابي المرتقب في تونس مشاركة الأحزاب في الانتخابات؟

تتصاعد الدعوات السياسية المطالبة بالتعجيل في سنّ قانون انتخابي جديد استعدادا لانتخابات 17 ديسمبر وسط مخاوف من منع القانون الجديد مشاركة الأحزاب في الانتخابات لصالح الاقتراع على الأفراد.
تونس - طرح الاستعداد للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في تونس نهاية العام الجاري، تساؤلات لدى المراقبين والنقّاد بشأن مشاركة الأحزاب من عدمها، خصوصا بعد التوجه نحو تغيير القانون الانتخابي إلى الاقتراع على الأفراد عوض الاقتراع على القائمات الحزبية، وهو ما قد يمنع حضور الأحزاب.
وفي انتظار وضع القانون الانتخابي الجديد استعدادا لانتخابات 17 ديسمبر، أعلنت بعض الأحزاب عن مشاركتها، بينما عبّرت أخرى عن مقاطعتها للحدث، في حين ارتأت أطراف أخرى المزيد من الترّقب.
وأكد أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي، أن “الحزب سيشارك في الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في 17 ديسمبر المقبل”.

زهير حمدي: الأحزاب ستحضر بالأفراد أو بالقائمات وليس هناك مانع للمشاركة
وأفاد المغزاوي، في تصريح لوسائل إعلام محلية الخميس بأن “المجالس الجهوية للحركة بصدد الانعقاد خلال هذه الفترة في إطار التحضير لخوض الرهان الانتخابي”، مضيفا أن “المجلس الوطني لحركة الشعب سينعقد في 3 سبتمبر المقبل استعدادا للمشاركة في الانتخابات”.
وتواترت الدعوات السياسية المطالبة بالتعجيل في سنّ قانون انتخابي جديد، كخطوة لإزالة الغموض الذي ما زال يكتنف المشهد العام بالبلاد.
ووضعت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، التي ترأسها عياض بن عاشور في سنة 2011 والتي كلفت بتكوين مؤسسات تشرف على الانتقال الديمقراطي في تونس، نواة القانون الحالي.
ويمنع النظام الانتخابي استفراد أيّ حزب بغالبية حكم، ويؤدي دوما عبر قانون أكبر البقايا إلى برلمان مفتت لا جامع بين مكوناته سوى التعطيل المتبادل.
وتقول أطراف سياسية، إن صيغة القانون الانتخابي سواء كانت عبر الاقتراع على الأفراد أو القائمات لا تمنع مشاركة الأحزاب في الاستحقاقات القادمة، داعية إلى ضرورة تنقية المناخ الانتخابي.
وأفاد زهير حمدي، أمين عام التيار الشعبي، بأن “نظام الاقتراع على الأفراد والقائمات ليس له أي علاقة بالأحزاب، لأن الأحزاب ستحضر بالأفراد أو بالقائمات، وليس هناك مانع للمشاركة، باعتبارها فاعلا رئيسيا في الحياة السياسية”.
وقال لـ”العرب”، “كل حزب سيرشح أسماء من الدوائر التابعة له باسمه وليس بصفة مستقلّة، ونحن من دعاة نظام الاقتراع على الأفراد، وما يهم بالأساس هو تنقية المناخ الانتخابي وتحديد ضوابط للترشّح”.
وتابع زهير حمدي”القانون يجب أن يكون صارما في تحديد الشروط وتمويل الحملات والجرائم الانتخابية، فضلا عن دور الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمؤسسات الإعلامية”.
مسألة إصلاح النظام الانتخابي بمختلف عناصره وفي مقدمتها تعديل القانون الانتخابي باتت ضرورة ملحّة
واعتبر مراقبون أن دعوات التغيير كان يجب أن تطرح بقوّة مع ظهور نتائج تقرير محكمة المحاسبات بشأن مراقبة الانتخابات التشريعية والرئاسية لعام 2019، والتي كشفت خروقات حزبية كثيرة، وأن مسألة إصلاح النظام الانتخابي بمختلف عناصره وفي مقدمتها تعديل القانون الانتخابي باتت ضرورة ملحّة.
وطرحت النتائج التي نشرتها محكمة المحاسبات في تقريرها بشأن مراقبة الانتخابات التشريعية والرئاسية التونسية التي جرت أواخر العام 2019، وكشفت جملة من الخروقات الحزبية، مسألة إصلاح المنظومة الانتخابية بمختلف عناصرها وفي مقدمتها تعديل القانون الانتخابي بالبلاد.
وقال المحلل السياسي، باسل الترجمان، “القانون جاء كمطلب للكثير من القوى السياسية التي طالبت بتغيير القانون الانتخابي واعتبار من لديهم أحكام قضائية وتبييض أموال وقضايا فساد ليس لهم مكان في البرلمان الجديد”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “الآن القانون، هو قانون انتخاب على الأفراد، ومن حقّ أي حزب ترشيح أيّ كان، وهناك من دخلوا بقائمات ولم يسمع بهم أحد ولا يعرفهم عموم الناس، مشروع قانون جديد والناس تنتخب من تريد، وهذه هي أسس الديمقراطية”.
وأردف الترجمان “مسؤولية الأحزاب في نجاحها أو فشلها ليست مسؤولية القانون، وقانون آخر البقايا أوصل أشخاصا إلى البرلمان ومثلوا الشعب”، لافتا “سيكون انتخابا نزيها وحرا ومباشرا لمن يراه الشعب مناسبا”.

باسل الترجمان: في قانون الانتخاب على الأفراد من حقّ أي حزب ترشيح أيّ كان
وعلى عكس حركة الشعب التي أعلنت مشاركتها في الموعد الانتخابي المرتقب، خيّرت أطراف أخرى التريث والانتظار، في حين عبّرت أطراف معارضة عن مقاطعة الحدث.
واعتبرت حركة تونس إلى الأمام الأربعاء، أنّ “إمضاء الدستور يُعدّ حدثا مهمّا في تاريخ تونس الأمر الذي كان يستوجب إنجازه في موكب احتفالي ينسجم مع طبيعة الحدث”.
ودعا الحزب في بيان له، إلى “ضرورة اعتماد مسار تشاركي في صياغة القانون الانتخابي باعتبار أهميته في التّأثير على صيرورة الانتخابات التّشريعية المقبلة ونظرا إلى أنّ المسألة تتجاوز الشّكلية إلى ضرورة توفير انتخابات نزيهة شفّافة تُجرّم التّزوير وتقطع مع المال الفاسد ومع كل آليات التحيّل للتّأثير على النّاخب”.
ونددت الحركة بـ”كلّ محاولات القوى الأجنبية التدخّل في شأننا الدّاخلي والتّأثير في قراراتنا المستقلة وخاصة منها الولايات المتّحدة تحت يافطة الدّيمقراطية”، مستنكرة “نزعة الاستقواء بالأجنبي التي انتهجتها بعض القوى في بلادنا والتي وصلت حدّ الدّعوة إلى التدخّل المباشر من أجل إيقاف ما سمّوه بتقويض المسار الدّيمقراطي”.
وفي المقابل أعلن أمين عام حزب العمال حمة الهمامي عن “عدم المشاركة في الانتخابات القادمة المزمع تنظيمها في شهر ديسمبر المقبل”، واصفا الانتخابات القادمة بـ”المهزلة مثلها مثل الاستشارة الإلكترونية والاستفتاء”.