نشاط السيارات الإدارية يثير جدلا واسعا في تونس

ملف السيارات الوظيفية يفاقم أزمة تونس المالية.
الأحد 2022/08/14
سيارات إدارية تثقل كاهل الدولة

تونس - انتقد خبراء ومراقبون موضوع السيارات الوظيفية الذي يعدّ من الملفات الشائكة في تونس منذ سنوات، وأكد هؤلاء وجود جملة من التجاوزات والإخلالات التي تكرّس فسادا إداريا ووظيفيا من خلال استغلال تلك السيارات في خدمة المصالح الشخصية على حساب المصالح العامة للتونسيين.

وأفاد المراقب العام لأملاك الدولة والمنسق العام لفرق مراقبة السيارات الإدارية محمد بوهلال أن “إستراتيجية تمتيع الموظفين الإداريين بحق امتلاك وشراء السيارات الوظيفية والإدارية بسعر رمزي هي تجربة قديمة جدا وتعود إلى سنوات 1970 و1980 وكان توجه الحكومة في تلك الفترة”.

وأضاف في تصريح لإذاعة محلية أن “هذا المقترح لم تنتفع به إلا حالات قليلة جدا ولكن يبقى هذا الملف موضوع دراسة منذ 2005 على مستوى رئاسة الحكومة ولم يصدر فيه قرار نهائي إلى اليوم لأنه يتطلب دراسة سلبياته ومنافعه أولا، وهي من مشمولات رئاسة الحكومة لا غير”، لافتا إلى أن “لكل وزارة ميزانيتها الخاصة للتصرف في أسطول السيارات الإدارية ولكن الأرقام والتكاليف العامة هي لدى المرجع الوحيد وهي وزارة المالية”.

حسن بن جنانة: أكثر من 5 آلاف سيارة إدارية مجهولة الوظيفة ودون مراقبة

وحسب بوهلال “هناك 94 ألف سيارة للدولة والنصيب الأكبر منها لسيارات الاستعمال المصلحي وتمثل نحو 92 في المئة أي ما يمثل 86 ألفا و356 سيارة”، مضيفا أن “من بين هذا العدد 34438 سيارة يمكن استخدامها لنقل الأشخاص بما فيها سيارات المنشآت العمومية، والبقية من الأسطول العام هي جرارات وعربات نقل عمومي ومعدات خاصة ونصف مجرورات”.

ويرى خبراء أن عدد السيارات الإدارية في تونس يتجاوز تلك الموجودة ببعض البلدان الأوروبية، فضلا عن استخدام سيارات أخرى دون رقابة وهو ما يزيد من نفقات الدولة.

وأفاد الخبير الاقتصادي حسن بن جنانة أن “عدد السيارات الإدارية في تونس أكثر منه في فرنسا بمرتين، وأكثر من كندا بثلاث مرات، ومن السويد والدنمارك بأربع مرات، وهذا ما يجسّد وجود تجاوزات خاصة بعد ثورة يناير 2011”.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “هناك أكثر من 5 آلاف سيارة إدارية مجهولة الوظيفة ودون مراقبة، وعلى السلطات أن تقرّر إما منح السيارات الإدارية لمختلف الموظفين الإداريين أو منعها كليا على الجميع”، مشيرا إلى أن “وزارة الفلاحة والصيد البحري أكبر وزارة بها سيارات وظيفية”.

واقترح بن جنانة “تعويض السيارات الإدارية بمنح وظيفية لتقليص كلفتها على الدولة وترشيد النفقات”.

ودعا مراقبون إلى ضرورة مراجعة القوانين والتشريعات المتعلقة باستخدام تلك السيارات، علاوة على تطوير طرق مراقبتها بعيدا عن الأساليب التقليدية.

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي “هناك تجاوزات، ويفترض أن كل سيارة إدارية لها مهمة معينة، لكن مع الأسف هناك نوع من السرقة والتحيّل والفساد أيضا، وهو ما يقتضي ضرورة مراجعة القوانين والتشريعات المتعلقة بذلك”.

وأضاف لـ”العرب” أنه “لا بدّ من الحوكمة الرشيدة ومراقبة الإجراءات بخصوص هذه السيارات، من خلال القيام بحملات مراقبة من فرق الشرطة وغيرها”، مشيرا إلى أن “الترفيع في قيمة الخطايا المالية لا يمكن أن يحدّ من هذه الممارسات”.

نبيل الرابحي: الترفيع في قيمة الخطايا لا يحدّ من هذه الممارسات

ومنذ سنة 2017 أصدرت وزارة أملاك الدولة أمرا قانونيا بأمر حكومي يخول للفرق المشتركة لمراقبة السيارات الإدارية الراجعة بالنظر إلى الوزارة تحرير مخالفات تحال على الإدارة وتحرير محاضر شخصية تفتح بالقباضات المالية تجاه المخالفين لتراتيب استعمال السيارات الإدارية.

وبين محمد بوهلال أنه تم خلال شهر يونيو 2021 تنقيح قيمة الخطية المالية للمخالفة الخاصة باستعمال السيارة الإدارية في غير محلها لتصل إلى 60 دينارا (19.14 دولار)، مؤكدا أن “عدم خلاصها في الوقت المحدد ينجر عنه تطبيق الإجراءات القانونية نفسها لاستخلاص الأموال العمومية المطبقة على صاحب السيارة العادية”.

وبين أن “عدد القضايا المرفوعة حول استخدام موظفين لسيارات إدارية والتي تسببت في أضرار بشرية قليل، ويتولى المكلف بنزاعات الدولة التابع للوزارة متابعة مآلها القضائي”، مؤكدا أن “من يثبت تعمده الإضرار بالسيارة الإدارية فإنه يتحمل المسوؤلية المدنية والإدارية كاملة ويتم تغريمه من قبل إدارته بجبر الضرر الذي انجر عن استخدام السيارة وهو مجبر بتعويض الإدارة مصاريف الإصلاح وقيمة التعويض التي تحددها المحكمة ضد المتسبب في الضرر يتم اقتطاعها من راتبه أو يفرض عليه دفع الغرامة بحكم قرار المحكمة”.

وفي وقت سابق كشف تقرير لدائرة المحاسبات حول إهدار الطاقة في ما يخص السيارات الإدارية في تونس أن عمليّة نموذجية تعلقت بمتابعة 5 سيارات إدارية باستغلال منظومة متابعة السيارات عن بعد، أظهرت إفراطا في استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 25 في المئة.

وقدرت الدائرة قيمة الوقود الممكن توفيره بـ3 ملايين دينار في حال تم تعميم تجربة متابعة أسطول السيارات الإدارية عن بعد (دون اعتبار السيارات التابعة للمؤسسات العمومية والبلديات).

2