حزب سياسي يخرُج من رحم النهضة التونسية وفي خدمتها

قيادات مستقيلة من الحركة الإسلامية تستعد لإطلاق حزبها.
الجمعة 2022/05/06
رحلة البحث عن واجهة جديدة

بعد أشهر عن خروجها من حركة النهضة تستعد القيادات المستقيلة لإطلاق حزب سياسي جديد يقولون إنه سيكون محافظا، لكنّ أوساطا سياسية تونسية تعتبر أن الحزب سيكون في خدمة الحركة رغم نفي قياداته ذلك.

تونس - سرعت قيادات منشقة عن حركة النهضة الإسلامية في تونس من وتيرة تحركاتها للإعلان عن تأسيس حزب جديد ترى أوساط سياسية أنه سيكون بمثابة ذراع جديدة للحركة.

وتنفي القيادات المعنية بالحزب الجديد ذلك، مشيرة إلى أن الحزب سيكون محافظا لكن لا مرجعية دينية له، في إشارة إلى القطع مع حركة النهضة الإسلامية التي يحملها جزء كبير من الشارع مسؤولية أزمات تونس التي تشهد مسارا سياسيا انتقاليا يقود الرئيس قيس سعيد.

وقالت القيادية المستقيلة من حركة النهضة أمال عزوز إنه “جاري الاشتغال على تقديم حزبنا الجديد على أنه نهضة 2، نحن لسنا نهضة 2 أو 3 رغم أنني شخصيا مثلا أمضيت عمري في الحركة، لكن نحن لسنا نهضة وبضاعتنا ليست ببضاعة النهضة”.

حاتم العشي: الحزب الجديد الذي سيتأسس هو فرع من فروع النهضة

وتابعت عزوز في تصريح لـ“العرب” أن “التونسيين سيكتشفون ذلك في المحاور التي سنطرحها، في هوية الحزب وبرامجه، لكن هذا يحتاج إلى الفعل، نحن نطرح أخلقة السياسة والقيم السياسية".

وأوضحت أن "المجموعة الموجودة حاليا وتستعد لتأسيس الحزب نصفها من المستقيلين من النهضة، لكن منذ خروجنا بدأت الناس تلتحق بنا سواء من المهجر أو الداخل، هؤلاء لديهم طرح سياسي جديد وحزبنا سيكون متخلصا من الأيديولوجيا التي جعلت أصحابها يرون أنهم يملكون الحقيقة ويريدون تغييرا قسريا، نحن نرى أن ليس هذا ما تحتاجه تونس".

لكنّ أوساطا سياسية تونسية تعتقد أن الحزب سيكون بمثابة الذراع الجديدة لحركة النهضة التي تخوض صراعا مفتوحا مع الرئيس سعيد، فيما تهاوت شعبيتها في الشارع.

وفي سبتمبر الماضي قدم 113 قياديا بارزا من نواب في البرلمان المنحل ووزراء سابقين استقالتهم من الحركة احتجاجا على أداء القيادة في أكبر ضربة للحزب الذي واجه انقسامات غير مسبوقة.

وأرجع المستقيلون قرارهم إلى "تعطل الديمقراطية الداخلية للحركة وانفراد مجموعة من الموالين لرئيسها بالقرار داخلها، ما أفرز قرارات وخيارات خاطئة أدت إلى تحالفات سياسية لا منطق فيها ولا مصلحة ومتناقضة مع التعهدات المقدمة للناخبين".

ورغم الاستقالة ظلت قيادات تتحرك وكأنها مازالت تحت عباءة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، على غرار المحامي سمير ديلو الذي ظهر في عدة مرات إلى جانب قيادات من النهضة أو قريبة منها بعد الخامس والعشرين من يوليو خاصة في إطار تحقيقات طالت تلك القيادات.

وقال الوزير السابق حاتم العشي إن "موقف حركة النهضة هو موقف الشخصيات التي تقف خلف هذا الحزب، يدافعون على نفس المواقف، لهم نفس الموقف من رئيس الجمهورية، أحيانا ينسون أنفسهم بأنهم خرجوا من حركة النهضة بالدفاع عنها".

وشدد العشي في تصريح لـ"العرب" على أن "الحزب الجديد الذي سيتأسس هو فرع من فروع حركة النهضة، ستكون الواجهة الخارجية مختلفة قليلا عن النهضة لكن ستكون لهم نفس المرجعية".

أمال عزوز: جاري الاشتغال على تقديم حزبنا الجديد على أنه نهضة 2

وأضاف أن "هذا الحزب لن ينجح في كسب تأييد شعبي شأنه شأن بقية الأحزاب التي تعاني في هذه المرحلة من العجز في كسب قاعدة شعبية، باستثناء الحزب الدستوري الحر الذي يواصل التصدر حتى في استطلاعات الرأي مع ‘حزب قيس سعيد’ في إشارة إلى أنصاره الذين هم في الشارع ثم نسبة قليلة حركة النهضة، إذا كان هذا الحزب سيكون عند الناس بمثابة نهضة ثانية لن يجد مدا شعبيا ولا مساندة".

ويأتي ذلك في وقت تحاول فيه الحركة التصعيد مع رئيس الجمهورية، خاصة بعد إعلانه الأخير المتعلق باستبعاد المعارضة التي تمثل هي أحد رموزها من الحوار الوطني المرتقب إجراؤه في وقت لاحق.

ويلف الغموض مستقبل الحركة التي قادت البلاد في العشرية التي تلت ثورة السابع عشر من ديسمبر 2010، خاصة بعد نزيف الاستقالات الذي شهدته بسبب تشبث الغنوشي بالتمديد له برئاسة الحركة.

والخلافات جدت أساسا حول مؤتمر الحركة الحادي عشر الذي ماطل الغنوشي في عقده للبقاء في رئاسة الحزب ما أدى إلى تمرد قيادات ووجوه تاريخية في الحزب عليه.

لكن الأهم يبقى مصير ملف حركة النهضة في علاقة بتقرير محكمة المحاسبات المرتبط بانتخابات 2019 التشريعية وأيضا مزاعم معارضيها بأن الحركة تملك جهازا أمنيا سريا وغيرها من الملفات.

4