القضاء يتجه إلى إسقاط قوائم النهضة وقلب تونس في البرلمان

يتجه القضاء التونسي إلى تفعيل تقرير محكمة المحاسبات الذي يتّهم حزبي حركة النهضة الإسلامية وقلب تونس وجمعية "عيش تونسي" بتلقي أموال أجنبية خلال الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في العام 2019، ما يمهّد لحل البرلمان. وهي خطوة ترجح أوساط سياسية أن يخطوها رئيس الجمهورية قيس سعيد في السابع عشر من ديسمبر الجاري الذي أصبح عيد الثورة بموجب قرار رئاسي.
تونس - قالت أوساط سياسية تونسية إن القضاء يتجه نحو إصدار أحكام تقضي بإسقاط قائمات حركة النهضة الإسلامية وحزب قلب تونس التي شاركت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العام 2019 تفعيلا لتقرير محكمة المحاسبات، ما قد يُفضي مباشرة إلى حل مجلس النواب تمهيدا لإصلاحات سياسية شاملة تعهد الرئيس قيس سعيد بالقيام بها.
ويأتي ذلك في وقت شدد فيه سعيد على ضرورة تنقية المشهد السياسي من أجل تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية المرتقبة بعد أشهر عن اتخاذه للإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.
وقال سعيد مساء الاثنين إن “التشريعات التي وضعها المجلس النيابي لا شرعية ولا مشروعية” مضيفا خلال لقائه بعدد من المسؤولين القضائيين في بلاده، أن “تقرير محكمة المحاسبات صادر عن محكمة وليس عن سلطة إدارية أو سياسية وله بالتالي حجّية بالرغم من أنه يحمل صفة التقرير لا الحكم، ولا بدّ بقطع النظر عن التسمية، ترتيب النتائج القانونية على هذا التقرير”.
وجاء حديث الرئيس التونسي في وقت أفادت فيه تسريبات بأن محاكم جهوية في البلاد بدأت بالفعل في تنفيذ مخرجات التقرير المذكور، الذي تتهم من خلاله حركة النهضة الإسلامية وقلب تونس بتلقي تمويلات أجنبية خلال الانتخابات العامة التي أُجريت في العام 2019.
وذكرت وسائل إعلام محلية الثلاثاء بأن المحكمة الابتدائية بمحافظة (ولاية) جندوبة اقترحت في أول تقرير لإصدار حكم ابتدائي حول التقرير المذكور إسقاط قائمة حركة النهضة في محافظة الكاف (شمال غرب).

عبدالعزيز القطي: القضاء سيحسم تقرير محكمة المحاسبات بعد تحرره من القيود
وحاولت النهضة، التي تواجه تهما أخرى تتعلق باللوبيينغ، استباق هذه التطورات بشن هجوم حاد الاثنين على خصومها، حيث قالت المحامية زينب براهم إن الحركة لم تتحصل على أي تمويل أجنبي خلال انتخابات 2019، معتبرة أن هناك محاولة لتلبيس الوقائع في قضية التمويل الأجنبي الواردة في تقرير محكمة المحاسبات. وأقرّت بأن النهضة لم توقع أي عقد لوبيينغ خلال فترة الانتخابات، لا بطريقة مباشرة ولا عن طريق توكيل ولا عن طريق أي مُنتسب إلى الحركة.
وفي المقابل اعتبر سامي الطريقي المحامي والقيادي في الحركة، أنّ النهضة تتعرض لحملة تشويه ولمحاولة إسقاط قائماتها في الانتخابات التشريعية لسنة 2019 عبر الضغط على القضاء.
وقالت أوساط سياسية تونسية مطلعة إن القضاء سيتحرك ضد الأحزاب التي اتهمها تقرير محكمة المحاسبات، بعد أن تحرر مما وصفته بالضغوط الممارسة عليه قبل الخامس والعشرين من يوليو الماضي.
واعتبر الناشط السياسي عبدالعزيز القطي أن “القضاء سيتجه إلى حسم ملف تقرير محكمة المحاسبات بعد أن تحرر من القيود السياسية، التي كانت ممارسة عليه من قبل من كانوا في السلطة وعلى رأسهم حركة النهضة والأحزاب الحليفة لها من خلال خلق جزء من القضاء موال لها لخدمة مصالحها”.
وتابع القطي في تصريح لـ”العرب” أن “تلك السياسة التي انتهجتها حركة النهضة نجم عنها ترك الملفات القضائية في الرفوف لتعطيل مسار العدالة وتجنب حل الملفات الهامة على غرار تقرير محكمة المحاسبات، بعد الخامس والعشرين من يوليو تحرر القضاء بفضل القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد”.
محمود البارودي: سعيد سيحل البرلمان في 17 ديسمبر، وقد يحل النهضة أيضا
وفي المقابل، لم تستبعد دوائر سياسية أخرى أن يُقدم الرئيس سعيد على حل البرلمان في السابع عشر من ديسمبر الجاري الذي أصبح يمثل عيد الثورة بمقتضى مرسوم رئاسي، خاصة أنه أشار الاثنين إلى أنه سيعلن عن المرحلة القادمة حتى تخرج تونس من الوضع الذي تردت فيه مشددا على أن مؤسسات الدولة تعمل في تناغم وتكامل مستمرين.
وقال الناشط السياسي والمحلل محمود البارودي إن “الرئيس قيس سعيد سيحل البرلمان عبر مرسوم رئاسي في السابع عشر من ديسمبر الجاري، استنادا إلى تقرير محكمة المحاسبات بشأن الانتخابات الأخيرة”.
وأوضح البارودي لـ”العرب” أن “الإجراءات التي سيتخذها الرئيس سعيد قد تشمل أيضا حل حركة النهضة بسبب الاتهامات التي تواجهها في ما يخص تقرير المحكمة وكذلك قضية اللوبيينغ”.
ومن جهته، أكد رئيس حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي الثلاثاء أن السابع عشر من ديسمبر المقبل سيشهد زلزالا (سياسيا) في البلاد من خلال قرارات سيعلن عنها الرئيس سعيد.
وأضاف البريكي في تصريحات لوسائل إعلام محلية أنه “تحادث مع رئيس الجمهورية بالتزامن مع مظاهرات مبادرة مواطنون ضد الانقلاب (وهي احتجاجات نظمها خصوم سعيد في وقت سابق) وكان حديثه مطمئنا، حيث أكد أن لا رجوع لما قبل الخامس والعشرين من يوليو”.
وكانت محكمة المحاسبات، التي تُعد أعلى هيئة قضائية رقابية في تونس، قد كشفت في تقرير لها أن حركة النهضة الإسلامية تعاقدت مع شركة دعاية وضغط أميركية من أجل تلميع صورة الحركة.
كما اتهم التقرير حزب قلب تونس الذي يرأسه رجل الأعمال نبيل القروي بتعاقده مع شركة ضغط أجنبية بقيمة 2.85 مليون دينار، وتم تحويل جزء من قيمة العقد عبر حساب بنكي غير مصرح به وهو حساب زوجته.
وانتقد الرئيس سعيد مرارا القضاء بسبب التباطؤ في إصداره أحكامه النهائية من خلال التقرير المذكور، وذهب مؤخرا إلى حد التلويح بإصدار مراسيم تفعل مخرجاته، ما يعني مباشرة إسقاط القوائم الحزبية المتهمة بتلقي تمويلات أجنبية أو ارتكاب مخالفات قانونية خلال الانتخابات الأخيرة.