الأردن يمدد العمل بقانون الدفاع المثير للجدل

عمان – أصدر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة أمرا بتمديد العمل بقانون الدفاع المثير للجدل في المملكة بداية من يناير العام المقبل، على الرغم من الدعوات الداخلية والخارجية إلى إنهاء العمل به لانتفاء أسبابه.
ويرجح مراقبون أن تلقى الخطوة غضبا لدى الشارع الأردني المستاء من أزمة اقتصادية أثرت بشكل كبير على مقدرته الشرائية وارتفعت معها نسبة البطالة، بينما فقد الآلاف من العاملين مصادر دخلهم بسبب قانون الدفاع.
ومنذ أكثر من عام ونصف تم إقرار العمل بقانون الدفاع بموجب مرسوم ملكي أردني بناء على طلب من مجلس الوزراء آنذاك، لمواجهة كورونا.
وتنص المادة 124 من الدستور الأردني على أنه “إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع”، وهو بمثابة قانون طوارئ يعطي صلاحيات واسعة غير مقيدة وغير مكتوبة لرئيس الوزراء.
وتنص المادة 22 من قانون الصحة العامة الأردني الصادر عام 2008، على أنه “إذا تفشى مرض وبائي في المملكة أو أي منطقة فيها، فعلى الوزير أن يتخذ جميع الإجراءات وبصورة عاجلة، لمكافحته ومنع انتشاره”.
ووفقا لقانون الدفاع تم إيقاف الزيادات على الرواتب للقطاع العام، وتخفيض الرواتب وساعات العمل للعاملين في القطاع الخاص، وفقدان الدخل كاملا للعاملين برواتب يومية أو لحسابهم الخاص.
وقال المحلل الاقتصادي مازن مرجي “كل ذلك أدى إلى فقدان مئات الآلاف من العاملين مصادر دخلهم، وبالتالي أضعف قدراتهم المالية، وسبب لهم عجزا عن الوفاء بالتزاماتهم واحتياجاتهم العائلية الأساسية”.
ويعاني الأردن من بطالة مزمنة بلغت ارتفاعا غير مسبوق العام الجاري حيث وصلت إلى 50 في المئة في أوساط الشباب الأردني، وفق ما أعلنت عنه منظمات غير حكومية أردنية.
وفي ظل تحسن لافت في الوضع الوبائي، سمحت الحكومة الأردنية بإعادة العمل في مختلف القطاعات وألغت حظر التجوّل بشكل كامل، وهو تطور ينهي الأسباب المعلنة التي دفعت إلى اتخاذ القرار.
وإلى جانب تأثيراته الاقتصادية، تتهم أطراف داخلية وخارجية عمان باستغلال القانون في قمع الاحتجاجات الشعبية والتضييق على الحريات الفردية في المملكة.
ويقول مراقبون إنه لم يعد هناك مبرر منطقي لاستمرار العمل بالقانون سوى استغلاله في التضييق على الحريات والتصدي لاحتجاجات شعبية وشيكة، باتت ظروف اندلاعها مهيأة مع اتساع هوة الفقر لدى الأردنيين وانكماش اقتصادي ساهم في توتّر الأجواء الاجتماعية.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وجه رئيس الحكومة السابق عمر الرزاز، إبان صدور مرسوم إقرار العمل بالقانون، بأن “يكون تطبيقه والأوامر الصادرة بمقتضاه في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية، ويحافظ عليها، ويحمي الحريات العامة والحق في التعبير، التي كفلها الدستور”.
واعتبر النائب في البرلمان الأردني صالح العرموطي أن “استمرار العمل بقانون الدفاع من شأنه وقف العمل بكل قوانين الدولة، ويصبح صاحب القرار في الدولة هو شخص رئيس الوزراء فقط أو من يفوضه”.
وأضاف “الواجب، ونحن دولة المؤسسات والقانون، وقف العمل بقانون الدفاع، لأنه أصبح قانون جباية وتضييق على الحريات وحقوق المواطنين والتعسف في استعمال الحق، وانعكس سلبا على القطاع الاقتصادي”.
وتابع “الأصل أن يطبق قانون الصحة العامة، وهو يفي بالغرض ويغطي كل ما يجب”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات الأردنية إلى “إنهاء العمل بقانون الدفاع، والتوقف عن استخدامه كغطاء للحد من حريات الأفراد والكيانات السياسية والنقابية والمجتمعية”.
واعتبر المرصد أن “استمرار العمل بقانون الدفاع يؤكد السلوك الانتقائي في تطبيق القانون، خاصة مع استخدام السلطات القانون ذريعة لتقييد الحريات العامة في عدة أحداث شهدتها البلاد منذ مارس 2020”.
وذكر أن “السلطات الأردنية استخدمت قانون الدفاع للحد من الحريات العامة، ومن ذلك قرارها بإغلاق نقابة المعلمين بصفة غير قانونية بتاريخ الخامس والعشرين من يوليو 2020، وقمع الاحتجاجات التي رافقت الأزمة، حيث احتجزت حينها نحو 720 معلما عدة ساعات بحجة تطبيق أوامر الدفاع”.
ورأى أن “تفعيل قانون الصحة العامة سيكون كافيا لمواجهة أي تغير سلبي حاد على الحالة الوبائية، كما أن مواصلة العمل بقانون الدفاع تشكل تعطيلا لحياة المواطنين”.