منظمات حقوقية تدعو السلطات الليبية إلى سحب قانون الجرائم الإلكترونية

حقوقيون يشيرون إلى أن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الجديد ينص على مصطلحات غير دقيقة تمنح للجهات القضائية سلطة تقديرية واسعة للحد من حرية التعبير.
الاثنين 2021/11/15
القانون يسمح بالرقابة الشاملة على الجمهور والصحافيين

طرابلس- دعت مجموعة من المنظمات السلطات الليبية إلى سحب قانون الجرائم الإلكترونية المصادق عليه مؤخرا من قبل مجلس النواب وعدم تطبيقه، نظرا لكونه يحد بصفة كبرى من حرية التعبير في الفضاء الإلكتروني كما يسمح بالرقابة الشاملة على الجمهور والصحافيين، ويبيح للسلطة التنفيذية حجب المواقع والمحتوى دون إذن قضائي.

وصادق مجلس النواب في جلسته العامة بتاريخ السادس والعشرين من أكتوبر الماضي على قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، ويأتي هذا التصويت في لحظة استثنائية تعيشها ليبيا، حيث من المزمع إجراء انتخابات رئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر.

◄ المنظمات الموقعة تحذر من خطورة استخدام هذه المادة لاستهداف ومعاقبة الصحافيين، أو المبلّغين عن الفساد والمدافعين عن حقوق الإنسان

وشددت 31 منظمة حقوقية، في بيان مشترك، على أنه “سيكون من الضروري ضمان حرية الرأي والتعبير والصحافة، بما في ذلك في الفضاء الإلكتروني، حتى يتسنى لهذه الانتخابات أن تكون حرة ونزيهة وشفافة”.

وأشار البيان إلى أن القانون “تم التصويت عليه بسرعة”، واعتُمد مشروع القانون المقترح “بعد يوم واحد فقط على طرحه في أجندة المجلس، ودون التشاور مع المجتمع المدني الليبي، سواء من جمعيات أو منظمات أو نشطاء في المجال الرقمي أو المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان”.

وتعتبر المنظمات المعترضة على قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الجديد أنه ينص على عدة مصطلحات فضفاضة وغير دقيقة، تمنح للجهات القضائية في ليبيا سلطة تقديرية واسعة للحد من حرية التعبير على الإنترنت، حيث نصت المادة الرابعة على أن استخدام الإنترنت ووسائل التقنية الحديثة يعد مشروعا شريطة احترام النظام العام والآداب العامة، معتبرة بذلك أن كل استعمال فيه مخالفة لهذه المفاهيم غير الدقيقة غير مشروع، كما يعاقب القانون بحسب المادة الـ37 بالسجن لمدة قد تصل إلى خمسة عشر عاما وغرامة مالية باهظة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ليبي، كل من بث إشاعة أو نشر معلومات أو بيانات تهدد الأمن أو السلامة العامة في الدولة أو أي دولة أخرى.

وحذّرت المنظمات الموقعة من خطورة استخدام هذه المادة لاستهداف ومعاقبة الصحافيين، أو المبلّغين عن الفساد والمدافعين عن حقوق الإنسان أو غيرهم من مستخدمي الإنترنت، وتجريم نشر ومشاركة أي محتوى يوثّق انتهاكات حقوق الإنسان أو يعارض السياسات العامة في ليبيا، أو أي معلومات ذات مصلحة عامة مشروعة.

◄ مشروع القانون المقترح أعتمد بعد يوم واحد فقط على طرحه في أجندة مجلس النواب ودون التشاور مع المجتمع المدني

كما يبيح القانون للسلطات الليبية في مادته السابعة حق الرقابة الشاملة على كل ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي وأي نظام تقني آخر، بالإضافة إلى تمكين الهيئة الوطنية لسلامة وأمن المعلومات، وهي هيئة إدارية تقنية تابعة للحكومة، من حجب المواقع والمحتوى دون أحكام قضائية، وذلك تحت مبرر شبهة إثارة “النعرات العنصرية أو الجهوية أو الأفكار الدينية أو المذهبية المتطرفة التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره”.

وبحسب المنظمات تكمن خطورة هذا التشريع وصبغته القمعية في مادته الـ35، التي تقضي بحبس كل من علم بارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو بالشروع فيها، رغم المعنى العام والفضفاض للعديد من المصطلحات والنصوص المستعملة فيه.

وأكدت المنظمات أن “جميع هذه المواد الفضفاضة والمطاطية مخالفة لمعايير حقوق الإنسان الدولية والمادة الـ19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”. وتابعت “كما أن أي تقييد لحق الرأي والتعبير لأسباب تتعلق إما باحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، أو بحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، يجب أن يكون محددا بنص القانون، وأن يخضع لشروط محدودة واختبارات صارمة لاستيفاء شرطيّ الضرورة والتناسب”.
وأشارت إلى أن الإعلان الدستوري الليبي لسنة 2011 ينص في مادته الرابعة عشرة على التزام الدولة بأن تضمن حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة والنشر.

16