الصحافيون في جريدة "إطلاعات روز" الأفغانية: اعتذار طالبان خدعة

كابول - شكك صحافيو جريدة "إطلاعات روز" ذات الشعبية الكبيرة في أفغانستان في تعهد ساروج العمري، عضو اللجنة الإعلامية التي تم تشكيلها حديثًا من قبل طالبان، بالتحقيق في واقعة تعرضهما لضرب مبرح من قبل عناصر الحركة المسلحة، وذلك خلال تغطيتهما لتظاهرة نسائية في العاصمة الأفغانية للمطالبة بالحفاظ على حقوق المرأة.
وتعد صحيفة “إطلاعات روز” ثاني أكثر الصحف اليومية قراءة في البلاد ولديها مئات الآلاف من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمكن مراسلوها من الكشف عن العديد من الأخطاء الحكومية بما في ذلك ممارسات التوظيف التمييزية والفساد والإفراط في الإنفاق الذي أدى إلى استقالة مسؤولين وإجراء تغييرات في الحكومات.
وإثر سقوط الحكومة السابقة وتولي طالبان إدارة المرحلة الانتقالية اختفت معظم مصادر تمويل الصحيفة من إعلانات ومساعدات غربية، مما جعل من الصعب تغطية التطورات في جميع أنحاء البلاد، وبعد أن كان المحررون ينتجون من أربعة إلى خمسة تقارير متعمقة يوميًا، أصبحوا يكتفون بتقرير واحد.
وبالإضافة إلى ذلك انخفض عدد الموظفين من 45 إلى 20 فقط، والذين بحسب المشرفين على الجريدة لا يزال لديهم بعض الشجاعة لمواجهة ضغوط حركة طالبان.
ويقول مدير تحرير الجريدة زكي دريابي إنه يشكك في قيمة وجدوى تلك التعهدات، وفقا لما ذكرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية.
وكان العمري قد ذكر أن حركة طالبان تعرب عن أسفها لما حدث، قبل أن يستدرك قائلا “أشعر بالحزن عندما أرى صورا وفيديوهات تعرض الصحافيين للضرب، ولكن يجب على الصحيفة ومحرريها أن يكون لديهم حس أكبر بالمسؤولية”.
لجنة حماية الصحافيين اعتبرت أن وعود طالبان السابقة بالسماح لوسائل الإعلام بالعمل بحرية "غير ذات قيمة"
وأضاف “تلك الاحتجاجات التي نظمتها (بعض النساء) كانت غير قانونية، وبالتالي عليكم أن تكونوا أكثر حذرا تجاه التغطية، ونحن بدورنا سوف نحقق بشأن ما حدث”.
وعندما سئل العمري عن المخاوف المتزايدة بشأن قمع وسائل الإعلام من قبل طالبان قال “هذه الصورة خاطئة”، منوها إلى أن الحركة سوف تعلن قريباً عن “آلية جديدة” لكيفية عمل وسائل الإعلام، وأنها ستكون “أكثر حرية ووضعها أفضل مما كان عليه في عهد الحكومة السابقة”.
ولفت إلى أنه سوف يسمح للنساء بمواصلة العمل في قطاع الإعلام ، ولكن عند الضغط عليه بالسؤال عما إذا كانت المؤسسات الإعلامية والصحافيون سوف يحتاجون إلى تنظيم عملهم وفقًا للقوانين الدينية الصارمة، أومأ العمري برأسه مجيبا “سنكون أكثر حرية من الماضي، لكن يجب أن يكون لكل حرية إطار”.
من جهته قال دريابي معلقا على تلك “الزيارة التصالحية والمفاجئة” إنها كانت بـ”مثابة خدعة”، مضيفا “بعد أن اعتذر (المسؤول في حركة طالبان) أخبرني بأنه يجب أن نكون أكثر حرصًا، وأن تعرض صحافيينا للتعذيب كان خطأنا.. وأن العمل الإعلامي هو الذي تسبب لزملائنا في ذلك. ولكني أتمنى حدوث تحقيق فعلي ونزيه”.
وكان المئات من الصحافيين الأفغان قد غادروا البلاد، ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين لم يتمكنوا من الرحيل أو الذين قرروا البقاء فإنهم يرون أسوأ مخاوفهم قد تحققت من خلال مجموعة من المراسيم والترهيب والاعتداءات الجسدية التي تعرضوا لها، إذ فقدت العديد من غرف الأخبار موظفيها أو جرى إخماد أصواتهم أو إجبارهم على فرض الرقابة الذاتية على أنفسهم.
وفي الأيام الأخيرة جرى اعتقال ما لا يقل عن 14 صحافياً جراء تغطية الاحتجاجات في كابول قبل أن يطلق سراحهم لاحقا بعد أن تعرض تسعة منهم للضرب، وفقاً للجنة حماية الصحافيين التي اعتبرت أن وعود طالبان السابقة بالسماح لوسائل الإعلام بالعمل بحرية “غير ذات قيمة”.
وفي السياق ذاته قال أحمد قريشي رئيس مركز الصحافيين الأفغان (منظمة دعم إعلامي) إن حوالي 80 في المئة من المنافذ الإعلامية قد أغلقت أو تعمل جزئيًا فقط، بسبب مخاوف أمنية أو مشاكل مالية أو عدم اليقين بشأن مستقبلها في ظل حكومة طالبان.
وأشار إلى أن الصحافيين الأجانب الذين يعملون لصالح وسائل إعلام دولية مازالوا حتى الآن يمارسون نشاطهم بحرية.