النواب في صميم معركة قيس سعيد على الفساد

الرئيس التونسي يقرّ بتحقيق نواب لثروات طائلة بعد تقلدهم مناصب في الدولة.
السبت 2021/09/04
لا مجال للعودة إلى الوراء

يواصل الرئيس التونسي قيس سعيد المعركة ضد الفساد، حيث أكد أنه سيحيل ملفات عدد من النواب على القضاء، ولن يسمح لأحد بالعبث بالدولة أو الشعب، علاوة على محاكمة من أجرموا في حق الشعب.

تونس - قال الرئيس التونسي قيس سعيد إنه سيحيل ملفات عدد من النواب الذين تتعلق بهم شبهات فساد على القضاء، متهما أشخاصا لم يسمهم بالتآمر لضرب مؤسسة رئاسة الجمهورية، فضلا عن آخرين حققوا ثروات طائلة مستفيدين من تقلدهم لمناصب في الدولة.

وأكد قيس سعيد الخميس حصول نائب في البرمان على مبلغ ألف وخمسمئة مليون دينار (537.73 مليون دولار)، ذاكرا أن هذا النائب كان قد تقلد مناصب في الدولة.

وتحدث سعيد وهو يتصفح أوراقا بما يشير إلى ملف ووثائق تتعلق بهذه الشخصية التي قال إن ملفها وملفات أخرى ستحال قريبا على القضاء.

وكشف أن لديه وثائق تُثبت تورط العديد من الشخصيات في قضايا مالية، ذاكرا زوجة محام قال إن لها ثروة تقدر بمئة مليون دينار (35.85 مليون دولار)، رغم أنها عاطلة عن العمل مقدما تفاصيل عن بعض ممتلكاتها.

وتعهد سعيّد بكشف أسماء المتورطين في فساد مالي وأخلاقي وفي ابتزاز رجال الأعمال، مبينا أن هناك وثيقة للحصول على الجنسية التونسية بمئة ألف دينار.

المنذر ثابت: الخطوة مهمة ويجب ألّا يتم توظيفها سياسيا

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد غير المسبوقة.

وترى أطراف حقوقية أن حجم الفساد في تونس كبير، وأن بعض الأحزاب مهددة بالحل النهائي إذا أثبت القضاء تورطها في قضايا فساد مالي وإداري.

وأفاد رابح الخرايفي الباحث في القانون الدستوري والنيابي أن “ما ترتب على حركة الخامس والعشرين من يوليو (الإجراءات الاستثنائية للرئيس) هو إسقاط الصفات المتعلقة بالفساد على غرار النائب والقاضي والمسؤول وغيرهم، وهذا مهم جدا في إنفاذ القانون”.

وأضاف في تصريح لـ“العرب” أن “حديث سعيد فيه بعد سياسي وتهيئة للرأي العام وإعداده لما سيترتب عن القرارات لاحقا، والجانب القانوني هو أن سعيد الآن هو رئيس النيابة العمومية ويخوّل إليه إحالة الملفات للقضاء”.

وتابع الخرايفي “حجم الفساد المالي في تونس يقدر بسبعة عشر ألف مليون دينار، وهناك أحزاب سياسية مهددة بالحل النهائي”.

ووصفت شخصيات سياسية خطوة الرئيس سعيد بـ”الهامة”، داعية إلى توسيع مجال الاشتغال على كشف الفساد وتحديد مصادره بعيدا عن التوظيف السياسي والإعلامي.

وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت في تصريح لـ”العرب” أن “القضاء هو الذي ينظر في هذه الملفات، والأرقام تحتاج إلى التدقيق وربما تشمل التهرب الجبائي وعملية غسيل الأموال، وهناك مؤشر خطير على حجم الفساد في المعنى العام”.

وأضاف “نحتاج إلى حماية مناخ الأعمال من الفساد من جهة، ومن الشعبوية من جهة ثانية”، قائلا “في تقديري هذه الملفات سيتابعها القضاء بطريقة أو بأخرى، فضلا عن ملفات أخرى مثل شبكات التسفير نحو بؤر التوتر”.

وتابع ثابت “يفترض أن يشمل هذا الإجراء طبقة رجال الأعمال، وهذه الخطوة الهامة يفترض ألاّ تتعلق بفئة معينة، والاشتغال عليها يجب أن يكون موضوعيا وحرفيا بعيدا عن التوظيف السياسي، وعلينا أن نحدد نمط حوكمة يقطع مع الفساد ونحدد مصادره”.

واستطرد “لا نريد أن يكون هناك تعاط سطحي مع الملفات، لأن رأس المال في تونس حاضنته الدولة، وغالبا ما كانت هذه الامتيازات على حساب القطاع العام”.

وتعتبر الحرب ضد أخطبوط الفساد طويلة ومعقدة لارتباطها بترتيبات قانونية وإجراءات قضائية في علاقة بالملفات ومعطياتها، حيث لا يزال بعضها رهن الرفوف والمكاتب.

واعتبر الرئيس سعيد أن هؤلاء جوعوا التونسيين ونكلوا بهم وتسببوا في إفلاس الدولة، مشيرا إلى “أنهم يجدون في بعض النصوص القانونية مخارج، الأمر الذي يبقي القضايا في رفوف المحاكم لعشرات السنين”.

واتهم البعض بأنهم وضعوا قوانين مقابل مبالغ مالية، قائلا “هناك فصل حاولوا تمريره بمئة وخمسين ألف دينار (53.77 ألف دولار)، فهل هذه شرعية أم سوق نخاسة؟”.

رابح الخرايفي: حجم الفساد المالي كبير وهناك أحزاب سياسية مهددة بالحل النهائي

وسبق أن فتح القضاء التونسي عددا من الملفات الشائكة والتي رافقها جدل واسع، حيث تم حظر السفر على عدد من المسؤولين بشبهة فساد مالي وإداري في صفقات استخراج الفوسفات ونقله بعد توقف الإنتاج في السنوات الأخيرة.

وقررت النيابة العامة حظر السفر على اثني عشر من المشتبه بهم في شبهات فساد مالي وإداري في صفقات استخراج الفوسفات ونقله، من بينهم وزير الصناعة الأسبق سليم الفرياني.

وطالب عدد من الجمعيات في بيان مشترك الرئيس سعيّد بالسماح للجهاز التنفيذي بتفعيل أكثر من 237 بطاقة جلب وأوامر صادرة عن محاكم تونسية ولم تنفذ.

وسبق أن أعلن الرئيس سعيد أن 460 شخصا نهبوا أموالا تونسية، عارضا عليهم تسوية حال إعادتها، مقدّرا حجم الأموال المنهوبة بـ4.8 مليار دولار.

وقال سعيد في كلمة مصورة إنه سيتم العمل على إعادة كل الأموال المنهوبة ومحاربة الفساد ومواجهة الضغوط المالية على تونس.

كما فتح القضاء تحقيقا ضد حركة النهضة وقلب تونس وجمعية “عيش تونسي” للاشتباه في تلقيها أموالا من الخارج خلال الحملة الانتخابية عام 2019.وفي الخامس والعشرين من يوليو الماضي قرر سعيّد تجميد عمل البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة وإقالة الحكومة، فيما تولى السلطة التنفيذية بنفسه، في تدابير أكد في حينه أنها ضرورية لإنقاذ مؤسسات الدولة.

وعاشت البلاد على وقع أزمة سياسية معقدة بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان)، لاسيما حركة النهضة التي كانت تقود الحزام السياسي لحكومة المشيشي واصطفت خلف رئيسها المقال.

4