كورونا يفرض على الأحزاب المغربية اعتماد التواصل الرقمي في حملاتها

الرباط - انطلقت الحملات الانتخابية للأحزاب المغربية باعتماد تقنيات التواصل الرقمي، نظرا للتدابير الاحترازية المدرجة في إطار حالة الطوارئ الصحية التي فرضها فايروس كورونا المستجد.
ودعت وزارة الداخلية المرشحين إلى عدم تجاوز عدد خمسة وعشرين شخصا في التجمعات العمومية بالفضاءات المغلقة والمفتوحة، وعدم تنظيم تجمعات انتخابية بالفضاءات المفتوحة التي تعرف اكتظاظا.
ومنعت الوزارة المرشحين من نصب خيام في الفضاءات العمومية وتنظيم الولائم، وأوصت بعدم تجاوز عدد عشرة أشخاص كحد أقصى خلال الجولات الميدانية، وخمس سيارات بالنسبة إلى القوافل مع ضرورة إشعار السلطة المحلية بتوقيت ومسار هذه الجولات.
وأكد الباحث في القانون العام والعلوم السياسية حمزة الأندلسي بن إبراهيم أن "الحملة الانتخابية لهذه السنة المؤطرة بتدابير الإجراءات الاحترازية فرضت على الأحزاب السياسية اعتماد نظام مزدوج للتواصل مع الناخبين؛ حيث لجأت هذه الأحزاب إلى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة الإلكترونية لترويج برامجها ومرشحيها وأيضا للتواصل المباشر مع الناخبين".
وأضاف في تصريح لـ"العرب"، أنه "منذ اليوم الأول للحملة تم توزيع المنشورات الانتخابية على سكان الأحياء التي اختارت الأحزاب الانطلاق منها في حملتها المباشرة مع ناخبيها”، مشددا على أن “مسألة التأثير على نتائج الانتخابات غير مطروحة بقوة لأن التصويت لم يرق بعد إلى منطق البرامج بقدر ما هو مرتبط بمنطق الأشخاص المرشحين من أعيان وعائلات وأصدقاء وجيران للناخبين".

واعتبر طيب حمضي، الدكتور الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن الحالة الوبائية تقتضي التفكير في بدائل جديدة للحملة الانتخابية، كعقد الاجتماعات "عن بعد" عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي من شأنها استقطاب عدد كبير من الناخبين على عكس الحملات العادية "التقليدية".
ويرى خبراء في التواصل السياسي أن وسائل التواصل الاجتماعي في الحملة الانتخابية لهذه السنة ستدعم التواصل المباشر بين المرشح الحزبي والمواطن المؤهل للتصويت، بالإضافة إلى أنها تعزز مكانة الأحزاب داخل المجتمع.
وقررت الوزارة منع توزيع المنشورات على الناخبين في الشارع والفضاءات العمومية ومقرات السكن، غير أنها أشارت إلى أنه يجوز للمرشحين وضع المناشير بأماكن يمكن رؤيتها والاطلاع على مضمونها مع تجنب توزيعها مباشرة بالأيدي.
ولا يعتقد حمزة الأندلسي بن إبراهيم أن منع التجمعات سيؤثر على الحملة الانتخابية أو نتائج الانتخابات لأن منطق التصويت لا يزال مرتبطا بالقرابة والأعيان، وإن كان هناك تأثير فإنه سيكون تأثيرا محدودا جدا.
وتنص مجموعة من القوانين الخاصة بالأحزاب والانتخابات على إجراءات تعزز المشاركة في الانتخابات وتنظيم الحملات بالاعتماد على وسائل التواصل الحديثة.
ولهذا يعتمد عدد من المرشحين من مختلف التنظيمات السياسية لأول مرة على شركات تعمل في مجال التقنيات والوسائل المتطورة لضمان الوصول إلى أكبر شريحة من المستهدفين من فئات عمرية مختلفة نظرا لتوفرها على قواعد بيانات يمكن استغلالها في الحملات الانتخابية بصيغتها الرقمية الحديثة.
وتدخل تكاليف الشركات المختصة في الرقميات ضمن تمويل الحملة الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية في الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب، فقد حدد قرار لرئيس الحكومة في السادس والعشرين من مايو الماضي المبلغ الكلي لمساهمة الدولة بـ160 مليون درهم (17.84 مليون دولار).
وقال مراقبون إن اعتماد الأحزاب السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي ليس مرتبطا بالاحترازات ضد كورونا فقط، بل أضحى من ضروريات التواصل، نظرا للتغييرات التي طالت المجتمع بكل فئاته.
وأكّدوا أن التواصل السياسي في الحملة الانتخابية لهذه السنة سيكون امتحانا عسيرا لكل التنظيمات السياسية في طريقة إقناع المواطن ببرنامجها الانتخابي.
وتفضل جل الأحزاب التواصل عبر فيسبوك وتويتر فيما يملك حزب العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار حسابين في إنستغرام، باعتبار أن عدد المغاربة الذين يملكون حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بلغ اثين وعشرين مليوناً هذا العام، بحسب موقع "ستاتيستا" المتخصص في الإحصائيات.
وقبل موعد الانتخابات المغربية في الثامن من سبتمبر المقبل جعلت العديد من القيادات الحزبية مواقع التواصل الاجتماعي منصة لإبراز نشاطاتها الحزبية والتواصلية، وذلك في محاولة جادة لاستقطاب فئة عريضة من المواطنين وتعزيز المشاركة السياسية لدى المسجلين باللوائح ومنهم الشباب.
ومن القيادات التي استغلت مواقع التواصل الاجتماعي في أنشطتها حميد شباط الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، وذلك لإبراز الوعود والبرامج الانتخابية.
ويرى سياسيون أن تنظيم الانتخابات في ظل جائحة كورونا فرض على الأحزاب السياسية التعامل بجدية مع ابتكار طرق جديدة للتواصل السياسي عكس ما كان عليه الحال في الحملات الانتخابية السابقة.