شباب من النهضة يحملون قيادة الحركة مسؤولية الفشل

تونس - توسّعت دائرة المعارضين لراشد الغنوشي داخل حزب حركة النهضة، حيث حمّل عدد من شباب الحركة ونوابها قيادة الحركة مسؤولية الفشل في إدارة الأزمات وتحقيق تطلعات التونسيين على امتداد عشر سنوات في السلطة.
ودعا نحو مئتي شاب من منتسبي حركة النهضة، بينهم خمسة نواب بالبرلمان، القيادة الحالية للحركة إلى تحمل مسؤولية ما اعتبروه تقصيرا في تحقيق مطالب الشعب التونسي، وتفهم حالة الاحتقان.
وقالوا في عريضة لهم “إن ذلك يعود إلى عدم نجاعة خيارات الحركة (53 مقعدا) وطريقة إدارتها للتحالفات والأزمات السياسية”، حسب تعبيرهم.
وطالب الموقّعون رئيس البرلمان ورئيس الحركة راشد الغنوشي بتغليب المصلحة الوطنية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتأمين عودة البرلمان إلى سيره العادي واستعادة الثقة في هذه المؤسّسة.
وأكد النائب عن حركة النهضة أسامة الصغير في تصريح لـ”العرب” وجود هذه العريضة، مشددا على أن “هدفها محاولة الإصلاح داخل الحركة”.
وترى أوساط سياسية تونسية، أن دائرة المعارضين لتوجهات الغنوشي في النهضة تتوسع، في وقت يتمسك فيه الرجل بالقيادة بعد أن حوّل الحركة إلى ملكيّة خاصة.
وأفاد الناشط السياسي رافع الطبيب أن “هذه التحركات تأتي في ظلّ المشاكل الداخلية للحركة”، مستدركا “ولكن عندما نقيّم حراكا داخل النهضة علينا أن نعي أنها ليست حزبا بل هي جماعة مبنية على أساس الغنيمة والعقيدة التي لا يحاسب فيها الشيخ”.
وأضاف في تصريح لـ“العرب”، “الغنوشي جعل الحركة تنخرط في محور معيّن، وهو يعتبرها ملكا خاصا، ولا يريد تسليم السلطة لغيره، والنهضة تحولت من حكم الحزب إلى حكم العشيرة ثم إلى حكم العائلة”.
وتابع “هناك شق في الحركة يحمّل الغنوشي مسؤولية الفشل، وهو (شقّ) يريد أن يتحول إلى خارج الحركة وبناء تنظيم جديد ليس إسلاميا بل حزبا ليبراليا محافظا يلتقي مع أطراف سياسية أخرى”.
واستطرد “لم يعد للنهضة امتداد شعبي، والحركة في طريقها إلى الانفجار من الداخل”.
وسبق أن أكد النائب عن كتلة الحركة أسامة الصغير، أن عريضة داخلية وقع توجيهها بمناسبة اجتماع مجلس شورى حركة النهضة، تدعو للقيام بعدد من المراجعات داخل الحركة.
وشدد الصغير على أن الأمر لا يتعلق ببيان صادر عن عدد من القيادات وشباب الحركة وإنما عريضة داخلية بمناسبة اجتماع شورى النهضة قائلا “إن هذه العريضة الداخلية تدعو مجلس شورى الحركة للقيام بمراجعات ومصارحة داخلية لما أوصل حركة النهضة وتونس إلى الوضع الحالي”.
كما تضمنت العريضة الدعوة إلى تعديل سياسة الحركة، مبينا أن “العريضة تضمنت أيضا دعوة لاتخاذ قرارات جوهرية تصلح وضع البلاد وتحافظ على مسار الديمقراطية في تونس”.
ويرى مراقبون أن تفرّد الغنوشي بالرأي عمّق الخلافات بين القيادات، وسط تنبّؤات بتشظي الحركة إلى مجموعات متصارعة في المستقبل.
وقال المحلل السياسي فريد العليبي في تصريح لـ”العرب”، “الحركة تعيش أزمة داخلية منذ مدة، وهناك أجنحة متصارعة داخلها، وهو ما أدى إلى انسحاب البعض الذيم قدموا استقالاتهم وأفصحوا عن خلافهم مع قيادتها، والسبب الجوهري هو تفرد رئيسها والتيار التابع له بسلطة القرار وإدارة شؤونها المالية واختيار التحالفات والعلاقات العربية والدولية”.
وأضاف “قرارات الرئيس الأخيرة واضطراب الحركة في التعامل معها عسّرا خروجها من تلك الأزمة بسرعة، وسوف يتطلب الأمر وقتا وسيكون مؤتمرها الوشيك حلبة لصراعات عاصفة قد تؤدي إلى انشقاقات كبيرة”، مرجّحا “تشظيها إلى مجموعات متصارعة والتحاق بعض قياداتها بأحزاب أخرى وتكوين أحزاب على هامشها”.
وسبق أن قال مجلس شورى الحركة، إنه يتفهّم الغضب الشعبي المتنامي، خاصة في أوساط الشباب بسبب الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي بعد عشر سنوات من الثورة، وأنها تحمل الطبقة السياسية برمتها كل من موقعه، وبحسب حجم مشاركته في المشهد السياسي، مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، ودعوتهم إلى الاعتراف والعمل على تصحيح الأداء والاعتذار عن الأخطاء.
ودعا المجلس في بيان صادر عنه إلى ضرورة التسريع بعرض الحكومة الجديدة على البرلمان لنيل ثقته، والانكباب في أقرب وقت على تعزيز جهود مكافحة فايروس كورونا، وتعبئة الموارد المستعجلة لميزانية 2021 وإعداد مشروع ميزانية 2022.
كما أشار إلى ضرورة رفع التعليق الذي شمل اختصاصات البرلمان حتى يستعيد أدواره ويرتب أولوياته بما تقتضيه المرحلة الجديدة، مبديا استعداده للتفاعل الإيجابي للمساعدة على تجاوز العراقيل وتأمين أفضل وضع لاستئناف المسار الديمقراطي.
ودعا البيان إلى إطلاق حوار وطني للمضي في إصلاحات سياسية واقتصادية تحتاجها البلاد في هذه المرحلة للخروج من أزمتها، والتعجيل باستعادة المالية العمومية لتوازناتها وللاقتصاد الوطني لعافيته، مشددا على ضرورة قيام النهضة بنقد ذاتي معمق لسياساتها خلال المرحلة الماضية والقيام بالمراجعات الضرورية والتجديد في برامجها وإطاراتها، لإعادة النظر في خياراتها وتموقعها بما يتناسب مع الرسائل التي عبر عنها الشارع التونسي وتتطلبها التطورات في البلاد.
وفي وقت سابق، وجّه حوالي مئة عضو من حركة النهضة من بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي الوطني ومجلس الشورى والكتلة البرلمانية فضلا عن بعض القيادات بالجهات والمحليات (على غرار عبداللطيف المكي ونورالدين العرباوي وفتحي العيادي وسمير ديلو وآخرين) رسالة مفتوحة إلى الغنوشي طالبوه فيها بالإعلان عن عدم الترشّح لرئاسة الحركة في المؤتمر القادم.