صورة اللاجئين السوريين في الصحف العربية تنميط معتاد للأزمات

قضايا اللاجئين السوريين في وسائل الإعلام العربية تأثرت بالتمويل والمواقف السياسية للدول التي توجد فيها هذه المنابر.
الاثنين 2021/08/09
صورة لا تعكس الواقع دائما

تأثرت تغطية قضايا اللاجئين السوريين في وسائل الإعلام العربية بالتمويل والمواقف السياسية للدول التي توجد فيها هذه المنابر، وانعكس ذلك على اتجاهات الجمهور.

وسعت الباحثة د.سمر علي حسن المدرسة بقسم الصحافة بكلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال جامعة السويس في دراستها “صورة اللاجئين السوريين.. كما تعكسها مواقع الصحف العربية” إلى التعرف على ملامح وسمات صورة اللاجئين السوريين في مجموعة من مواقع الصحف المصرية “الأهرام” و”اليوم السابع” و”العربية” و”الشرق الأوسط” و”القدس العربي” لمدة عام كامل وهو عام 2017.

وعملت على التعرف على أبرز الأطراف الفاعلة في القضية في تلك الفترة والأدوار المنسوبة إليها، وطبيعة القضايا التي ركزت عليها مواقع تلك الصحف في تناول شؤون اللاجئين السوريين.

وأكدت في دراستها الصادرة عن دار العربي أن المواقع الصحافية اتفقت في تقديم مجموعة من السمات الإيجابية والسلبية المنسوبة للاجئين السوريين، إلا أن معدل تكرار السمات الإيجابية طغى على السلبية في ثلاثة من مواقع الدراسة هي “الشرق الأوسط” و”الأهرام” و”اليوم السابع”، في إطار بروز مجموعة سمات إيجابية نُسبت لهم على رأسها: ضحايا مستضعفون – موضع ترحيب – متعلمون وأصحاب كفاءات عالية.

الصحف مطالبة بالتحلي بالمهنية بدلا من التركيز على أحداث وجرائم تحقق نسبة مقروئية عالية وتؤثر سلبا على صورة اللاجئين

من جهته، قدم موقع “القدس العربي” صورة يغلب عليها الطابع السلبي للاجئين من خلال تقديم مجموعة سمات سلبية نُسبت إليهم أبرزها: مصدر لأعباء اقتصادية – مصدر لتوترات وأزمات اجتماعية – مصدر خطر وتهديد.

وفسرت الدراسة ذلك في إطار تأثير التمويل القطري لموقع “القدس العربي” وعلاقة قطر مع سوريا كدولة، حيث تعارض قطر بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم وترغب في الإطاحة به، فضلا عن تورطها في تمويل بعض الفصائل والمنظمات المتناحرة في سوريا.

وقالت الباحثة إن تصدير صورة “الضحية الضعيف” عن اللاجئين السوريين في مواقع الدراسة يعكس رؤية قاصرة من تلك المواقع، وتأثرها بالتنميط المعتاد في الأزمات نحو جماعة ما، بالإضافة إلى التركيز فقط على الجانب الوجداني ربما بهدف إثارة تعاطف جمهور القراء معهم.

ورأت أن الصحف تحتاج إلى التركيز بشكل أكبر على النماذج الناجحة من اللاجئين السوريين بدلا من تصدير صورة الضحية عنهم، والتي تحمل في طياتها سمات سلبية، كما أن جمهور القراء لديه من الوعي ما يجعله ينفر من استمرار تصدير صورة الضحية بعينها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لمختلف دول العالم، وهنا تحتاج الصحف إلى تبني مداخل أكثر منطقية إذا ما رغبت في إثارة تعاطف الجمهور نحو اللاجئين السوريين.

وتابعت سمر علي أنه “على الرغم من تركيز مواقع الدراسة على تقديم صورة الضحية عن اللاجئين السوريين إلا أن ذلك لم يتوافق مع آليات التأطير العقلانية التي استخدمتها، فنجد أن مواقع الدراسة اعتمدت في المقام الأول على آلية التفسير والاستفاضة في الشرح وآلية عرض نسب وإحصائيات”.

وترى الكاتبة أن ذلك يحقق نوعا من التشتيت في الرسالة الاتصالية التي تقدمها تلك المواقع للقارئ، كما يرتبط ذلك إلى حدّ ما بطبيعة القضية التي تتضمن ضحايا، وكذلك نسب وإحصائيات خاصة بهؤلاء اللاجئين.

كما تسبب تركيز مواقع الدراسة على تناول أوضاع اللاجئين السوريين في دول مُحددة في تصدير صورة عن اللاجئين لا تتفق مع الموقف الرسمي نحو اللاجئين للدول التي ينتمي إليها الموقع الصحافي، فعلى سبيل المثال وجدت أن السمة السلبية الأكثر تكرارا في موقع “الأهرام”، “مصدر لأعباء اقتصادية” وفي موقع “اليوم السابع”، “إرهابيون ومتورطون في جرائم”، على الرغم أن موقف مصر الرسمي الداعم للاجئين المُرحب بهم.

ويمكن تفسير تصدر هذه السمات في تركيز المواقع على تناول قضايا اللاجئين السوريين في لبنان وتركيا وألمانيا في إطار بعض أحداث التفجيرات الإرهابية المتورط فيها البعض من اللاجئين، وكذلك تناول أحداث النزاع بين بعض السوريين والمواطنين الأتراك واللبنانيين، ما يشير إلى ضرورة أن تراعي الصحف عدم التركيز على الأحداث السلبية المتعلقة باللاجئين، مع التحلي بقدر من المهنية بدلا من التركيز على الأحداث التي تحقق نسبة مقروئية عالية من أخبار جرائم وأعداد قتلى لما له من أثر سلبي على صورة اللاجئين السوريين.

وتحتاج الصحف إلى طرح سيناريوهات وحلول تعكس كيفية الاستفادة من الأيدي العاملة السورية والمستثمرين السوريين في دول اللجوء بدلا من التركيز على تغطية المشكلات الخاصة بهم، مع البعد عن الإثارة في معالجة شؤون اللاجئين والحرص على التوازن.

“صورة اللاجئين السوريين.. كما تعكسها مواقع الصحف العربية” دراسة تظهر من خلالها ملامح وسمات صورة اللاجئين السوريين في مجموعة من مواقع الصحف المصرية

ورأت أن صدارة الأفكار المحورية التي تناقش الوضع السياسي للاجئين السوريين في دول اللجوء وما يتصل بها من تنظيم عملية اللجوء أو الترحيل لهم، ترتبط بالخط الزمني لأزمة اللجوء التي دخلت عامها الثامن، ما دفع الدول المختلفة إلى محاولة تنظيم عملية اللجوء والبحث في حلولها، ويفسر ذلك ظهور الأفكار التي ناقشت برامج منح ومساعدات اللاجئين في المرتبة الثانية، فيما اتجهت مواقع الدراسة إلى مناقشة القضايا الاجتماعية والاقتصادية في مرتبة تالية، بينما تراجع اهتمامها بمناقشة الوضع الإنساني للاجئين، خاصة مع اتجاه الأزمة إلى الحل من خلال طرح سيناريوهات وتوقيع اتفاقية للهدنة بين الفصائل المتناحرة والنظام السوري.

ولفتت سمر علي إلى أن قضايا اللاجئين السوريين حظيت باهتمام واضح من جمهور القراء المصري عينة الدراسة، حيث أعرب أكثر من نصف عينة المبحوثين عن اهتمامهم بمعرفة أخبار اللاجئين السوريين في مصر، وهو ما يمكن تفسيره في ضوء تعامل معظم أفراد العينة مع سوريين في مصر، بالإضافة إلى انتشار أخبارهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي جاءت في المرتبة الثانية كأحد المصادر المهمة التي يعتمد عليها المبحوثون في الحصول على معلومات حول قضايا اللاجئين بعد المواقع الإخبارية للصحف، فيما جاء التلفزيون في المرتبة الثالثة ما يعكس حجم التأثير الذي تلعبه تلك الوسائل الإعلامية على مدركات واتجاهات الجمهور نحو اللاجئين.

وقالت إن السمات السلبية التي نسبتها مواقع الدراسة للاجئين السوريين لم تؤثر على المبحوثين، حيث أشارت نسبة ضئيلة للغاية من العينة “13 مبحوثا” إلى عدم الترحيب باللاجئين السوريين في مصر بوصفهم يتاجرون بقضيتهم لجمع تبرعات في المقام الأول، ويمكن تفسير ذلك بظهور “اليوم السابع” و”الأهرام” في مرتبة متقدمة من بين المصادر التي يعتمد عليها المبحوثون في الحصول على معلومات حول اللاجئين، فيما جاءت “الشرق الأوسط” و”القدس العربي” في مرتبة متأخرة.

وربما تختلف هذه النتيجة باختلاف الجمهور، فمثلا إذا أجريت الدراسة على جمهور يتعرض لموقع “القدس العربي” ، فمن الممكن أن يتأثر الجمهور بالصورة السلبية التي قدمها الموقع عن اللاجئين.

18