الناقد السينمائي محمود قاسم: تاريخ السينما السورية نسيج من تأصيل الهوية والنضال

تعاون بين فنانين سوريين وعرب رسم ملامح بداية السينما السورية.
الجمعة 2025/06/27
فيلم "آه يا بحر"

كيف كانت بدايات السينما السورية؟ أمر ربما لا يعلمه إلا أهل الصناعة، فالتوثيق لحراك الفن السابع في البلد نادر، كما هي الأعمال السورية الواصلة إلى العالم الخارجي، رغم أنها سينما رائدة في المنطقة، بدأت جنبا إلى جنب مع السينما المصرية، واستثمرت في جهود فنانين ومخرجين عرب إلى جانب التزام الدولة بوضع هيئة رسمية تشرف على الإنتاج وتدعمه.

تُعد السينما السورية، رغم تاريخها الطويل الممتد لخمسة وسبعين عاما، حقلا غامضا يعاني من نقص التوثيق وغياب أرشيف متكامل، مع انقسام واضح بين إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، التي حملت راية الأعمال الفنية ذات الطابع الجماهيري، وأفلام القطاع الخاص التجارية التي غالبا ما استُهجنت كنسخ باهتة من السينما المصرية.

في هذا السياق، يأتي كتاب “الفيلم الروائي السوري” للناقد السينمائي محمود قاسم ليتتبع مسار الأفلام الروائية السورية، انطلاقا من رغبة شخصية أُثيرت عام 2002 خلال مهرجان السينما العربية بباريس، وتكليف رسمي من المؤسسة العامة للسينما. ومن ثم فإن الكتاب الصادر عن مؤسسة هنداوي سعى إلى توثيق كل فيلم سوري، بغض النظر عن قيمته أو مصدره، معتمدا على استشهادات نقدية ومصادر متنوعة، ليقدم صورة شاملة عن صناع السينما السورية ودورهم في تشكيل هويتها، حيث يتتبع نشأة السينما السورية في تجاربها الأولى، سواء كانت تسجيليةً أم روائيةً؛ فيسرد قصة الأفلام الأولى، وملابسات صُنعها وإنتاجها، مميزًا بين ما يُعَد إرهاصا سينمائيا، وبين الإنتاج السينمائي الحقيقي.

ويرصد الكتاب التعاون السينمائي بين سوريا ودول عربية أخرى في فترة السبعينات. وذلك دون أن يغفل السياقات السياسية والأيديولوجية لهذه الصناعة في مراحلها المختلفة. ويتوقف مع أهم صناع السينما في سوريا، سواء كانوا من داخلها أم من خارجها، ليرصد السِّمات الفنية المميزة لأعمالهم خلال رحلة السينما السوريَّة منذ أن أنتجت أوَّل فيلم وطني سوري عام 1928 وحتى عام 2003.

طموح وتحديات

يفتتح قاسم الكتاب برحلة تأملية في أعماق السينما السورية الروائية، مُسلطا الضوء على نكهتها المميزة التي تجمع بين الطموح والتحديات
محمود قاسم يفتتح الكتاب برحلة تأملية في أعماق السينما السورية الروائية، مُسلطا الضوء على نكهتها المميزة التي تجمع بين الطموح والتحديات

يفتتح قاسم الكتاب برحلة تأملية في أعماق السينما السورية الروائية، مُسلطا الضوء على نكهتها المميزة التي تجمع بين الطموح والتحديات ضمن نسيج السينما العربية الغني. يُبرز، من خلال مقارنة واعية، الفارق بين مسار السينما السورية ونظيرتها المصرية، موضحا أن الأخيرة استفادت من دفعة قوية من نجوم المسرح مثل يوسف وهبي، الذي قاد نهضة سينمائية مبكرة بأفلام كـ”زينب” و”أولاد الذوات”، بينما عانت سوريا من غياب حركة مسرحية مماثلة، مما جعل بداياتها السينمائية تعتمد على جهود فردية متقطعة، ظلت محدودة حتى تأسيس المؤسسة العامة للسينما عام 1963 التي حوّلت الإنتاج إلى مشروع قومي طموح.

ويجادل الكاتب بأن “السينما السورية، رغم تقاربها الزمني مع السينما المصرية – حيث بلغت كلتاهما عامها الخامس والسبعين في مطلع الألفية – لم تتبع المسار ذاته بسبب اختلاف الإمكانات والسياقات. في مصر، كانت الأفلام الأولى، رغم إنتاجها من هواة كعزيزة أمير واستيفان روستي، مدعومة بمنافسة مسرحية قوية، بينما في سوريا، ظلت المحاولات الأولية محصورة في تجارب فردية، كما يُظهر فيلم ‘المتهم البريء’ (1928)، الذي أنتجه هواة في حلب بقيادة رشيد جلال وأيوب بدري، و’تحت سماء دمشق’ (1932) لإسماعيل أنزور، اللذين عكسا شغفا مبكرا لكنه محدود الإمكانات.”

ويحدد قاسم “عام 1951 كبداية حقيقية للسينما الروائية الطويلة في سوريا بفيلم ‘عابر سبيل’ لأحمد عرفان، معتبرا الأفلام السابقة قصيرة، لا تُصنف ضمن الروائية الطويلة، على عكس المعايير المصرية التي استبعدت الأفلام القصيرة من تأريخها. يروي قصص هذه الأفلام المبكرة، مثل ‘المتهم البريء’، الذي استغرق عامين لإنتاجه بسبب صعوبات تقنية، وعُرض في دمشق محققا ربحا متواضعا، و’تحت سماء دمشق’، الذي تميز برؤية إخراجية متقدمة رغم سذاجة حبكته، لكنه واجه عقبات من السلطات الفرنسية. يُشير أيضا إلى مساهمات سورية في السينما اللبنانية، كفيلم ‘في هياكل بعلبك’ (1934)، الذي أنتجته شركة فنار السورية، مما يعكس تعاونا إقليميا مبكرا.”

ويتساءل قاسم “هل انطلقت السينما السورية الروائية حقا في منتصف الستينات مع عودة مخرجين سوريين ولبنانيين من مصر، مثل يوسف معلوف وسيف الدين شوكت، مدعومين بتأسيس المؤسسة العامة للسينما؟”

الإجابة، بنبرة واثقة، هي نعم. لكنه يأخذنا في رحلة تأملية لاستكشاف هذه المرحلة، التي بدأت عام 1965، مُبرزًا سماتها وتحدياتها بعين نقدية تجمع بين الحنين للزمن الذهبي والتحليل الدقيق للسياقات. انطلاقا من تسليط الضوء على عودة مخرجين سوريين ولبنانيين من القاهرة، مدفوعين بأسباب متنوعة، منها هروب بعضهم من مشكلات ضريبية أو توترات سياسية مع النظام المصري. هذه العودة، كما يروي، حولت دمشق وبيروت إلى مركزين نابضين، شبيهين بهوليوود عربية بديلة. ويستحضر المؤلف تجربة محمد سلمان في لبنان أواخر الخمسينات من القرن الماضي، حين جذب نجوما مصريين مثل صباح وعماد حمدي لفيلم “مرحبا أيها الحب”، ممهدا لموجة لاحقة في سوريا. هذه العودة لم تكن مجرد انتقال جغرافي، بل حملت معها خبرات فنية غنية، أعادت إحياء السينما السورية النائمة.

ويرى الكاتب أن دور المؤسسة العامة للسينما السورية “يبرز كمحرك رئيسي لهذه الصحوة. فقد وفرت أستوديوهات حديثة للتصوير والتحميض، ووحدة تصوير ملون، جعلت الأفلام السورية، مثل أعمال فهد بلان، تتفوق تقنيا على نظيراتها المصرية التي كانت لا تزال تعتمد الأبيض والأسود في أغلب إنتاجها. فضلا عن أن تأسيس شركات توزيع خارجية، مستفيدة من خبرة توزيع الأفلام المصرية، فتح أسواقا جديدة للسينما السورية، مما عزز جاذبيتها لنجوم مصريين مثل إسماعيل يس وفاتن حمامة.”

نجوم عرب

من فيلم "غرام في إسطنبول"
◙ من فيلم "غرام في إسطنبول"

سلط قاسم الضوء على نجوم جدد، مثل فهد بلان والثنائي دريد لحام ونهاد قلعي، الذين أصبحوا عماد الأفلام السورية بطابعهم المحلي الجذاب. ويروي كيف استُقطب هؤلاء لإضفاء نكهة سورية أصيلة، حتى عندما كان المخرجون أو الكتاب من خلفيات أخرى. في الوقت ذاته، يشير إلى فشل بعض التجارب السورية في مصر، مثل الراقصة إغراء، التي تألقت لاحقا في السبعينات، مما دفع بالمزيد من النجوم إلى العمل في دمشق وبيروت.

ويخصص المؤلف مساحة واسعة لهؤلاء المخرجين بادئا بيوسف معلوف، المخرج اللبناني العائد من القاهرة، الذي حمل معه خبرته في الكوميديا الموسيقية في فيلمه “عقد اللولو” (1964) ليعيد إحياء هذا النوع بطابع سوري، مستعينا بفهد بلان وصباح والثنائي لحام وقلعي. ويحكي الفيلم قصة غوار، المغترب العائد من البرازيل بعقد لؤلؤ لحبيبته، وسالم، المزارع البسيط الذي يواجه سوء فهم بسبب رسالة غوار، مما يخلق مواقف كوميدية تنتهي بزواج سعيد.

ويؤكد المؤلف أن هذا الفيلم، بألوانه الطبيعية واستعراضاته، عكس طموح معلوف لتأسيس سينما موسيقية محلية، مستفيدا من أستوديوهات دمشق وبيروت. وقد تابع ذلك النهج في أفلامه مثل “أنا عنتر” (1964) و”المليونيرة” (1966)، التي اعتمدت على نجوم عائدين من مصر، كصباح، ونجوم محليين. في “المليونيرة”، المقتبس عن الفيلم الأميركي “الحب كرة”، يمزج بين الكوميديا والغناء، مستعينا بأغاني عاصي الرحباني وزكي ناصيف، ليروي قصة نصابين يحيطون بأرملة مليونيرة، لكنها تختار السائق الحقيقي بدلا من الأمير المزيف.

◙ بدايات السينما السورية اعتمدت على جهود فردية متقطعة، ظلت محدودة حتى تأسيس المؤسسة العامة للسينما

وينتقل قاسم إلى سيف الدين شوكت، المخرج اللبناني الذي درس السينما في بودابست وأبدع في مصر بأفلام كـ”الناصح” و”شمشون ولبلب”. وعند عودته، قدم أفلاما متنوعة في سوريا، مثل “غرام في إسطنبول” (1967)، المقتبس عن رواية بريطانية، و”مقلب من المكسيك” (1972)، المأخوذ عن قصة ألمانية. يحكي الأول قصة أميرة تبحث عن ابنتها المفقودة، بينما يسعى الورثة للحيلولة دون وصول الميراث إليها، ويبرز الثنائي لحام – قلعي في مواقف كوميدية. أما الثاني، فيروي قصة أخ متزمت يرفض زواج أخته بحبيبها، ليكتشف لاحقا أن الأمر مجرد مقلب.

ويستعرض تجربة عاطف سالم، الذي قدم أفلاما مثل “خياط للسيدات” (1969) و”زوجتي من الهيبز” (1973)، مستفيدا من جماهيرية لحام وقلعي. في “خياط للسيدات”، يحكي عن خياط تقليدي يتطور عمله بفضل زوجته، بينما يروي “زوجتي من الهيبز”، المقتبس عن فيلم أميركي، قصة ضيف ثقيل يعكر صفو مضيفه بأسلوب كوميدي.

ويرى قاسم أن سالم، رغم اعتماده على أنماط مصرية، حرص على ضمان النجاح التجاري باستخدام نجوم محليين. ويشير إلى مخرجين آخرين مثل نجدي حافظ، الذي قدم أفلاما كوميدية مثل “امرأة تسكن وحدها” (1971)، وحلمي رفلة، الذي أعاد تقديم “المفتش العام” باسم “الرجل المناسب” مع لحام وقلعي. وهذه الأفلام، رغم اقتباسها من أعمال أميركية أو مصرية، حافظت على طابع محلي بفضل النجوم السوريين.

ويختم بتجربة توفيق صالح، التي يصفها بأنها استثنائية. في فيلمه “المخدوعون” (1972)، المقتبس عن رواية “رجال تحت الشمس” لغسان كنفاني، يبتعد صالح عن الكوميديا ليقدم مأساة فلسطينية عميقة. يروي الفيلم قصة ثلاثة لاجئين فلسطينيين؛ أبو قيس، أسعد، ومروان، يحاولون التسلل إلى الكويت عبر الصحراء، لكنهم يموتون اختناقا داخل شاحنة بسبب تأخر السائق أبوالخيزران. يرى قاسم أن الفيلم، بأسلوبه التسجيلي وشاعريته القاتمة، يمثل ذروة السينما السورية في تلك الفترة، مدعوما بمؤسسة السينما التي سمحت له بالحفاظ على رؤيته دون تنازلات تجارية. يخلص هنا إلى أن هذه المرحلة، بفضل عودة المخرجين ودعم المؤسسة العامة، شكلت انطلاقة حقيقية للسينما السورية التي رغم اعتمادها على أنماط مصرية أحيانا، فإنها نجحت في صياغة هوية محلية بفضل نجوم مثل لحام وقلعي، وتألقت بأعمال استثنائية مثل “المخدوعون”، التي عبرت عن قضايا إنسانية عميقة، مكرسةً مكانة السينما السورية في المشهد العربي.

ويؤكد قاسم أن في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ساهم مخرجون سوريون بارزون، مثل رضا ميسر، خالد حمادة، جورج لطفي الخوري، مروان عكاوي، محمد شاهين، وبشير صافية، في صياغة هوية سينمائية سورية تجمع بين الأفلام التجارية والنضال الفلسطيني: مثل رضا ميسر الذي ركز على الأفلام التجارية ودعم النضال الفلسطيني بأفلام مثل “الفلسطيني الثائر” (1969) و”عودة حميدو” (1971)، مع قصص شعبية كـ “امرأة من نار” و”بنات للحب” (1974)، لكنها عانت من ضعف فني.

◙ السينما السورية رغم اعتمادها على أنماط مصرية أحيانا نجحت في صياغة هوية محلية وتألقت بأعمال استثنائية

المخرج السوري الثاني هو خالد حمادة الذي ينتمي إلى المدرسة الفرنسية ضمن الذين درسوا السينما في فرنسا وبلجيكا، وأصل دراسته في التصوير، لكنه اتجه أولا لإخراج الأفلام التسجيلية والقصيرة، وفي مجال السينما الروائية قدَّم فيلمَين مختلفَين تماما في التقنية والموضوع والتوجُّه؛ الأول من إنتاج مؤسسة السينما هو “السكين” (1972)، المأخوذ عن رواية لغسان كنفاني، والثاني من إنتاج القطاع الخاص بعنوان “الحب الحرام” عام 1977.

والمخرج الثالث هو جورج لطفي الخوري الذي أخرج “أموت مرتين وأحبك” (1976) و”الصحفية الحسناء” (1977)، مع تركيزه الأساسي على التصوير.

كذلك حضر اسم مروان عكاوي المخرج الذي قدم كوميديا هزلية في “زواج على الطريقة المحلية”. ومحمد شاهين، المخرج الوحيد الذي استطاع أن يوازن بين السينما التجارية الشعبية من إنتاج القطاع الخاص، والسينما التي تتضمن قيما فنية عالية، سواء في القطاع الخاص، أو في أفلامه التي أخرجها للمؤسسة، وهو المخرج الأكثر غزارة في السينما السورية على الإطلاق، منذ أن أخرج فيلمه الأول عام 1974، ففي هذا العام وحده قدَّم شاهين ثلاثة أفلام هي “خيمة كراكوز” و”وجه آخر للحب”. قدم بعد ذلك أفلاما تجارية وفنية مثل “راقصة على الجراح” (1973)، “الشمس في يوم غائم” (1985)، و”آه يا بحر” (1993)، مقتبسا من رواية للروائي حنا مينا.

هناك أيضا المخرج بشير صافية الذي تخرَّج من معهد السينما بالقاهرة عام 1964، وهو بذلك من أوائل السوريين الذين درسوا في مصر، وما أقل من عمل منهم بالإخراج السينمائي، ومنهم على سبيل المثال صلاح سرميني الذي استقر به المقام في باريس يمارس إخراج أفلام الهُواة والنقد السينمائي. قدم أفلاما تجارية كـ”غرام المهرج” (1975) و”إمبراطورية غوار” (1982)، وأعمالا وطنية كـ”الأحمر والأبيض والأسود” (1976).

هذه الأفلام وهؤلاء المخرجون عكسوا هوية سورية شعبية، معتمدين على نجوم كدريد لحام وإغراء، لكنهم واجهوا تحديات الإنتاج والتوزيع، مما أثر على جودة الأفلام التجارية والفنية.

مصادر متنوعة

◙ ثلاثة مصادر للسينما السورية تنتعش منها
◙ السيناريو الأصلي الذي يستلهمه المخرج أو كاتب السيناريو من خياله المحض

يرى محمود قاسم أن “مثل السينما العالمية عموما، هناك ثلاثة مصادر رئيسة في السينما السورية هي: أولها المصادر العالمية وتتمثَّل في الرجوع إلى روايات ومسرحيات وأفلام عالمية، تتم الاستعانة بموضوعاتها الرئيسة، وتعريبها بما يناسب الواقع العربي في سوريا، حيث يتم تعريب النص والأسماء والحدوتة، كما تتم صياغتها بما يتناسب مع البيئة التي ستدور فيها القصة السينمائية، وقد انتشرت هذه الظاهرة بقوة في الأفلام السورية التي قام بكتابتها كُتَّاب سيناريو مصريون في السينما التجارية، أو بالنسبة للأفلام التي كتبها السوريون العائدون من مصر بعد أن ظهرت صناعة سينما سورية، سواء من إنتاج القطاع الخاص أو العام.”

ويوضح أن المصدر الثاني “هو المصادر الأدبية المحلية، وهي تتسم بلجوء كاتب السيناريو إلى الاستعانة برواية محلية في المقام الأول. ومن المعروف أن السينما المأخوذة عن روايات أدبية تهتم كثيرا بأن تمتزج حدوتة جادة مع الفكر والمتعة، ويُعتبَر الروائي حنَّا مينا هو الأكثر رجوعًا إلى رواياته في أفلام السينما السورية على اختلاف مشارفها، يليه الروائي الفلسطيني غسان كنفاني، وهناك أيضًا علي عقلة عرسان، وحيدر حيدر، وفاضل العزاوي، وفيصل خرتش، والروائي المصري صبري موسى، الذي تمَّت الاستعانة مباشرة بروايته ‘حادث النصف متر’ في ظاهرة لم تتكرر بعد ذلك بالنسبة للرواية المكتوبة خارج سوريا سوى عام 1990، حين أخرج نبيل شميس فيلمه ‘امرأة في الهاوية’ عن رواية للكاتبة نوال السعداوي.”

والجدير بالذكر أن العديد من الأدباء في سوريا قد شاركوا في كتابة النص السينمائي، سواء السيناريو أو الحوار، بالإضافة إلى النص الأدبي، ومنهم علي عقلة عرسان، أما حنَّا مينا فلم يشأ أن يقترب من هذه التجربة، وترك آخرين يفعلون ذلك أسوة بتجربة نجيب محفوظ في مصر.

أما المصدر الثالث للأعمال السينمائية السورية، فيقول قاسم إنه “السيناريو الأصلي الذي يستلهمه المخرج أو كاتب السيناريو من خياله المحض، وأحيانًا من حوادث حقيقية عاشها أو قرأ عنها، وفي أغلب الأحوال تكون التجربة الشخصية، أو السيرة الذاتية هي المرجع الرئيسي عند الكتابة، وقد حدث هذا بكل قوة في الأفلام التي أخرجها المخرجون الذين عادوا من دول المعسكر الشرقي، وشاهدوا التجارب السينمائية الغربية الجيدة، متمثِّلة في أعمال فردريكو فيلليني، وإيليا كازان، وبوب فوس، وأيضا في التجارب التي قدَّمها يوسف شاهين في ثلاثيَّته عن سيرته الذاتية.”

14