خُمس التونسيين ضحايا لأنواع مختلفة من الإدمان

طلبات العلاج من الإدمان ارتفعت وتيرتها بعد فترة الحجر الصحي.
الأربعاء 2021/07/14
الإدمان على المخدرات يشهد تصاعدا بين الشباب

تكشف المعطيات والأرقام حول تعاطي المخدرات في تونس أن حوالي مليوني شخص هم مدمنون على المخدرات بمختلف أنواعها. وكشفت الجمعية التونسية لطب الإدمان أن الجمعية سجّلت زيادة بـ20 في المئة في الطلب على العلاج من الإدمان، مشيرة إلى أن النسبة الأكبر من المترددين على العيادات والمراكز المتخصصة هم من الشباب والطلبة.

تبقى الأرقام والمعطيات حول ظاهرة الإدمان في تونس غير دقيقة في ظل غياب مرصد وطني للإدمان.

وتشير المعطيات حول ظاهرة الإدمان في تونس إلى تزايد الطلب على العلاج بشكل لافت خلال فترة الحجر الصحي والأشهر التي تلتها، وتؤكد شمول الطلب مختلف الشرائح العمرية.

وقال نبيل بن صالح رئيس الجمعية التونسية لطب الإدمان ومدير عام مركز محمود يعقوب للإسعاف الطبي، إن حوالي 20 في المئة من التونسيين يعانون من الإدمان بمختلف أنواعه سواء كان ذلك عن طريق تعاطي المخدرات عبر الحقن أو استهلاك مادة ‘الزطلة’ أو التدخين والكحول.

ولفت بن صالح إلى أن الأرقام المتوفرة تكشف عن وجود حوالي مليوني تونسي يعانون من الإدمان موزعين بين 400 ألف مستهلك لمادة “الزطلة” و33 ألفا يتعاطون المخدرات وتحديدا مادة “السوبيتكس” وحوالي مليون ونصف مليون بين مستهلك كحول ومدخنين. وأكد على  انتشار الإدمان في صفوف الشباب خاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة وهم يمثلون نسبة 70 في المئة من مجموع المدمنين.

وأكد الخبير في علم الاجتماع سامي نصر أن ظاهرة تعاطي المخدرات أصبحت من الظواهر الملفتة للانتباه والتي يجب التوقف عندها بأكثر جدية.

وقال نصر في تصريح سابق لـ”العرب”، “يجب التعامل مع هذه الظاهرة من خلال سوسيولوجيا الفرص المتاحة، أي أن الحصول على مخدر القنب الهندي على سبيل المثال أصبح متاحا في تونس أكثر من الحصول على مواد غذائية تفقد من حين لآخر”، مشيرا إلى أن جهازا كاملا يعمل على خلق مجتمع مدمن عن طريق الوفرة وسهولة الحصول على المنتوج، وهو ما يجعل استهلاك المخدرات أمرا سهلا.

نبيل بن صالح: الشباب يمثلون نسبة 70 في المئة من مجموع المدمنين

ولفت نصر إلى أن الأرقام المتداولة في وسائل الإعلام من شأنها الترويج للمخدرات بطريقة غير مباشرة، من ذلك الرقم الذي تم تداوله منذ 4 سنوات والذي أكد أن 84 في المئة من شباب تونس استهلكوا المخدرات ولو لمرة واحدة.

وأضاف نصر أن التطبيع مع الظاهرة السلبية جعلها تنتشر بشكل مكثف خاصة مع الأزمة التي عرفتها البلاد بعد ثورة 2011، مما جعل الأسرة تشهد نوعا من التفكك إضافة إلى تراجع دورها التقليدي في رعاية أفرادها وإيكاله إلى مؤسسات أخرى.

وأكدت هيفاء زليلة مسؤولة الجمعية التونسية لطب الإدمان أن الجمعية سجّلت زيادة بـ20 في المئة في الطلب على العلاج من مختلف أشكال الإدمان، مشيرة إلى أن النسبة الأكبر من المترددين على العيادات والمراكز المتخصصة هم من الشباب والطلبة.

وقالت إن أغلبهم يحضرون طوعا، وبرعاية أسرهم التي تبذل جهودا كبيرة لتخليصهم من آثار الإدمان، ما يعني أن الإدمان يمسّ كل شرائح المجتمع ومختلف الأعمار، ولا يرتبط بالضرورة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وبينت زليلة أن الأطباء يسجلون إقبالا ملحوظا على عيادات مكافحة الإدمان وخصوصا القنب الهندي الذي زادت فئات مستهلكيه بنحو لافت.

واعتبرت زليلة أن القوانين التونسية لم تواكب التطور الحاصل في مسألة مكافحة الإدمان، مشيرة إلى أن السجن لا يمكن أن يحدّ من الظاهرة المتفاقمة.

وأكدت أنه ينبغي توجيه الجهود والإمكانات نحو تطوير العلاج وتحسينه من أجل إنقاذ المدمنين.

وانتقدت المسؤولة عدم تقديم المساعدة للأطباء خلال جهودهم في مكافحة الإدمان، مؤكدة أن تسليط العقوبات المشددة على المدمنين ليس الحل الأنجع، وأن الإسراع في تعديل القوانين لتوجيه الجهود نحو مكافحة الظاهرة عبر الإحاطة الطبية والنفسية بالمدمنين هو الحل الأنسب.

Thumbnail

وقالت إن الأحكام القاسية التي تصدر بحقّ شبان من أجل سيجارة قنب هندي تكشف عيوب القوانين التي كان يفترض أن تكرّس لحماية الشباب.

ودعت الجمعية التونسية لطب الإدمان إلى تمكين المدمنين من الرعاية الصحية اللازمة بجانبيها العلاجي والوقائي كما طالبت السلطات بإرساء سياسة وطنية لمكافحة المخدرات، والحد من العرض والطلب اعتمادا على استراتيجيات علمية ناجعة.

وفي مارس الماضي أمضى فؤاد العوني المدير العام للمرصد الوطني للشباب مع رئيس الجمعية التونسية لطب الإدمان على اتفاقية نموذحية، من أجل تعزيز التعاون لمقاومة ظاهرة الإدمان ومعالجتها من خلال برامج عمل مدروسة ومحور جلسات عمل بين لجنة القيادة المشتركة بين الطرفين.

الطلب على العلاج من الإدمان شمل مختلف الشرائح العمرية والطلبة والشباب النسبة الأكبر

وأكد العوني على أهمية تشبيك العمل مع الجمعيات والمنظمات ذات الاهتمام بالشأن الشبابي من أجل الاستفادة من الإمكانيات الموضوعة من طرف وزارة الشباب والرياضة والإدماج المهني على ذمة المؤسسة مع الاستفادة أيضا من الدراسات والبحوث التي أنجزها المرصد ومنها دراسة نموذجية حول الشباب والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر.

ومن خلال هذه الاتفاقية، سيتمكن شباب المرصد مع أطباء الاختصاص في الجمعية التونسية لطب الإدمان من تأطير الشباب والقرب من شواغل الشباب المدمن في الفضاءات والأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية واقتراح بديل ثقافي ورياضي يقي الشريحة العمرية المهددة ومساعدتها على الإقلاع.

وستمكن هذه الاتفاقية من إعداد دراسات وسبر آراء للشباب المدمن وفي مراكز العلاج والإدمان مثل مركز جبل الوسط، مع بعث مجموعات بحث حول الظاهرة مفتوحة للطلبة والجامعيين في اختصاصات اجتماعية وطبية ونفسية.

وفي الآونة الأخيرة تم تسجيل انتشار الإدمان بطريقة كبيرة جدا في صفوف الشباب، الأمر الذي تطلب إنشاء مراكز علاج الإدمان في تونس لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى.

ويتم علاج الإدمان وفقا لبروتوكول طبي يتضمن العلاج النفسي والجسدي، وتدريب المريض على إعادته لحياته الطبيعية ونسيان أي ذكريات تربطه بالمخدر وحياة الإدمان وتشمل مرحلة سحب المخدرات من الجسم وعلاج الأعراض الانسحابية والتخلص من السلوكيات الناتجة عن الإدمان.

Thumbnail
21