حماس تتهيأ لمرحلة جديدة في الضفة بانتخاب العاروري

وضع السلطة الفلسطينية يشكل إغراء مضاعفا لحماس في ظل التفاعلات التي خلفتها ظروف وفاة الناشط نزار بنات والتي عززت الشرخ بينها وبين الشارع.
الاثنين 2021/07/05
حان وقت التمدد في الضفة

يشكل اختيار القيادي صالح العاروري على رأس قيادة حماس في الضفة الغربية مؤشرا على توجه الحركة نحو تعزيز انتشارها في الضفة، والذي لن يشكل فقط تحديا لإسرائيل بل وللسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس.

رام الله- تتهيأ حركة حماس لمرحلة جديدة من العمل في الضفة الغربية باختيارها القيادي المطلوب لدى إسرائيل والولايات المتحدة صالح العاروري لقيادة الحركة في الإقليم.

وانتخبت الهيئات القيادية لحماس في الضفة الغربية العاروري رئيسا للدورة الحالية (2021 – 2025)، وبذلك تكون الحركة أتمت انتخاب رؤساء أقاليمها الثلاثة بعد انتخاب يحيى السنوار في قطاع غزة وخالد مشعل في إقليم الخارج.

وجرى الإعلان عن إعادة انتخاب السنوار رئيساً لحماس في القطاع في 10 مارس الماضي، بينما انتُخب مشعل رئيساً لإقليم “الخارج” خلفاً لماهر صلاح في 12 أبريل، وحلّ موسى أبومرزوق نائباً لمشعل.

ومن المنتظر خلال الأيام القادمة التئام مجلس الشورى العام للحركة (المؤلف من الأقاليم الثلاثة) من أجل انتخاب رئيس المكتب السياسي للحركة (أعلى منصب قيادي) الذي يشغله إسماعيل هنية منذ 2017.

وتقول أوساط قريبة من الحركة الفلسطينية إنه لم تجر انتخابات بالمفهوم المتعارف عليه بل كانت توافقات جرت هندستها مسبقا وأعادت تدوير الوجوه القيادية الحالية لضمان تماسك الحركة.

ويشغل العاروري منصب نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، ويرى مراقبون أن اختياره لقيادة الحركة في الضفة يعكس توجها لدى الأخيرة لتثبيت أقدامها هناك بعد أن نجحت في إحكام قبضتها على القطاع.

قيادة حماس راهنت بداية على الانتخابات العامة  لتعزيز وجودها في الضفة، لكن إقدام عباس على تأجيل الاستحقاقات أسقط هذا الرهان

ويشير المراقبون إلى أن هذا التوجه ليس وليد المتغيرات التي طرأت عقب الحرب الأخيرة بين إسرائيل وغزة في مايو، بل هو أمر خططت له الحركة منذ سنوات وهي ترى بأن الظرف مناسب حاليا للعمل عليه في ظل الضعف الظاهر على السلطة الفلسطينية وحالة التشظي التي تعاني منها غريمتها حركة فتح.

وراهنت قيادة حماس بداية على الانتخابات العامة التي كان من المفترض أن تنطلق في مايو الماضي لتعزيز وجودها في الضفة، لكن إقدام الرئيس محمود عباس على تأجيل الاستحقاقات أسقط هذا الرهان.

وشكلت الأحداث المتفجرة في الضفة الغربية والقدس خلال شهر رمضان الماضي فرصة جديدة للحركة التي استغلت الوضع واندفعت باتجاه فتح معركة مع إسرائيل استمرت 11 يوما قبل أن تنجح مصر في نزع فتيلها.

ويقول المراقبون إن إشعال حماس لتلك المعركة لم يكن عفويا، أو نتج عن لحظة “غيرة” على المسجد الأقصى، ذلك أن الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد وأحياء القدس الشرقية مستمرة ومنذ سنوات، كما أن المتابع لنسق المعركة يدرك أن الحركة استعدت لها جيدا وهذا ما أربك بالواضح الحكومة الإسرائيلية السابقة بقيادة بنيامين نتنياهو.

ويلفت المراقبون إلى أنه ومجرد أن ألقت الحرب أوزارها سارعت الحركة للتسويق لانتصار ساحق ملقية بحزمة من الشروط ليس فقط على إسرائيل، بل على السلطة الفلسطينية أهمها تحديد موعد جديد للانتخابات وأيضا إعادة هيكلة منظمة التحرير.

وتقول أوساط سياسية إن الحركة أرادت من ذلك استثمار ما جرى للتمدد في الضفة الغربية، وهي مستعدة للذهاب إلى أبعد مدى في ذلك حتى وإن تعطلت مشاريع إعادة الإعمار في القطاع، حيث أن لديها من القوة ما يكفي لإخضاع أي تمرد ضدها في غزة.

ويربط المجتمع الدولي إعادة إعمار غزة التي دمرت الآلاف من أبنيتها في الحرب الأخيرة بتشكيل حكومة وحدة وطنية لكن حماس لا تريد ذلك لجهة رفضها إشراك حركة فتح فضلا عن أنها تخشى من أن تفقدها هذه الحكومة زمام السيطرة على القطاع، وتربك طموحاتها في التمدد بالضفة.

وتشير الأوساط إلى أن الحركة قد تفضل الذهاب في حرب جديدة مع إسرائيل على أن تتنازل عن شروطها وعن طموحاتها في الضفة، وما اختيار صالح العاروري إلا رسالة في هذا الاتجاه.

الهيئات القيادية لحركة حماس في الضفة الغربية انتخبت القيادي صالح العاروري رئيسا للدورة الحالية (2021 – 2025)

وتلفت الأوساط إلى أن وضع السلطة الفلسطينية حاليا يشكل إغراء مضاعفا لحماس، في ظل التفاعلات التي خلفتها ظروف وفاة الناشط المعارض نزار بنات، والتي عرت السلطة وعززت الشرخ بينها وبين الشارع في الضفة بشكل خاص.

والعاروري هو أسير سابق قضى نحو 18 عاما في السجون الإسرائيلية في الفترة ما بين 1992 و2010 على خلفية دوره في انتفاضة القدس، وتأسيسه النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية المعروف باسم “كتائب الشهيد عزالدين القسّام”. وأُبعد العاروري إلى سوريا فور الإفراج عنه عام 2010، وأقام فيها سنوات قبل أن يغادر إلى تركيا إبان الثورة السورية فيما يستقر حالياً في لبنان.

وجرى انتخابه في عضوية المكتب السياسي للحركة في الخارج في 2010، وقاد العاروري في ذلك العام مفاوضات بشأن الصفقة التي أطلق فيها الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط مقابل آلاف من الأسرى في السجون الإسرائيلية. ويعد العاروري أحد أبرز القيادات الحمساوية الموالية لطهران، وسبق أن صرح خلال لقائه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بأن حركته تقف في الخط الأمامي للدفاع عن إيران.

2