شك نادر

“لا تصدق كل ما تقرأه على الإنترنت فقط لأن هناك صورتي بجانبها اقتباس” يقول أبراهام لنكولن.
وللسخرية فالاقتباس منشور بجانب صورة لنكولن.
بالنسبة إليّ فلدي الكثير من الاحترام للنكولن وإنجازاته وإذا قال إنه يجب علينا توخي الحذر بشأن تصديق ما نقرأه على الإنترنت، فسأصدق كلامه.
صدق كثيرون أن هذه المقولة حقا لأبراهام لنكولن الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الذي اغتيل في عام 1865 قبل وقت طويل من ظهور شبكة الويب العالمية. نفس الاقتباس نسب لألبرت أينشتاين وجورج واشنطن والمهاتما غاندي وتشارلز داروين وغيرهم…
لنكولن بالإضافة إلى هؤلاء دون أن ننسى الفيلسوف الروسي فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي يعتبرون أكثر الشخصيات التي تنسب لها سيول من المقولات لم ينبسوا بها أبدا. زد عليهم عربيا محمود درويش ونزار قباني والإمام علي بن أبي طالب.
لا شك أن قصة “المحرر العظيم” لنكولن رائعة وملهمة يعرفه معظمنا على أنه مُشرع إلغاء الرق وكان محبا وفيا للقبعات الطويلة، كان لنكولن لديه الكثير ليقوله عن الإنسانية.
وبالنسبة إلي فمقولة “لا يهم عدد السنين في حياتك بل المهم نوع الحياة في سنواتك” كانت الأكثر إلهاما إلى وقت قريب حتى اكتشفت أنه لا يوجد دليل على أن لنكولن نطق بهذه العبارة الشهيرة وأن صاحبها الأصلي طبيب يدعى إدوارد جيه ستيغليتز، صاغها للإعلان عن كتابه عن الشيخوخة.
وبغض النظر عن اقتباسات لنكولن المزيفة التي تبدو ملهمة جدا، فقد ترك الرجل وراءه ثروة من الحكمة التي يمكن التحقق منها والتي تبدو أفضل.
يحب الكثيرون منا الاقتباسات الملهمة. ناشروها يعرفون الطريقة المثلى لانتشارها صورة لأحد السياسيين أو الكتاب أو حتى المشاهير المؤثرين، ثم بجوارها مباشرة بعض الكلمات الحكيمة التي تهدف إلى الإلهام والتشجيع ثم تنطلي على الجميع أكيد.
لطالما وجدت الخدع في كل ركن من أركان التاريخ المسجل. قد نعتقد أن إبحارنا في محيطات واسعة من المعلومات على الإنترنت سيغير رؤيتنا للأشياء ويؤخر سقوطنا في الفخاخ، لكن لم يتغير شيء ولن يتغير.
في الواقع، البشر سذج ويمكن قيادتهم بسهولة أكثر من أي وقت مضى. الشك نادر مثل أي وقت آخر في التاريخ. أغلبنا على استعداد لتصديق أي شيء نسمعه دون إخضاعه لأبسط تدقيق. نؤمن برواية واحدة، مقال واحد، أو لنكن صادقين، عنوان واحد.