إسرائيل تتبنى مقاربة جديدة تقطع مع سياسة احتواء حماس

السلطات الإسرائيلية ستحاول جاهدة سد الثغرات التي كشف عنها التصعيد الأخير استعدادا لشن ضربات استباقية على مواقع مهمة لحماس.
الاثنين 2021/05/24
إسرائيل فشلت في وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية تجاه أراضيها

قدم الجيش الإسرائيلي جملة من التوصيات للحكومة في كيفية التعاطي مستقبلا مع حركة حماس، ومن بين تلك التوصيات عدم التقليل من أهمية التحدي الذي تشكله الحركة على أمن إسرائيل داعيا إلى ضرورة تبني مقاربة جديدة تقوم على اتباع نهج استباقي ضد الحركة، مع وقف التحويلات المالية التي كانت تصلها من قطر وغيرها.

القدس- تنكب الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية على البحث في الثغرات التي كشفت عنها جولة القتال الأخيرة مع قطاع غزة، وسط توجه لاعتماد مقاربة جديدة تقطع مع سياسة مهادنة حركة حماس، التي تبنتها حكومة بنيامين نتنياهو على مدى السنوات الماضية.

وشهد قطاع غزة في العاشر من مايو الجاري تصعيدا هو الأعنف منذ العام 2014 بين الفصائل الفلسطينية وإسرئيل استمر لأحد عشر يوما، قبل أن تنجح التحركات المصرية في تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار.

ويعود هذا التصعيد إلى التوترات التي اندلعت على مدار شهر رمضان في القدس الشرقية، جراء اقتحامات المسجد الأقصى ومحاولة مستوطنين يهود الاستحواذ على منازل لفلسطينيين في حي الشيخ جراح.

وزير شؤون الاستيطان تساحي هنغبي يعترف بأن الحكومة ارتكبت خطأ في التعامل مع التهديد الناجم عن حركة حماس

ورغم إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إنجاز عسكري كبير في جولة القتال الأخيرة بيد أن المؤسستين العسكرية والسياسية أقرتا بوجود ثغرات، من بينها نجاح حماس وباقي الفصائل في قصف مناطق إسرائيلية ومنها تل أبيب على مدار الجولة، ما يبيّن أن الفصائل كانت استعدت لها بشكل جيد.

وبحسب بيانات الجيش الإسرائيلي، تلقت المدن والمستوطنات الواقعة جنوبي ووسط البلاد نحو 4 آلاف صاروخ من غزة خلال 11 يوما. وفشلت إسرائيل في وقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية تجاه أراضيها حتى قبل دقائق قليلة من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الحادي والعشرين من الشهر الجاري.

وكشفت قناة إسرائيلية الأحد النقاب عن حزمة توصيات تقدم بها الجيش الإسرائيلي للحكومة بشأن كيفية التعاطي مع حماس وباقي الفصائل مستقبلا، مشددا على ضرورة وضع الجبهة الجنوبية على نفس القدر من أهمية الجبهة الشمالية.

ومن بين تلك التوصيات فك الارتباط بين قطاع غزة والضفة الغربية، على غرار ما وصفته القناة بـ”فك الارتباط” بين سوريا وإيران، قدر الإمكان، والعمل على محاصرة حماس حتى لا تتعاظم قوتها العسكرية، فضلا عن تغيير طبيعة الرد على كل “انتهاك” من غزة، مثل بالون أو صاروخ، بحيث يكون ردا قويا وفعالا.

وكان وزير شؤون الاستيطان تساحي هنغبي اعترف في وقت سابق بأن الحكومة الإسرائيلية ارتكبت خطأ في التعامل مع التهديد الناجم عن حركة حماس وستعتمد اعتبارا من الآن استراتيجية شن ضربات مسبقة على قدرات الحركة الصاروخية.

وأكد هنغبي، وهو عضو بحزب “ليكود” الذي يتزعمه نتنياهو، أن تل أبيب لن تنتظر إطلاق صواريخ من غزة للرد، مضيفا أن إعادة تسلح الحركة واستعداداتها لشن هجمات، وليس إطلاق صواريخ بحد ذاته، ستكون اعتبارا من الآن سببا لقصف إسرائيل أهدافا عسكرية في قطاع غزة.

وشدد هنغبي في تصريحات لقناة “13” على “أنه تغيير جذري للمعادلة ولم نفعل ذلك من قبل”. وقال إن الحكومة الإسرائيلية على مدى أكثر من عشرة أعوام اتبعت نهجا خاطئا تجاه غزة، موضحا “تسامحت دولة إسرائيل منذ سنوات – على مدى عقد حكم نتنياهو وقبل ذلك – مع تعزيز قوة حماس، وهذا كان خطأ دون أدنى شك”.

وأكد الوزير الإسرائيلي على أن بلاده ستصلح هذا الخطأ من خلال تبني سياسة أمنية جديدة. وردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل تنظر في إمكانية الإطاحة بحماس بالقوة، ذكر هنغبي أن هذا السيناريو مطروح على الطاولة لكن فقط كخيار أخير، محذرا من أنه سيكلف إسرائيل “ثمنا باهظا”.

وسعت حكومة تل أبيب على مدار السنوات الماضية لاحتواء حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007، مراهنة في ذلك على دور بعض القوى العربية وفي مقدمتها قطر التي كانت تؤمن لحماس عبر إسرائيل دعما ماليا مجز ثمن الحفاظ على الهدوء، وذهبت حكومة إسرائيل حد الدخول في مفاوضات مع الحركة الإسلامية بشأن بحث تهدئة طويلة الأمد مقابل الاستجابة لجملة من المطالب لحماس وفي مقدمتها فك الحصار وتنمية القطاع.

وأرادت حكومة نتنياهو من خلال هذا المسعى تحييد الجبهة الجنوبية للتركيز على الجبهة الشمالية وما تجسده من تحد للأمن القومي الإسرائيلي، فضلا عن أنها كانت تنظر لتمكين حماس والإبقاء على سيطرتها على قطاع غزة، ما يخدم مصالح إسرائيل لجهة تكريس الانقسام الفلسطيني، لكن يبدو أن الجولة الأخيرة ستجبر نتنياهو على إعادة النظر في هذه السياسة.

وطرح الجيش الإسرائيلي في معرض توصياته للحكومة ضرورة فرض تغيير في مسار إدخال الأموال القطرية إلى حماس، لتصبح عبر السلطة الفلسطينية، بعد أن ثبت أن تلك الأموال استثمرتها حماس في تعزيز قدراتها العسكرية.

رغم إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إنجاز عسكري كبير في جولة القتال الأخيرة بيد أن المؤسستين العسكرية والسياسية أقرتا بوجود ثغرات

ويرى متابعون أن إسرائيل ستحاول جاهدة سد الثغرات التي كشف عنها التصعيد الأخير استعدادا للجولة المقبلة لكن الأمر لن يكون بالسهولة المطروحة، فالحديث عن شن ضربات استباقية على مواقع ومصانع لتصنيع الصواريخ أسوة بما يحدث من هجمات جوية إسرائيلية في سوريا أمر صعب، حيث إن بنية حماس العسكرية تقع ضمن المناطق المأهولة، في القطاع الصغير والمكتظ.

ويشير المتابعون إلى أن تل أبيب قد تذهب أكثر لتفعيل دور العملاء في القطاع، بما يسمح لها بضرب أهداف عسكرية معينة وواضحة بدقة.

2