لبنانيون لموالين للأسد: لا مكان لكم بيننا

دمشق- استفز مشهد توافد المئات من اللاجئين السوريين على سفارة بلادهم في لبنان الأسبوع الماضي للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية السورية، الكثير من اللبنانيين الذين طالبوا بعودة هؤلاء إلى بلدهم ونزع صفة “لاجئ” عنهم.
وتعيش سوريا على وقع انتخابات رئاسية هي الثانية منذ تفجر الصراع في العام 2011، وسط اعتقاد أقرب إلى الجزم بأن نتيجتها محسومة سلفا للرئيس الحالي بشار الأسد، الذي يواجه في هذا الاستحقاق منافسين لا يحظيان بأي حضور شعبي.

بشارة بطرس الراعي: لا المنطق ولا التركيبة يسمحان لنا بانتظار انتهاء صراعات المنطقة
وحاول النظام إضفاء قدر من الشرعية على هذه الانتخابات التي تستثني أكثر من نصف السوريين الذين يملكون الأحقية في التصويت، في ظل عدم سيطرته على أنحاء مهمة في الداخل السوري، فضلا عن وجود الملايين من المهجرين في الخارج.
وعلى غرار بعض البلدان تم فتح مجال التصويت للسوريين في لبنان، حيث تقاطر الخميس الماضي عدد كبير منهم للإدلاء بأصواتهم حاملين صور الرئيس الأسد، الأمر الذي أجج حفيظة الكثير من اللبنانيين، ودفع بعض الشباب اللبناني إلى مهاجمتهم في منطقة نهر الكلب شمال بيروت، فيما دشن رواد على مواقع التواصل الاجتماعي وسم “بتحبو_ارجع_لعندو”.
وأعرب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الأحد عن أسفه للاشتباك الذي وقع بين لبنانيين ونازحين سوريين، معتبرا أنه من غير المقبول أن يبقى ملف اللاجئين معلقا بانتظار التوصل إلى حل سياسي.
وقال البطريرك الراعي “لقد أسفنا في الأيام الأخيرة للاشتباك الذي حصل على أوتوستراد نهر الكلب بين بعض اللبنانيين والسوريين وسببه الاستفزاز لمشاعر اللبنانيين في منطقة تعج بالشهداء، في وقت لا يزال ملف المفقودين السوريين عالقا”.
وأكد الراعي أنه “ليس مقبولا أن يبقى النازحون في لبنان بانتظار الحل السياسي في سوريا”، قائلا “لسنا بلد انتظار انتهاء صراعات المنطقة، فلا المنطق ولا التركيبة يسمحان بذلك”. وطالب الراعي الدولة السورية بأن تتفهم الوضع اللبناني وأن تفتح جديا باب عودة مواطنيها، مضيفا “نطالب الدولة اللبنانية بأن تتخذ هذه الإجراءات لتحقيق العودة الآمنة، ونطالب منظمة الأمم المتحدة العمل على إدارة الوجود السوري في لبنان وإدارة إعادتهم إلى سوريا”.
ويستضيف لبنان مليونا ونصف مليون لاجئ سوري، ويبلغ عدد المسجلين منهم لدى مفوضية اللاجئين نحو 900 ألف لاجئ.
واتسمت العلاقة بين اللاجئين السوريين واللبنانيين بالتوتر، وحصلت مناوشات بينهم في أكثر من مناسبة في السنوات الأخيرة. وينظر الكثير من اللبنانيين إلى السوريين على أنهم يزاحمونهم في لقمة عيشهم، في ظل وضع اقتصادي ومالي مأزوم بشكل غير مسبوق في لبنان.

ريشار قيومجيان: اللي حابين كثير بشار الأسد يرجع لعندو
وإلى جانب الظروف الصعبة التي تذكي نقمة شريحة من اللبنانيين على اللاجئ السوري، هناك أيضا الاعتبارات الطائفية حيث يخشى جزء من الشعب اللبناني أن ينتهي هذا الوجود المؤقت إلى توطين يعزز الهوة الديموغرافية بين المسلمين والمسيحيين. وكانت قوى سياسية في مقدمتها التيار الوطني الحر غذت من خلال تصريحات قياداتها هذه المخاوف.
ويقول لبنانيون إن مشهد توافد اللاجئين للتصويت في الانتخابات السورية كشف زيف ادعاءاتهم للبقاء في لبنان، والتمتع بالدعم الدولي بصفة “لاجئين”. ويشير هؤلاء إلى أن النظام السوري يسيطر اليوم على أكثر من مساحة البلاد، وبالتالي فإن على دولتهم التحرك والضغط باتجاه إعادتهم.
وقال الوزير السابق ريشار قيومجيان إن ما حصل الخميس ردّة فعل طبيعية من قبل منطقة عانت ما عانته من الجيش السوري، مشددا على أن المصلحة السيادية والمالية والاقتصادية تبدأ بعودة النازحين السوريين إلى سوريا.
وصرح قومجيان “اللي حابين كثير بشار الأسد يرجع لعندو”، معتبرا أن هؤلاء انتفت عنهم صفة النازح المضطهد وتاليا فليعودوا إلى بلدهم.
وفي مقابل جبهة الرافضين لوجود اللاجئين السوريين تبرز أصوات مقابلة تدعو إلى ضرورة عدم تحميل المشهد أكثر مما يحتمل، فهناك من اللاجئين من أجبر تحت ضغوط بعض القوى والأحزاب الموالية لدمشق للذهاب والتصويت.
ويشير هؤلاء إلى أن اللاجئين يخشون في حال المقاطعة أن يتعرضوا للانتقام من قبل أجهزة المخابرات السورية، وأن يجدوا أنفسهم عاجزين عن العودة مستقبلا لسوريا، في ظل يأس من إمكانية حدوث التغيير لاسيما مع تخاذل المجتمع الدولي في الضغط على النظام.
وكانت هناك حركة نشطة اقتصاديا بين لبنان وسوريا قبل الحرب بحكم الجوار وأيضا بالنظر للسيطرة السورية على لبنان، ويعمل الآلاف من السوريين في مهن كان اللبنانيون لوقت قريب يترفعون عنها ويرفضونها قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية، لكن اليوم الوضع تغير.