قطر تتحرك لتثبيت حضورها الأمني والعسكري في ليبيا

الزيارة التي أداها وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى العاصمة طرابلس تعكس تحركا قطريا لتثبيت حضور الدوحة الأمني والعسكري في ليبيا التي تشهد هدوءا حذرا، حيث اتفق الجانب القطري مع وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش على تفعيل الاتفاقيات التي تم توقيعها في وقت سابق.
طرابلس - عكست الزيارة التي أداها وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى العاصمة طرابلس الأحد سعيا من الدوحة لتثبيت نفوذها وحضورها العسكري والأمني في ليبيا رغم المخاطر التي قد يسببها ذلك في ظل استمرار الخلافات بين الفرقاء الليبيين.
وأعلن وزير الخارجية القطري عن تشكيل لجنة لدراسة الاتفاقيات الموقعة سابقا بين الدوحة وطرابلس في إشارة على ما يبدو إلى مذكرة التفاهم الأمنية التي وقعتها قطر وليبيا ممثلة في حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج في نوفمبر 2020.
وأكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على موقف بلاده الثابت تجاه ليبيا، ودعم العملية السياسية تحت قيادة الأمم المتحدة.
وتابع “اتفقنا على تشكيل لجنة لدراسة الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، إضافة إلى تشكيل فرق عمل لتقييم مجالات الدعم”، معربا عن تطلعه إلى إجراء زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين لزيادة فرص التعاون.
وتأتي هذه الزيارة، التي دامت يوما واحدا وهي أول زيارة منذ 2013، في وقت لا تزال فيه الخلافات قائمة بين الفرقاء الليبيين بشأن العديد من الملفات في مقدمتها إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وهي عملية تحظى بدعم دولي وأممي لكن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة عاجزة عن المضي فيها قدما.
ويرى مراقبون أن تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين قطر وليبيا، خاصة الأمنية والعسكرية منها، قد يُفضي إلى تفاقم الخلافات بين الفرقاء لاسيما في ظل القناعة التي ترسخت بشأن ضرورة سحب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وهو ما تنص عليه كذلك التفاهمات الليبية.
ويُطالب الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر بسحب كافة القوات الأجنبية من البلاد، وهو مطلب يرفضه الإخوان المتحالفون مع قطر وتركيا.

نجلاء المنقوش: ستتم إعادة فتح سفارة قطر في طرابلس قريبا
وكانت قطر قد وقعت مع حكومة الوفاق الوطني الليبية سابقا في أكتوبر 2020 مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الأمني وذلك بعد اتفاق عسكري جرى توقيعه في أغسطس يُتيح إرسال الدوحة مستشارين عسكريين لتدريب الميليشيات الليبية المتمركزة غرب البلاد.
وبالرغم من رياح التغيرات الإقليمية التي هبت مؤخرا بالتزامن مع التقارب القطري المصري إلا أن تحركات الدوحة تثير مخاوف في ليبيا خاصة أن اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف في أكتوبر الماضي لا يزال هشا إذ لم يتم تنفيذ بنوده حتى الآن، لاسيما البنود المتعلقة بفتح الطريق الساحلي وسحب المرتزقة والقوات الأجنبية وتوحيد المؤسسة العسكرية.
ورحبت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش في مؤتمر صحافي مع نظيرها القطري بخطوات التقارب القطري – المصري، قائلة “إنه مما لا شك فيه أن مصلحة دولنا ومنطقتنا تتطلب منا العمل بانسجام وتجانس يخدم قضايانا المصيرية ولعل العدوان الأخير على الشعب الفلسطيني يؤكد وحدة شعوبنا ضد قضاياه المصيرية ويؤكد حاجتنا إلى تفعيل آليات العمل العربي المشترك”.
وأشادت المنقوش، التي تعرضت مؤخرا إلى حملة شرسة من الإخوان والمقربين منهم بسبب دعوتها تركيا إلى سحب قواتها والمرتزقة الذين جلبتهم إلى ليبيا، بـ”الدور القطري الداعم لليبيا منذ 2011 وللمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية منذ الأيام الأولى لتوليهم مهامهم”، مشيرة إلى ”رغبة ليبيا في الاستفادة من تجربة قطر في دعم حكومة الوحدة الوطنية في التنمية والبناء والتطوير في مختلف المجالات وتفعيل الاتفاقيات بين البلدين، خاصة مجال الكهرباء الذي تمت بخصوصه عدة تفاهمات مع المختصين في هذا المجال لتنفيذها في أسرع وقت ممكن”.
كما أعلنت وزيرة الخارجية الليبية عن إعادة فتح سفارة قطر في طرابلس قريبا دون أن تُحدد الموعد.
وتشهد ليبيا فترة انتقالية من المقرر أن تنتهي بانتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر المقبل وفقا لما تنص عليه تفاهمات جنيف السويسرية، وهو استحقاق تحضّر له حكومة عبدالحميد الدبيبة ويحظى بدعم دولي واسع.
لكن الخلافات حول العديد من النقاط لا تزال تخيم على المشهد الليبي حيث يناور الإخوان، وهم حلفاء لقطر وتركيا، من أجل عرقلة الاستحقاق المذكور، علاوة على منع سحب المرتزقة والقوات الأجنبية، وهي خطوة هامة لتعبيد الطريق أمام الاستقرار في البلاد.