"قهوة نص نص" سلسلة كوميدية مغربية تثير غضب المحامين

الرباط – وصلت السلسلة الكوميدية “قهوة نص نص” إلى ردهات المحاكم المغربية بسبب دور محامية تؤدّيه الممثلة بديعة الصنهاجي، بعد القضية التي رفعها عمر الداودي محام بهيئة المحامين بالرباط، ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، يطالب فيها بشكل عاجل بتوقيف بث السلسلة المعروضة يوميا على القناة “الأولى” (عمومية) أثناء الإفطار.

وستنظر الاثنين المحكمة الابتدائية بالرباط في قضية إيقاف السلسلة التي تبث على “الأولى” من عدمه. ويشتكي نص الدعوة الاستعجالية من الدور الذي تؤدّيه الممثلة بديعة الصنهاجي، والذي اعتبر “مسا بمهنة المحاماة ومكانتها الاعتبارية ووقارها، ومن شأنه الانتقاص من مكانة المحامي”.

وطالب المحامي في شكايته المرفوعة لرئيس ابتدائية الرباط بتوقيف السلسلة والحكم بأداء القناة “الأولى” مبلغ (مئة ألف دهم/ عشرة آلاف دولار) عن كل يوم تأخير في حالة عدم تنفيذ قرار المحكمة.

وعلّل صاحب الشكاية طلبه هذا بمجموعة من المعطيات المرتبطة بالدور الذي تؤدّيه الصنهاجي، وهو تشخيصها لمحامية وهي تحمل بذلة المحاماة بشكل ظاهر في المقهى وتتسوّل الزبائن والموكلين وأحيانا تعطي استشارات في المقهى وتوزّع بطاقات الزيارة لمكتبها، معتبرا أن ما قامت به الممثلة يسيء لمهنة المحاماة، ويجعل صورتها لدى المشاهد المغربي مهنة تجارية محضة لا ترقى للمستوى الاجتماعي والقانوني المميزين.

وأشار المحامي بهيئة الرباط إلى أن “مهنة المحاماة ليست مجرد مهنة فحسب، ولكنها قبل هذا وذاك رسالة لخدمة العدالة والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والدفاع عن احترام مبدأ سيادة القانون، وبالتالي فإن المحامين هم الأقدر على أداء هذا الدور من خلال قسم المحاماة وانتمائهم لأعرق رسالة في التاريخ، وأمجد وأنبل المهن”، مؤكّدا أنه “يحقّ لكل محام مزاول لهذه الرسالة التدخل لحماية نبلها والرد على كل ما من شأنه أن يمسّ شرف واعتبار ووقار هذه المهنة”.

وعلق الممثل محمد الشوبي، قائلا إن على المحامي الذي رفع دعوى قضائية ضد مسلسل كوميدي أن يعرف أن الفنان له الحق من موقعه أن ينتقد ويوضّح سلوكيات بعض المحامين، قائلا “يا سيدي وبكل عقل ومنطق الشريفة هنا هي المهنة، مهنة المحاماة وليس المحامي، والبشر خطاء بطبعه”، مشيرا إلى أن هذه العينات يجب تسليط الضوء عليها سواء بأسلوب كوميدي أو بحبكة درامية.

وردّ مخرج السلسلة هشام الجباري على الاتهامات التي طالت عمله، موردا أن السلسلة لم تتعمد الإساءة لأي مهنة، فالشخصيات تعيش مواقف معينة في قالب كوميدي، قائلا “نحن لم نسئ إلى مهنة المحامي ولا لمهنة النادل التي هي المهنة الرئيسية في العمل”.

وشدّد المحامي الداودي على “أن الرسالة التي يود مخرج هذه السلسلة ترويجها، تروم بشكل واضح المساس بالمكانة الاعتبارية للمحامي وإلى الانتقاص من دوره في أداء مهام الدفاع في إطار قانون مهنة المحاماة وللقوانين الداخلية لهيئات المحامين بالمغرب”.

وأعربت نقابة الممثلين بالمغرب السبت عن أسفها لبروز محاولات “غير مفهومة للتحريض ضد حرية الإبداع”؛ ردا على الشكاوى التي طالت بعض الأعمال الدرامية الرمضانية.

وقالت النقابة في بيان لها إنها “تأسف لبروز محاولات غير مفهومة للتحريض ضد حرية الإبداع، بمبرّرات واهية، وبعيدة كل البعد عن مفاهيم ومعايير النقد الفني”.

وأضافت أنها “تتابع بقلق واستغراب كبيرين بعض ردود الفعل المفاجئة وغير المستساغة إزاء بعض إنتاجات الدراما التلفزيونية الرمضانية لهذه السنة، والتي رأت فيها بعض الفئات المهنية مسّا بها وتبخيسا لها”.

واعتبرت النقابة أن “رهان الحق في التعبير مرهون أساسا بحرية التعبير والإبداع والرأي كما ينصّ على ذلك الدستور المغربي”.

وقال الأستاذ الجامعي يحيى اليحياوي إن هذه الدعوى من قبيل الدعوات الموضة التي باتت تنتشر مؤخرا تحت مسميات ماسخة: إهانة مهنة مصنفة، التطاول على مؤسسة دستورية، إهانة مسؤول مؤتمن على أمن المواطنين، إهانة هيئة قضائية، مشيرا إلى الدرجة الصفر في تمثل مهنة ودور الناقد والفنان، و”الدعوى هي امتداد وتكريس لثقافة الرداءة التي استوطنتنا منذ زمن بعيد”.

وطالبت الجمعية المغربية للمحامين الشباب بتوقيف السلسلة الكوميدية بسبب ما وصفته بـ”إساءة واضحة وصريحة” في حق مهنة المحاماة.

واعتبرت الجمعية في رسالة وجّهتها إلى رئيس الهيئة العليا للسمعي البصري، توصلت “العرب” بنسخة منها، أنّ السلسلة الكوميدية أساءت بشكل فاضح وغير مقبول لمهنة المحاماة، مؤكّدة في المقابل أنّ العمل أظهر مهنة المحاماة بشكل نمطي بعيد كل البعد عن أخلاقيات المهنة وعن الاحترام الواجب لمن يرتدون البذلة السوداء ويرافعون في قضايا متفرقة.

وغضبت جمعية المحامين من بثّ السلسلة الذي يتناقض مع العمل الصحافي الجاد والمسؤول ويترجم تجاوزا خطيرا لكل القوانين والأنظمة، كما يعد في الآن ذاته إهانة صريحة لمهنة ينظمها القانون.

وأوضح الشوبي “نصادف في المحاكم أفظع القضايا المرفوعة ضد محامين مرتشين ومخلين بقسم المهنة. وهذا لا ينسحب على المحامي فقط بل على كل من يتلاعب في مهنته بحكم أنه يمارسها يوميا مثل الطبيب والجمركي ورجل الأمن والأستاذ وغيرهم من الوظائف التي يعتمد عليها المجتمع اقتصاديا وتربويا وفكريا، فالمعطى السوسيوثقافي للمهنة لا يعطيك الحق في أن تنزه الممارس رغم قبح الممارسة”، وأضاف أن “الباروديا تهذّب العقول الجانحة وتضعها أمام مسؤولياتها تجاه المهنة”.

وقد ناشدت جمعية المحامين الشباب، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالتدخل العاجل لإيقاف سلسلة “قهوة نص نص”، وهي تصفها بعبارة “العبث”، قبل أن تضيف بالقول إنها تحتفظ لنفسها بالحق في سلك المسار القانوني الكفيل بإرجاع الأمور إلى نصابها.

وأوضح المخرج هشام الجباري أنّ “قهوة نص نص” الكوميدية تعرض في مدة زمنية لا تتجاوز 10 دقائق في كل حلقة على حدة وأنّ رفع سوط الانتقاد ينم عن سوء فهم أو عن عدم الرغبة في مشاهدة الأعمال ذات الطابع الساخر.