الإسلاميون يؤدلجون الانتخابات الجزائرية خدمة للسلطة

الجزائر – علّقت قيادات إسلامية في الجزائر خيار مشاركتها في الانتخابات التشريعية المبكرة على شماعة الصراعات الأيديولوجية بين التيارات السياسية، ودفعت في اتجاه فرز خيارَي المشاركة والمقاطعة على أساس إسلامي – علماني، في موقف يمهد لتحويل الأنظار إلى صراع أيديولوجي بين تيارات فكرية وليس سياسيا بين الشارع والسلطة.
ودافع رئيس جبهة العدالة والتنمية الإخوانية عبدالله جاب الله عن خيار المشاركة في الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في الـ12 يونيو القادم، مقدما فرزا أيديولوجيا للخيارات المطروحة في الساحة السياسية، حيث صنف المشاركين في خانة الإسلاميين والمحافظين على قيم وثوابت المجتمع، والمقاطعين في خانة العلمانيين التغريبيين.
وحاول جاب الله الذي كان آخر الإسلاميين الملتحقين بالمشاركة في الاستحقاق القادم تقديم مبررات شرعية لقرار حزبه في توظيف صريح للنص الديني في الممارسة السياسية، وذلك في دورة مجلس شورى جبهة العدالة والتنمية المنعقد الجمعة بالعاصمة.
ووصف المتحدث في كلمة افتتاحية المقاطعين بـ”الجهلة” و”المفلسين” في تلميح إلى ما أسماه بـ”الافتقاد للسند الفكري والمنهجي لأطروحاتهم، لأن المشاركة في الانتخابات ليست مشاركة في النظام، وإنما مشاركة في الإرادة الشعبية”.
وسجل الإسلاميون الجزائريون دخولا جماعيا في سباق الانتخابات المذكورة غير أن حضورهم سيكون مشتتا في ظل غياب أي بوادر لتحالفات حزبية بينهم، وهو ما أكده عبدالله جاب الله في تصريح سابق، الأمر الذي سيقلص حظوظهم في البرلمان المقبل، ولا يُستبعد أن يسجلوا انتكاسة جديدة بحسب مؤشرات ميدانية وسياسية.
رئيس رئيس حركة البناء الوطني والمرشح السابق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عبدالقادر بن قرينة الدفاع عن مؤشرات تحالف مرتقب بين حركته والسلطة الجديدة
وذهب رئيس جبهة العدالة والتنمية في انتقاده للمقاطعين إلى القول “هناك أحزاب علمانية مقاطعة تمارس الضغط لكي تكسب أكثر لصالح مشروعها، والكسب واضح في القليل المتبقي من المنظومة القانونية الجزائرية المتعلقة بالإسلام وتحديدا قانون الأسرة”.
وتعمل قيادات إسلامية في الجزائر على تحويل الصراع القائم منذ عامين بين الحراك الشعبي والسلطة إلى صراع بين تيارات أيديولوجية لاستمالة مشاعر المتعاطفين في المعسكر المحافظ والإسلامي، وهو ما تجلى في خطابات باتت تجزم بحتمية التغيير من الداخل.
وذكر جاب الله بأن “ثورة 22 فبراير هي ثورة شعبية فوضوية ولا يمكن أن يدعي أي شخص أو حزب تأطيرها، وينقصها التأطير والرؤية” في انقلاب على موقف سابق كانت فيه حركته تحتضن تكتلا حزبيّا داعما للحراك الشعبي خلال الأشهر الأولى لانطلاقته.
واعتبر أن “التيار الاسلامي هو أكبر المتضررين بعد حراك 22 فبراير، سواء في الدستور أو التعيينات التي قام بها رئيس الجمهورية، وأن الجهة الوحيدة التي استفادت هي التيار العلماني وظهر ذلك في التعيينات، حيث أن 90 في المئة من المعينين في المناصب مؤخرا من ذوي قناعات التيار العلماني”.
وهي رسالة صريحة من الرجل تحاول تقديم الإسلاميين في ثوب الضحية وتبرير موقفهم من المشاركة في الانتخابات من أجل الدفاع عما يسمونه بـ”الثوابت والقيم الروحية والحضارية للمجتمع” والوقوف في وجه الخصوم السياسيين والأيديولوجيين.
ويواصل رئيس حركة البناء الوطني والمرشح السابق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عبدالقادر بن قرينة الدفاع عن مؤشرات تحالف مرتقب بين حركته والسلطة الجديدة، وسحب البساط من تحت أرجل خصومه في التيار الإخواني، وبات يؤدي دورا عدائيا للقوى المعارضة للسلطة في الطبقة السياسية والحراك الشعبي.
واعتبر بن قرينة أن “من يطعن في مؤسسات الجمهورية يطعن في شرف كل الجزائريين، واستهداف مؤسسات رئاسة الجمهورية والجيش والمخابرات هو طعن في شرف الجزائريين، فمن العار أن ترفع بعد 60 سنة من الاستقلال شعارات في البريد المركزي تهاجم المخابرات”، في إشارة إلى الحراك.
وذكر بأن “هؤلاء إما أغبياء يجب تنبيههم أو عملاء للقوى الاستعمارية قصد تحطيم مؤسسات الدولة الجزائرية، وأن الانتخابات التشريعية ستكون في موعدها يوم 12 يونيو القادم، ولا مجال للعودة إلى الوراء أو تأجيل الاستحقاق الانتخابي، ولا مجال للتشكيك في مؤسسات الدولة أو الحديث عن مجلس تأسيسي”.