محطة قطرية – تركية في جولة لافروف

وزير الخارجية الروسي سعى لإظهار أن اللقاء الثلاثي لا يتحمل أيّ تأويلات، وأن قطر لا يمكن بأيّ حال أن تكون شريكا رئيسيا في مستقبل الحل السوري.
الجمعة 2021/03/12
عملية تشاور ثلاثية لتسوية النزاع السوري

الدوحة – سجلت تركيا حضورها في الشأن الخليجي بقوة عندما شملت محطة الدوحة في جولة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اجتماعا ثلاثيا جمعه بنظيريه التركي مولود جاويش أوغلو، والقطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

ورغم أن الشأن السوري هو الموضوع الذي أطّر زيارة لافروف، إلا أنّ روسيا لا تحتاج إلى المحطة القطرية للنقاش مع تركيا في ترتيبات الوضع السوري وكان واضحا أن الأتراك أرادوا أن يقولوا إننا موجودون في الخليج الآن.

وقال مراقبون إنّ أنقرة تريد أن تحوز المقاربة التركية – الروسية بشأن التسوية في سوريا على دعم خليجي بهدف إظهار وزنها الإقليمي في أيّ حوار مستقبلي مع الولايات المتحدة، وخاصة مع الإدارة الجديدة التي لا تظهر أيّ حماس لبناء علاقات مع أنقرة دون حلّ نقاط الخلاف الخاصة بحقوق الإنسان والتدخل في سوريا لفرض منطقة عازلة وتهديد الأكراد.

وأشار المراقبون إلى أن الاجتماع الثلاثي في الدوحة، ومشاركة جاويش أوغلو فيه كان الهدف التركي منه هو الاستثمار السياسي والإعلامي، مشيرين إلى أنّ تزامن وجود الوزير التركي في الدوحة لم يكن مبرمجا مسبقا ضمن أجندة لافروف، وأن جولة وزير الخارجية الروسي كان عنوانها خليجيا، ولو أراد الحوار مع تركيا لاتّجه إليها خاصة أن لقاءاته مع نظيره التركي شبه مستمرة سواء في أنقرة أو موسكو.

ويعتقد هؤلاء أن وجود الوزير التركي في لقاء الدوحة كان هدفه استثمار المناسبة لإظهار أن أنقرة شريك في مختلف تفاصيل الحل السوري، وأنها باتت حلقة وصل بين الروس والخليجيين، فضلا عن محاولة جذب قطر للتسوية وتبديد الصورة القديمة عن دورها الداعم لمجموعات إسلامية متشددة.

لكن الأمر يبدو صعبا بسبب سجل قطر في دعم المتشددين من ناحية، ومن ناحية أخرى، معاداة الرئيس السوري بشار الأسد الذي هو الحليف الرئيسي لموسكو، وقد تدخلت عسكريا في 2015 لتثبيته في الحكم.

ولم يخف الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، معارضته لعودة سوريا إلى الجامعة العربية في تناقض مع توجّه عربي جماعي لحلّ الأزمة في الفضاء العربي.

محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: أسباب تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية لا تزال قائمة

وقال إن “أسباب تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في 2011 لا تزال قائمة”، في حين قال جاويش أوغلو إن التواصل الدولي مع حكومة الأسد في الآونة الأخيرة أعاق الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي.

لكنّ وزير الخارجية الروسي سعى لإظهار أن اللقاء الثلاثي لا يتحمل أيّ تأويلات، وأن قطر لا يمكن بأيّ حال أن تكون شريكا رئيسيا في مستقبل الحل السوري، وأنها لا يمكن أن تحل محل إيران الضلع الثالث لمسار أستانة.

وقال لافروف إن الدول الثلاث لا تسعى لطرح بديل للجهود التي تبذلها تركيا وروسيا وإيران منذ عام 2017 للحد من القتال في سوريا ومناقشة حل سياسي.

وأضاف “لا يسعني إلا أن أرحّب برغبة قطر في الإسهام في تهيئة الظروف للتغلب على الوضع المأساوي الحالي في سوريا”.

ويسعى المسؤولون الأتراك، في كل مناسبة، لإظهار أفضالهم على نظرائهم، والهدف من وراء ذلك هو دفع الدوحة إلى ضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد التركي الذي يعيش وضعا صعبا بسبب الأجندات العدائية للرئيس رجب طيب أردوغان تجاه محيطه العربي والأوروبي.

وأشار محللون إلى أن جولة لافروف في الخليج، كان الهدف منها حشد الدعم الإقليمي لحل سريع في سوريا بعد مضي عشر سنوات على الحرب، وإظهار أن عرقلة هذا الحل جاءت من الولايات المتحدة، وخاصة في فترة الرئيس المتخلي دونالد ترامب الذي خلط الأوراق بمواقف متناقضة فيما يتعلق بالانسحاب من عدمه، والتدخل المباشر لحماية مواقع النفط بشكل غير دبلوماسي.

وشدّدوا على أنّ موسكو لن تسمح بأيّ أدوار جديدة يمكن أن تغطي على أهدافها سواء في توجيه رسالة قوية للإدارة الأميركية الجديدة بشأن الجهة التي تمسك بمفاتيح الحل، أو إلى الخليجيين كون روسيا حليفا موضوعيا لهم في مواجهة الضغوط الأميركية، متسائلين كيف يمكن أن يتخلّى الكرملين عن هذا ويسمح لأجندات صغيرة (تركية – قطرية) للتغطية عليه.

وقال وزير الخارجية التركي إن بلاده وروسيا وقطر تبذل محاولة مشتركة للدعوة إلى حل سياسي للصراع السوري المستمر منذ عشر سنوات.

وأعلن عن إطلاق “عملية تشاور ثلاثية جديدة… هدفنا هو مناقشة كيف يمكننا المساهمة في الجهود الرامية إلى حل سياسي دائم في سوريا”.

وأضاف أن الوزراء الثلاثة أكدوا في اجتماعهم أن الحل الوحيد للصراع الذي راح ضحيته مئات الآلاف وتشرد بسببه الملايين هو تسوية سياسية تتماشى مع قرارات الأمم المتحدة.

وذكر أنه قرر مع نظيريه القطري والروسي مواصلة الاجتماعات الثلاثية بشكل منتظم، وأن الاجتماع التالي سيعقد في تركيا.

مراقبون: وجود الوزير التركي في لقاء الدوحة كان هدفه استثمار المناسبة لإظهار أن أنقرة شريك في مختلف تفاصيل الحل السوري

وأشار إلى أن الاجتماع الوزاري الثالث ستستضيفه روسيا، وسيكون ذلك ضمن فترات معينة بغية تأسيس السلام والاستقرار الدائم في سوريا.

من جهته، قال الوزير القطري إن الوزراء بحثوا كذلك آليات إيصال المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا، مضيفا أن هناك حاجة ماسة لتخفيف معاناة السوريين.

وفي بيان مشترك صدر عقب المحادثات، حث الوزراء الوكالات التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية على إعطاء أولوية لتطعيمات كوفيد – 19 داخل سوريا وتعزيز الجهود الرامية لتوصيل المساعدات الإنسانية.

كما شدد الوزراء على التزامهم بالحفاظ على استقلال سوريا وسلامة أراضيها.

1