إدارة بايدن تفصل بين محادثاتها مع طهران وبرنامج الانتخابات الإيرانية

واشنطن– أعلن الموفد الأميركي روب مالي أن الولايات المتحدة لن “تهرع” للتفاوض مع إيران من أجل التوصل بأي ثمن إلى اتفاق حول الملف النووي قبل الانتخابات الإيرانية في يونيو، فيما تبدو تسوية الخلاف النووي عنصرا مؤثرا في نتائج انتخابات الرئاسة.
وقال الموفد الخاص في أول تصريحات يدلي بها منذ أن عيّنه الرئيس جو بايدن في أواخر يناير “لا نعتزم تكييف وتيرة محادثاتنا مع الانتخابات الإيرانية. ما يحدد الوتيرة هو إلى أي مدى يمكننا أن نصل، بما يتوافق مع الدفاع عن مصالح الأمن القومي الأميركي”. وأضاف “بكلام آخر، لن نسرّع الأمور أو نبطئها بسبب الانتخابات الإيرانية”.
وقام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018 بسحب بلاده أحاديا من الاتفاق المبرم بين إيران والدول الكبرى والرامي إلى منع الجمهورية الإسلامية من امتلاك قنبلة ذرية، معتبرا أنّ النص غير كاف، وأعاد فرض العقوبات الأميركية عليها.
وبعد عام من ذلك، بدأت إيران بالتراجع تدريجيا عن العديد من الالتزامات الأساسية في الاتفاق المبرم في فيينا العام 2015 بينها وبين كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا.
وأبدت إدارة بايدن استعدادها للعودة إلى الاتفاق، مشترطة بداية عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.
لكن الرئيس الديمقراطي محاصر بين مؤيدي الاتفاق ومعارضيه. فالمؤيدون يحضونه على الإسراع حتى لا يضطر بعد الانتخابات إلى التعاطي مع قيادة جديدة أكثر عداء لحوار مع واشنطن، فيما يدعوه المعارضون لعدم تقديم أي تنازل قبل قيام طهران بخطوات فعلية.
وفي رسالة وجهت الثلاثاء إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، طالب سبعون نائبا جمهوريا وسبعون نائبا ديمقراطيا إدارة بايدن بالتفاوض على اتفاق أوسع نطاقا وأكثر صرامة مع إيران. غير أن بايدن يقول إنه يريد العودة أولا إلى اتفاق 2015، واعتماده نقطة انطلاق للتفاوض على التزامات “أقوى واكثر استدامة”.
وتدعو واشنطن إلى عقد لقاء مباشر لبدء مفاوضات حول العودة المتبادلة إلى الاتفاق، فيما تشترط إيران رفع عقوبات مفروضة عليها.
وقال مالي “نعتقد أن مفاوضات مباشرة أكثر فعالية وتسمح بتفادي سوء التفاهم، لكن الجوهر أهم من الشكل بنظرنا”، ملمحا إلى أن مفاوضات غير مباشرة بوساطة أوروبية ربما، قد تسمح في نهاية المطاف ببدء المفاوضات.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في إيران وتراجع شعبية التيار الإصلاحي بسبب العقوبات الأميركية أساسا، يبدو الملف النووي عنصرا مؤثرا في تدارك الإصلاحيين هزيمة الانتخابات التشريعية العام الماضي أمام المحافظين.
ويراهن الإصلاحيون في إيران على انفتاح بايدن لحسم الخلاف النووي مع الولايات المتحدة قبل انتخابات الرئاسة، لكن في ظل التجاذب بين طهران وواشنطن حول من يجدر به الإقدام على الخطوة الأولى للعودة إلى اتفاق 2015، تبدو العقوبات الأميركية ومسألة رفعها من عدمه، مؤثرة في المسار الانتخابي.

ويريد المحافظون قطع الطريق على أي مفاوضات قد يدخل فيها الرئيس الإصلاحي حسن روحاني مع بايدن، وذلك بهدف تقليل فرص فوز القوى الإصلاحية المعتدلة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وغالبا ما يتهم المحافظون الإصلاحيين بعدم الفعالية لاسيما في مواجهة أزمة اقتصادية سببها الأساسي العقوبات الأميركية، في حين تعتبر الحكومة الإصلاحية أن أعضاء البرلمان يقومون بكل ما في وسعهم لعرقلة جهودها الدبلوماسية.
ويريد المحافظون أيضا إلغاء العقوبات، لكن في آن واحد يرغبون في عرض فترة حكم روحاني لثماني سنوات بأنها “وقت ضائع” وبالتالي يحاول المحافظون تحقيق إلغاء للعقوبات ليس من خلال اتفاقية، وإنما عبر المواجهة مع الولايات المتحدة أو مع حلفائها في المنطقة.
ويقول السفير الفرنسي السابق لدى طهران فرانسوا نيكولو إن “لروحاني كل المصلحة في انتصار دبلوماسي يعيد البريق إلى ولايته التي تشارف على الانتهاء”. ويضيف أنه في حال رفع العقوبات “سيستعيد تياره السياسي، الوسطي والمعتدل، بعضا من رونقه”.