الجزائر تنفخ في رماد "اتفاق السلام" لاستعادة دورها في مالي

صبري بوقادوم: الدورة الـ42 للجنة متابعة اتفاق السلم بمالي تعطي دفعة لمسار المصالحة.
السبت 2021/02/13
رسالة سياسية لأطراف الصراع

الجزائر - استدركت الجزائر نسبيا دورها في المشهد المالي الذي تتقاذفه الاضطرابات السياسية والأمنية منذ مطلع العشرية الأخيرة، بعد تحريكها لملف السلام الموقع على أراضيها العام 2015 بين الفصائل المتصارعة في البلد الجار، مما يدفع باتجاه تقويض نفوذ القوى الإقليمية المؤثرة في باماكو، على غرار فرنسا ومنظمة الإيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، لاسيما بعد انقلاب العسكر على سلطة الرئيس السابق إبراهيم أبوبكر كايتا، والذهاب نحو تجسيد مخرجات اتفاق الجزائر.

وحمل انعقاد دورة لجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة الوطنية، في بلدة كيدال الواقعة تحت سيطرة فصيل مسلح معارض في شمالي البلاد، ولمحيط الأزمة المالية، على قدرة اتفاق السلام الموقع في الجزائر العام 2015، على حل أزمة البلاد، خاصة وأنه لأول مرة منذ سنوات يرفع علم الدولة الرسمي في المنطقة المتاخمة للحدود الجزائرية. 

وأكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم الخميس، أن “احتضان مدينة كيدال في شمال مالي لأول مرة، لأشغال الدورة الـ42 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، حدث غير مسبوق، ومؤشر هام من شأنه إعطاء دفعة قوية لهذا المسار الذي ترعاه بلادنا”.

وذكر في تغريدة له على حسابه الرسمي في تويتر، “ترأست اليوم (الخميس) الدورة الـ42 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، والتي تحتضنها لأول مرة مدينة كيدال شمال البلاد، وهو حدث غير مسبوق ومؤشر هام من شأنه إعطاء دفعة قوية لمسار السلم والمصالحة الذي ترعاه الجزائر بالتعاون مع المجموعة الدولية الممثلة في اللجنة”.

وكان رئيس الدبلوماسية الجزائرية، قد أجرى مشاورات موسعة مع كبار المسؤولين في مالي خلال الزيارة التي أداها إلى باماكو، حيث تمحورت اللقاءات المتعددة على العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، إلى جانب مسألة تسريع تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي.

والتقى بوقادوم بالرئيس المالي باع نداو، ونائبه العقيد عاصمي غوتا، ووزير الخارجية زيني مولاي، وتركزت المحادثات، بحسب ما كشف عنه بوقادوم في تغريدات متتالية على حسابه، حول “العلاقات الثنائية وآفاق تعزيزها، والسبل الكفيلة بتسريع وتيرة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر”.

وعند تنقله إلى مدينة غاو شمال مالي، استذكر بوقادوم، الدبلوماسيين الجزائريين اللذين قضيا هناك على يد تنظيم القاعدة العام 2012، بعدما اختطفا من مقر القنصلية هناك، وكانا محل ابتزاز للسلطات الجزائرية آنذاك لإرغامها على دفع فدية مقابل إطلاق سراحهما.

وقال بوقادوم “وصلت للتو إلى غاو أين استذكرت زملاءنا، شهداء الواجب القنصل العام بوعلام السايس ونائبه طاهر تواتي رحمهما الله وطيب ثراهما، وستبقى ذكراهما راسخة في أذهاننا”.

ولا زالت مالي المجاورة للجزائر وتجمعهما حدود برية تفوق الـ700 كلم، رهينة اضطرابات سياسية وأمنية متراكمة منذ نحو 10 سنوات، جعلتها جبهة مفتوحة على كل الأجندات الفاعلة، وحولتها إلى بؤرة توتر مقلقة للأمن الجزائري وخاصرة رخوة في جبهته الجنوبية، ولذلك توليها الجزائر أهمية قصوى في استراتيجيتها الدبلوماسية والأمنية على اعتبار أنها جزء مهم في عمقها الاستراتيجي.  

واحتضنت العام 2015، محادثات السلام بين الحكومة والفصائل السياسية والعسكرية المتصارعة في مالي، وهي المحادثات التي توجت بـ”مسار الجزائر”، غير أنه تعثر لغاية الآن ولم يتم تجسيد مخرجاته، بسبب المؤثرات الإقليمية وعودة الأوضاع إلى مربع الصفر بعد انقلاب العسكر على الرئيس أبوبكر كايتا الصائفة الماضية. 

وتسعى الجزائر إلى تجسيد مسار السلام الموقع على أراضيها، لقناعة لديها بأن “استقرار مالي هو دعم لأمنها الاستراتيجي والقومي، وأن الاتفاق المذكور هو الحل الأمثل والدائم لإنهاء الخلاف بين الفرقاء الماليين”.

ودعت خلال الدورة السابقة للجنة المتابعة إلى “وضع خارطة طريق جديدة لتنفيذ الاتفاق، تماشيا مع أهداف المرحلة الانتقالية وجدولها الزمني، وعبرت عن دعمها الثابت للمرحلة الانتقالية في باماكو”.

ومن جهته أعلن رئيس وزراء مالي مختار وان، عن أربعة محاور كبرى ذات أولوية للحكومة الانتقالية، تتمثل في تنشيط عملية نزع السلاح وتسريع إعادة الاندماج وتسريع الإصلاحات السياسية والمؤسساتية ودعم إجراءات التنمية وإعادة بعث النشاطات الخاصة بالمصالحة الوطنية في البلاد.

4