إرجاء الحسم في قانون معاشات البرلمانيين في المغرب

متابعون يرون أن مشروع القانون يعكس استشراء للريع السياسي والفساد داخل البرلمان.
الخميس 2021/02/11
جدل واسع

الرباط - أجّلت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) الأربعاء المناقشة والتصويت على مقترح قانون معاشات أعضاء مجلس المستشارين المثير للجدل، في ظل ما تعرض له المقترح الذي يقضي بالاستفادة من مساهمات الدولة من انتقادات واسعة.

وكان أعضاء مجلس المستشارين قد أجمعوا الثلاثاء على إلغاء وتصفية نظام معاشات أعضاء مجلس المستشارين. وتهم التصفية مجموع رصيد نظام المعاشات بما فيها مساهمات الدولة.

وأثار المقترح ردود فعل واسعة من أعضاء الغرفة الأولى بالبرلمان الذين عبروا عن رفضهم للصيغة التي جاء بها مقترح قانون المعاشات القاضية بالاستفادة من مساهمات الدولة ما من شأنه أن يزيد من تعميق الخلافات داخل البرلمان.

ورأى متابعون أن مشروع القانون يعكس استشراء للريع السياسي والفساد داخل البرلمان عبر مساعي البرلمانيين لاستغلال مناصبهم للحصول على امتيازات مالية.

وأكدت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية في حديث لـ”العرب” أن “ما يحدث في مجلس المستشارين يوضح بالملموس أن محاربة الفساد التي يزكيها الدستور الحالي من منطلق دولة الحق والمؤسسات لم تترجم على أرض الواقع، خاصة من طرف سياسيين يفترض فيهم التحلي بالمواطنة الحقة التي تعلي مصلحة الشعب عوض التهافت وراء امتيازات الريع المستترة بحق تمثيل الأمة”.

واعتبرت لموير أن “ما وقع من شرعنة للريع السياسي داخل مجلس المستشارين يؤكد أن الأزمة الحقيقية التي أفرزها واقع حال الممارسة السياسية هي أزمة أخلاقية”.

ووصف عمر الشرقاوي الأستاذ الجامعي ما وقع من إجماع داخل مجلس المستشارين على توزيع مساهمات الدولة بـ”الفضيحة الأخلاقية والجريمة السياسية”.

ما يحدث في البرلمان يوضح أن محاربة الفساد التي يزكيها الدستور لم تترجم على أرض الواقع

أما محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام فقد اعتبر أن “مصادقة لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين الثلاثاء بالإجماع على مقترح قانون يقضي بتصفية نظام معاشات البرلمانيين، يعتبر فضيحة كبرى بكل المقاييس لنخبة تلهث وراء الريع والفساد وانعدام روح المسؤولية والمواطنة لدى المستشارين”.

وينص مقترح القانون المثير للجدل على أن يوزع رصيد احتياطي المعاشات على أعضاء الغرفة الثانية سواء تعلق الأمر بمساهمات المنخرطين أو بمساهمات إدارة مجلس المستشارين، حيث إذا سبق للمنخرط أو المستفيد أن حصل على معاش وكان مجموع ما حصل عليه يفوق مجموع مبالغ المساهمات الكلية المستحقة، فإنه “يعاد له مبلغ يساوي حاصل الفرق بين مبالغ المساهمات الكلية ومبالغ المعاشات المذكورة”.

ودعا النائب العربي المحرشي عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارض) إلى عدم توزيع مساهمات الدولة والاكتفاء فقط بمساهمات المنخرطين، كما اقترح تحويل هذه المبالغ إلى صندوق تدبير جائحة كورونا، وهو ما لم توافق عليه أغلبية أعضاء المجلس الذين سبق أن اتفقوا في لجنة المالية على طريقة تصفية الصندوق.

وبعد فرملة لجنة المالية بمجلس النواب لهذا القانون ودعوتها المستشارين إلى تبني صيغة أخرى، أوضحت النائبة ابتسام عزاوي أن “المناقشة والتصويت يحتاجان إلى مزيد من الوقت قصد دراسة المقترح وتقديم الملاحظات والاقتراحات والتعديلات الممكنة قبل المرور إلى التصويت”.

وتبلغ ميزانية صندوق تقاعد المستشارين 13 مليون درهم (130 مليون دولار) تتضمن نحو 98 مليون درهم (نحو 9.8 مليون دولار) مساهمة المستشارين ومساهمة الدولة، فيما يقدر الباقي المسمى بفارق احتياطي النظام بحوالي 32 مليون درهم (نحو 3.2 مليون دولار).

وأشار تقرير لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين الذي تحصلت “العرب” على نسخة منه إلى أن “رصيد الصندوق كما هو الشأن لجميع أنظمة التقاعد على المستوى الدولي هو ملك للمنخرطين”. وأضاف التقرير أن الاقتصار على احتساب الاشتراك فقط في عملية التصفية سيحرم 360 مستشارا سابقا من الاستفادة من المعاش ومن أي مكتسب ناتج عن عملية التصفية مباشرة بعد دخول قانون التصفية حيز التنفيذ.

وردا على الانتقادات أوضح عبدالعالي حامي الدين مستشار برلماني عن العدالة والتنمية أن القانونيْن المتعلّقين بتصفية معاشات مجلسي البرلمان (النواب والمستشارين) المصادق عليهما بإجماع جميع الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين يتم بموجبهما استرجاع مساهمات البرلمانيين الحاليين التي سبق اقتطاعها من تعويضاتهم فقط دون أن يشمل ذلك مساهمات الدولة، كون القانون يسميها مساهمات المجلس وليست مساهمات الدولة، وهذا ما اعتبره متابعون تدليسا وحجة ضعيفة لأن المجلس ليس له مداخيل سوى مساهمات ميزانية الدولة.

ويخضع صندوق المعاشات المتعلق بأعضاء مجلس المستشارين لقانون خاص ويتوفر على احتياطات مالية، لكنه يعاني من فقدان التوازن بين موارده ومصاريفه وهو مرشح للإفلاس مع حلول عام 2023.

ولا يتعدى عدد أعضاء المجلس 120 عضوا فيما عدد أعضاء المجلس السابقين الذين تصرف لهم معاشات يصل إلى حوالي 350. ومن المتوقع أن يعرف الصندوق أزمة خلال السنوات القليلة المقبلة كما حدث لصندوق معاشات أعضاء مجلس النواب الذي توقف عن صرف المعاشات لأكثر من 1000 عضو سابق منذ أكتوبر 2017 بسبب إفلاسه.

4