الاقتصاد المغربي يحاول الإفلات من قبضة الركود

رغم توقعات الانكماش الكبير في 2020 لدى الاقتصاد المغربي، إلا أنه لم يصل لمرحلة هبوط حادة مثل عديد الاقتصادات حول العالم.
الأربعاء 2021/02/10
كلفة كورونا باهظة

يحاول الاقتصاد المغربي الإفلات من قبضة الانكماش الذي سببته تداعيات جائحة كورونا، حيث يسود تفاؤل حذر بتحقيق نمو اقتصادي في العام 2021 بعد تعافي القطاعات المنتجة.

الرباط – يسعى الاقتصاد المغربي إلى تسريع التعافي وتجاوز ضغوط كورونا التي تسببت في تعطيل عجلة السياحة بالمغرب، وتعليق جزئي لأنشطة مصانع إنتاج وتجميع السيارات، وإيقاف عدد من القطاعات، ما أدى إلى انكماش اقتصادي.

وبينما توقع باحث اقتصادي استمرار معاناة الاقتصاد المغربي من متاعب خلال 2021، بدا برلماني متفائلا بحديثه عن مؤشرات لسنة إيجابية على عدة أصعدة.

وقال رشيد أوراز، الباحث الاقتصادي بالمعهد المغربي لتحليل السياسات إن “الاقتصاد الوطني سيعرف متاعب خلال 2021 مرتبطة بتداعيات انتشار فايروس كورونا”.

وأضاف أوراز، أن “كل التوقعات تشير إلى أن الاقتصادات الوطنية لن تسترجع عافيتها قبل 2023، ما يعني استمرار ظهور تأثيرات الأزمة الصحية خلال 2021 و2022”.

رشيد أوراز: التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد لن يستعيد عافيته قبل 2023
رشيد أوراز: التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد لن يستعيد عافيته قبل 2023

والشهر الماضي، توقعت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب (هيئة الإحصاء رسمية)، ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.6 في المئة خلال 2021، مقابل توقعات بانكماش 7 في المئة في 2020.

وتأتي توقعات المندوبية متقاربة مع أخرى للبنك المركزي، الذي حدد نسبة النمو خلال 2021 عند 4.7 في المئة، ومعدل تضخم دون 1 في المئة.

وقال أوراز “خلال 2021 ستعاني بعض القطاعات أكثر من غيرها، خصوصا تلك التي كانت شبه متوقفة، مثل السياحة والطيران والصناعة التقليدية، كما سيكون هناك ارتفاع لمعدلات البطالة لعدم قدرة الشركات على الصمود”.

وأضاف “سيكون هناك أيضا تراجع مستمر للاستثمار الخاص والمباشر، لأن الدولة رغم ما تقوم به من إجراءات لن تكون قادرة على ضمان تحسن الاستثمار الخاص والاستثمارات الأجنبية المباشرة”.

ورغم توقعات الانكماش الكبير في 2020 لدى الاقتصاد المغربي، إلا أنه لم يصل لمرحلة هبوط حادة مثل عديد الاقتصادات حول العالم، التي يتوقع أن تسجل انكماشا فوق 10 في المئة.

في 15 مارس 2020، قرر المغرب إنشاء صندوق خاص لتدبير ومواجهة الفايروس، للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، ومواكبة القطاعات الأكثر تأثرا بفعل انتشار كورونا، كالسياحة، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة.

فيما اعتبر نوفل الناصري، البرلماني وعضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادي بمجلس النواب، أن “2021 ستعرف تسجيل معدل نمو يصل إلى 4.8 في المئة، وفقا لسيناريوهات تعافي الاقتصاد العالمي”.

وأضاف الناصري وهو أيضا باحث اقتصادي، أن “معدل النمو المتوقع في 2021 يمكن أن يعوض الانكماش الكلي الذي عرفه الاقتصاد الوطني في 2020”.

وتابع “هناك إمكانية لاستعادة مجموعة من القطاعات عافيتها خصوصا الأنشطة المرتبطة بالتجارة، وبعض القطاعات مثل الفنادق والسياحة التي عرفت تدهورا كبيرا في السنة الماضية”.

ونفذت المملكة إجراءات وقيودا صارمة منذ مارس الماضي، ضمن محاولات حكومية لمنع تفشي كورونا محليا، شملت تعليق الطيران والتنقل وغلق المرافق الحيوية، استمرت أكثر من ثلاثة أشهر.

وتابع “من بين الأمور التي تبشر بسنة إيجابية على مستوى معدل النمو، توقع ارتفاع القيمة المضافة الزراعية بنسبة 11 في المئة مما سيجعل المحصول الزراعي يتجاوز 70 مليون قنطار”.

وأضاف “كذلك، نتوقع ارتفاع إنتاج الحمضيات بـ29 في المئة وإنتاج الزيتون 14 في المئة، مما سيعطي قوة قوية للاقتصاد المحلي وسيعزز قدرته لاسترجاع عطائه”.

القطاع السياحي.. أولوية
القطاع السياحي.. أولوية

وزاد “2021 ستكون إيجابية، خصوصا مع البدء في تعميم التغطية الصحية التي ستعالج الاختلالات التي عرفتها المنظومة الاجتماعية وستمكن من تحقيق التكامل الاقتصادي”.

ويربط الناصري ما سبق، مع استثمارات عمومية في 2021 ستصل إلى 230 مليار درهم (25 مليار دولار) “ستمكن من تعزيز القيمة المضافة في مجموعة من القطاعات الإنتاجية، وإحياء قطاع المقاولات بالمملكة، والرفع من احتياطات العملة الصعبة”.

وحول الملفات الاقتصادية ذات الأولوية، أوضح الباحث الاقتصادي أوراز، أن “القطاع السياحي يعتبر أولوية، باعتباره أكبر المتضررين، ولأنه مشغل رئيس ويرتبط بقرارات الاقتصاديات الأجنبية”.

وشدد على أنه “يجب على الدولة أن تقدم ما يكفي من الضمانات المؤسساتية والإصلاح والحوكمة للمستثمرين المحليين والأجانب.. وتنفيذ إصلاحات على مستوى سوق الشغل كي تكون أكثر مرونة”.

في 28 يناير الماضي، انطلقت الحملة الوطنية للتلقيح ضد فايروس كورونا بلقاحي “سينوفارم” الصيني و”أسترازينيكا أكسفورد” البريطاني.

وتوصل المغرب إلى شراء 2.5 مليون جرعة كدفعة أولى من اللقاحين، توزعت بين مليوني جرعة من “أسترازينيكا” و500 ألف من “سينوفارم”.

10