الإمارات ترى أن المصداقية الأميركية في التعامل مع أمن الخليج على المحك

أبوظبي - استبق وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اجتماعا مهما يعقده الرئيس الأميركي جو بايدن وكلمة يلقيها على منتسبي وزارة الخارجية ستحدد الأطر التي ستتعامل بها الإدارة الجديدة مع ملفات منطقة الشرق الأوسط، خاصة سحب الدعم لحرب اليمن، بالإضافة إلى التهديدات الجارية في المنطقة سواء من إيران أو من الميليشيات التابعة لها.
وأعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن الرئيس بايدن يعتزم إنهاء الدعم الأميركي للعمليات العسكرية في اليمن، وهي خطوة يقول مراقبون إنه كان من الأجدى أن تتم بعد أن تكون الإدارة الجديدة قد كوّنت فكرة واضحة عن الملف وأجرت لقاءات مباشرة مع الجهات المعنية، وعلى رأسها السعودية.
وترى الإمارات أن المصداقية الأميركية في المنطقة على المحك، ولن يزيد سحب الدعم الأميركي من العمليات في اليمن إلا التأكيد على أن خيارات واشنطن مفتوحة أكثر مما يحتمله الأمن الإقليمي.
وجاء في بيان الخارجية الإماراتية تذكير واضح بالعلاقات الإستراتيجية بين البلدين، في إشارة واضحة إلى معطيات العلاقة التي تنوي الإدارة الأميركية الجديدة بناءها مع إيران دون الأخذ في الاعتبار حجم التهديد الذي تمثله على المستوى الإستراتيجي، وفي ظل الاختراقات المستمرة وتهديد أمن المنطقة عبر السباق نحو التسلح وتطوير الصواريخ الباليستية والمُسيّرات، ووضع هذه الأسلحة تحت تصرف الميليشيات التي لم تتردد في استخدامها سواء في اليمن أو في العراق أو في سوريا، واستهداف منشآت النفط.
وذكر بيان نُشر، الخميس، على موقع وزارة الخارجية الإماراتية أن الشيخ عبدالله بن زايد بحث مع بلينكن “العلاقات الإستراتيجية وقضايا المنطقة”، و”التعاون المشترك بين البلدين لمواجهة التهديدات الإقليمية والعمل معا من أجل صون الأمن والاستقرار في المنطقة”.

الشيخ عبدالله بن زايد يبحث مع أنتوني بلينكن "التعاون المشترك بين البلدين لمواجهة التهديدات الإقليمية والعمل معا من أجل صون الأمن والاستقرار في المنطقة".
وصار واضحا أن الإدارة الأميركية الجديدة ستعيد تشكيل المؤسسات الأمنية المعنية في الشرق الأوسط، وستحدث تغييرات واسعة في الهيكل الدبلوماسي، وتعيد النظر في كل مستشاري وزارة الدفاع، في حين أن مجلس الأمن القومي ومستشاري الخارجية هم من الطاقم السابق لإدارة باراك أوباما التي دعمت إيران وفسحت المجال أمامها لممارسة أنشطة تخريبية، وهو أمر مرشح الآن لأن يتوسع ويهدد الأمن خصوصا في الخليج.
وقالت مصادر إن الإمارات لديها الوزن السياسي والدبلوماسي الكبير الذي تستطيع من خلاله الحديث مع الإدارة الجديدة بعيدا عن الحساسيات الدبلوماسية والإعلامية التي يمكن أن يفرزها حوار بين إدارة بايدن والحليف السعودي بعد حملة استبقت وصول الإدارة الجديدة واستهدفت الرياض، وذلك على خلفية موضوع جمال خاشقجي وعناصر أخرى تتعلق بحقوق الإنسان ووضع المرأة.
وتنظر الإمارات بجدية إلى التغييرات التي يمكن أن تحدثها الإدارة الأميركية الجديدة التي يبدو أنها تعد لترك الملفات الخارجية لوزير الخارجية ومستشاري الأمن القومي في حين سيركز الرئيس بايدن على إعادة اللحمة السياسية في البلاد وعلى مواجهة جائحة كورونا، وهو ما يجعل الموقف المحتمل من واشنطن ساحة سياسية مفتوحة للتأثير من قبل الحلفاء الموثوقين، أو من إيران، أو تركيا وقطر والتيارات الإسلامية التي تريد استثمار وجود إدارة جديدة لإحياء الربيع العربي في نسخته الجديدة.
ويعتقد مراقبون أنه مثلما أن واشنطن تفكر في حماية مصالحها من بوابة علاقة جديدة مع إيران، فإن لدول الخليج منطقها وحساباتها في حماية أمنها من خلال الاعتماد على الذات بشكل رئيسي، وهذا ما يفسر رغبة الإماراتيين في الحصول على مقاتلات أف -35، وسعي السعودية لتنويع مشترياتها من الأسلحة من أكثر من دولة.
ويريد الخليجيون أن يشاركوا بأنفسهم ضمن مظلة دولية في الدفاع عن الأمن الإقليمي، وخاصة ضد التهديدات الإيرانية، وعدم الاكتفاء بالاعتماد على الولايات المتحدة التي باتت مواقفها مرتهنة بأمزجة بعض رؤسائها ومسؤولي خارجيتها.
ويعتقد الإماراتيون أن حصولهم على هذه الطائرات المتطورة سيساعد على تحقيق توازن إقليمي يدفع نحو سلام دائم ومتكافئ مع إيران التي تعمل باستمرار على تطوير أسلحة تهدد أمن الخليج، في الوقت الذي تريد فيه دوائر أميركية من الخليجيين أن يكتفوا بالفرجة.
وكان يوسف العتيبة، سفير الإمارات في واشنطن، قد أكد ثقة بلاده في إتمام صفقة بيع طائرات أف – 35 بعد مراجعة إدارة الرئيس جو بايدن لبعض مبيعات الأسلحة المعلقة إلى حلفاء للولايات المتحدة.
وقال العتيبة، خلال منتدى نظمه معهد واشنطن عبر الإنترنت، “فعلنا كل شيء كما يجب، وسيكتشفون ذلك فور استكمال المراجعة وستتم (الصفقة)”، بحسب ما نقلت قناة “الحرة”.
ووصف الدبلوماسي الإماراتي، خلال مشاركته في المنتدى، المراجعة الأميركية لصفقات الأسلحة بأنها “شكلية”، وأن “كل شيء ما زال يسير في مجراه بالتزامن مع المراجعة (في إشارة إلى إجراءات الصفقة). وواثق أن الأمر سينتهي في المكان المناسب”.
وعقدت الإمارات اتفاقات لشراء ما يصل إلى 50 مقاتلة من طراز أف – 35 و18 طائرة مسيّرة مسلحة ومعدات دفاعية أخرى في صفقة قيمتها 23 مليار دولار.