منظمات تتساءل عن مصير أموال أرسلت إلى لبنان بعد انفجار بيروت

بيروت - تشكو منظمات غير حكومية في لبنان من وصول نزر قليل من المبالغ المالية إليها، رغم تأكيد المانحين الدوليين إرسالها، بعد انفجار مرفأ بيروت.
وكان المجتمع الدولي تعهد خلال مؤتمر عقد في التاسع من أغسطس، أي بعد خمسة أيام على الانفجار المروع، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تقديم 298 مليون دولار كدعم إنساني للبنان على أن تقدم برعاية الأمم المتحدة وبشكل مباشر للشعب اللبناني.
وزار ماكرون لبنان مرتين إثر الانفجار الذي تسبب بمقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، وتدمير أجزاء واسعة من العاصمة.
وإثر مؤتمر آخر عقد في الثاني من ديسمبر وبدعم من ماكرون أيضا، أطلق الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والأمم المتحدة خطة عمل للإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار لمدة 18 شهرا. وقدرت قيمة الاحتياجات للتعافي في السنة الأولى بـ426 مليون دولار.
وأشاد ماكرون خلال ذلك المؤتمر بوفاء الجهات الدولية بالتعهّدات التي قطعتها في المؤتمر الأول وقال إنها تخطت 280 مليون يورو (أكثر من 330 مليون دولار).
وتوضح المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي أنه من أصل 298 مليونا تم إرسال 161 مليون دولار عبر الأمم المتحدة إلى لبنان، فيما جرى إرسال مساعدات عينية بقيمة 124 مليونا إلى منظمات غير حكومية، أي ما مجموعه 285 مليون دولار.
وتشير إلى مساعدات أخرى أرسلت إلى الحكومة اللبنانية لكن “من الصعب” أن تقدرها الأمم المتحدة. وتؤكد رشدي “جرى الوفاء بشكل كامل بالمساعدات التي تم التعهد بها في التاسع من أغسطس”، لافتة في الوقت ذاته إلى “تحديات التنسيق” على الأرض.
161
مليون دولار تم تسليمها إلى لبنان، فيما جرى إرسال 124 مليونا إلى منظمات غير حكومية
ورغم ذلك، لا تزال هناك مبالغ لم تصل إلى لبنان بينها ستة ملايين دولار من أصل 18 مليونا تعهدت بها الوكالة الفرنسية للتنمية. ولا تزال خطة التعافي وإعادة الإعمار الثلاثية التي نتجت عن المؤتمر الثاني، تراوح مكانها.
وتشكو منظمات غير حكومية، على غرار الصليب الأحمر اللبناني، من قلة المساعدات التي بلغتها. ويقول المسؤول في الصليب الأحمر نبيه جبر إن “شخصيات ومؤسسات موّلت أكثر من 80 في المئة من عمليات الاستجابة التي قامت بها المؤسسة بعد انفجار بيروت”.
وحصد الصليب الأحمر اللبناني 27 مليون دولار على شكل هبات خاصة في مقابل خمسة ملايين فقط من شركاء دوليين.
ولا يتوقف الأمر عند الصليب الأحمر، إذ أن الوضع ذاته تكرر مع منظمة “بيت البركة”، التي انكبت على القيام بأعمال إغاثة في الأحياء المتضررة. وتقول مديرة المنظمة مايا إبراهيم شاه إن أمام نقص التمويل، لجأت منظمتها إلى البحث عن مصادر أخرى، وقد أرسل المغتربون لها 3.2 مليون دولار.
وإضافة إلى صعوبات التمويل، تواجه المنظمات غير الحكومية أزمة أخرى وهي صعوبة سحب أموالها من البنوك اللبنانية.
ومنذ خريف 2019، فرضت البنوك تدريجيا قيودا مشددة على الحسابات خصوصا بالدولار. وتسمح البنوك للمودعين بسحب مبالغ بالدولار خلال فترة زمنية معينة وضمن سقف محدد.
وبالنتيجة، فإن بعض المنظمات غير الحكومية اضطرت إلى أن تسحب جزءا من المبالغ بالليرة اللبنانية بحسب سعر المصارف ما أفقدها 55 في المئة من قيمتها الفعلية.
وتقول فيرجيني لوفيفر من مؤسسة “عامل الدولية” لقد “أجبرنا على تحويل بعض المبالغ إلى الليرة اللبنانية وفق سعر صرف المصارف”.
ويواجه قطاع الثقافة والتراث شحا في التمويل. ووفق أحد المسؤولين فيه، تلقى تحالف “مبادرة بيروت للتراث” 250 ألف دولار عبر جهات مؤسساتية، فيما تقدر حاجات القطاع بـ300 مليون دولار.
ولم تنظم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة حتى الآن مؤتمرا للداعمين كان يفترض إطلاقه في أكتوبر. ويقول فضلو داغر، أحد مؤسسي “مبادرة بيروت للتراث”، إن من دون الدعم المالي “من الاستحالة القيام بأي أعمال إعادة إعمار للتراث اللبناني”.