سوريا تلجأ إلى الاستيراد لتغطية نقص الوقود

محاولة لسد فجوة انقطاع شحنات النفط الإيراني.
الثلاثاء 2021/01/19
نيران ترامب لا تستثني أحدا

انعكس تشديد الولايات المتحدة للعقوبات على طهران بوتيرة أسرع على سوريا، حيث عرقل الحظر المفروض على كيانات وأفراد في قطاع النفط الإيراني وصول شحنات الوقود إلى دمشق، مما عمق أزمة المحروقات في البلد الذي يكافح أصلا من عقوبات قانون قيصر، الأمر الذي دفعه إلى الاستيراد لتعويض النقص.

دمشق - دفعت العقوبات الأميركية الثنائية على إيران وسوريا دمشق إلى اللجوء إلى استيراد النفط من خارج إيران بفعل تشديد هذه العقوبات على الإمدادات من الخام الإيراني في ظل أزمة وقود حادة.

وقالت الحكومة السورية في تصريحات صحافية إنها ستستورد المزيد من النفط الخام لتغطية نقص الوقود الذي تلقي باللائمة فيه على العقوبات الغربية التي عطلت شحنات النفط الإيراني.

وعوض النفط الإيراني سوريا لسنوات عن خسارة إنتاج النفط المحلي الناجمة عن الصراع.

وواجه البلد الخاضع لعقوبات نقصا في الوقود لعدة أشهر العام الماضي، مما دفعه إلى توزيعه بنظام الحصص في المناطق الخاضعة للحكومة وإلى رفع الأسعار عدة مرات.

وحددت الحكومة حصة للمركبات الخاصة حجمها 30 لترا من البنزين كل أربعة أيام خلال سبتمبر من العام الماضي، بالتزامن مع ذروة نقص الوقود. وقال السكان حينها إن المئات من سائقي السيارات ينتظرون لساعات قبل فتح محطات الوقود.

وتسبب قرار السلطات السورية تحديد كمية التزود بالبنزين للسيارات في نقص كبير في السوق الرسمية، في مقابل انتعاشة في السوق السوداء نظرا لخروج عمليات البيع هناك عن ضوابط السوق الرسمية.

واستغل بعض تجار الوقود هذه الأزمة لزيادة أرباحهم وذلك بالمضاربة في أسعار البنزين وعدم الالتزام بأدنى شروط البيع.

وانهار إنتاج النفط في سوريا بعد أن فقدت دمشق معظم حقولها شرقي نهر الفرات خاصة في دير الزور، حيث باتت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وتلقى دعما مباشرا من الولايات المتحدة.

وتشتري دمشق عبر وسطاء مادة النفط من الأكراد لسد العجز الحاصل لديها، بيد أنه في الأشهر الأخيرة وجهت الولايات المتحدة تحذيرات للجانب الكردي بوقف تزويد النظام، وإلا فإنهم سيجدون أنفسهم معرضين لسيف قيصر.

ولم يوضح رئيس الوزراء حسين عرنوس كيف ستوفر بلاده الإمدادات الإضافية، لكنه قال إنها استوردت بالفعل 1.2 مليون طن من النفط الخام الإيراني مع منتجات بترولية أخرى بنحو 820 مليون دولار في الأشهر الستة الأخيرة.

ويأتي نقص الوقود في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية وسط انهيار العملة وتضخم هائل ومصاعب متفاقمة على السوريين المتضررين من سنوات الحرب.

وقال عرنوس إن بلاده تنتج الآن 20 ألف برميل يوميا فقط مع خسارة نحو 400 ألف برميل يوميا من حقول النفط في شمال غرب سوريا.

حسين عرنوس: استخدمنا الكثير من العملة الصعبة لشراء المنتجات النفطية
حسين عرنوس: استخدمنا الكثير من العملة الصعبة لشراء المنتجات النفطية

وقال رئيس الوزراء لنواب البرلمان إن سوريا أصبحت تعتمد على واردات النفط، وإنها استخدمت قدرا كبيرا من العملة الصعبة لشراء المنتجات البترولية.

وتتهم واشنطن سوريا منذ فترة طويلة بتهريب النفط من لبنان عبر منطقة حدودية يسهل اختراقها بفعل سيطرة حزب الله حليف دمشق والمدعوم من إيران عليها.

وقال متعاملان إن نقص العملة الأجنبية أجبر دمشق أيضا على استيراد كميات أقل من الوقود، مما زاد من شح الإمدادات.

وسبق أن اعتمدت سوريا على شحنات النفط الإيرانية، لكن تشديد العقوبات عليها وعلى طهران وحلفائهما أدى إلى توقف الإمدادات العام الماضي.

ومنذ بدء النزاع، مُني قطاع النفط والغاز بخسائر كبرى تقدّر بأكثر من 74 مليار دولار جراء المعارك وفقدان الحكومة السيطرة على حقول كبرى، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية المشدّدة عليها.

يذكر أن أزمة الوقود انحسرت أواخر العام الماضي بفضل شحنات من إيران، حيث تسلمت دمشق شحنة من النفط من حليفتها طهران ما خفف أزمة الوقود.

وأواخر العام الماضي شددت الولايات المتحدة عقوباتها على إيران، حيث فرضت عقوبات جديدة استهدفت كيانات وأفرادا بقطاع النفط الإيراني من بينهم وزير النفط بيغان زنقنة، وذلك في إطار جملة من الإجراءات العقابية التي تمارسها واشنطن ضمن سياسة “الضغوط القصوى” على طهران.

وذكرت وزارة الخزانة الأميركية في بيان حينها أن “الولايات المتحدة تصنف اليوم وزارة النفط الإيرانية، والشركة الوطنية الإيرانية للنفط، وشركة الناقلات الإيرانية الوطنية على قائمة العقوبات الخاصة بمكافحة الإرهاب وذلك لتمويلها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني”.

وتهدف العقوبات إلى تجفيف موارد صادرات إيران النفطية، ومعاقبة أي دولة تشتري منها النفط.

كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على حكومة مادورو، ونجحت في وقت سابق من العام الماضي في مصادرة شحنات أربع ناقلات نفط قادمة من إيران ومتجهة إلى فنزويلا التي تعاني نقصاً كبيراً في الكهرباء رغم وفرة النفط لديها.

وكانت أربع ناقلات نفط إيرانية قد نجحت في أواخر مايو 2020 في الوصول إلى الموانئ الفنزويلية، في تحدٍ للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على كل من إيران وفنزويلا.

وتسببت العقوبات الأميركية في نقص حاد في البنزين بفنزويلا العضو في منظمة أوبك مثل إيران والتي تواجه انهيارا اقتصاديا.

11