يأس الآباء وتشاؤمهم ينعكسان سلبا على مستقبل الأبناء

دراسة حديثة: المشاعر السلبية قادرة على الانتقال من الأب إلى الابن بشكل وراثي.
الثلاثاء 2021/01/19
تفاعلات ذات أثر مباشر

واشنطن - أصبحت المشاعر السلبية تطغى على نسبة كبيرة من العلاقات بين الآباء والأبناء، بسبب الضغوط التي يعيشونها والتي تزايدت حدتها بعد تفشي جائحة كورونا التي لها تأثيرات سلبية فاقمت الضغوط النفسية.

وشدد الخبراء على ضرورة تخلص الآباء من تمرير حالات التشاؤم والغضب والسخط على المحيط والمجتمع إلى أطفالهم نظرا لما لهذه المشاعر السلبية والأفكار السوداوية من مضار على نفسياتهم ومستقبلهم.

ولفتوا إلى أنه على الآباء تقييم التحكم في مشاعرهم السلبية، موضحين أن هذه المشاعر قد تمثل 20 في المئة فقط ولكنها تحطم 80 في المئة من المشاعر الإيجابية لدى الأبناء، لذلك نبهوا إلى ضرورة الحذر عند التعامل مع الأبناء والتحكم في تفاعلاتهم.

وكشفت دراسة حديثة أن المشاعر السلبية قادرة على الانتقال من الأب إلى الابن بشكل وراثي، وهو ما يعني أن طباع البشر لا تنشأ فقط مما يتعرضون له من مواقف خلال حياتهم، بل قد تكون إرثا قديما لا دخل لهم فيه.

وأكدت الدراسة التي أنجزها باحثون من جامعة ماريلاند الأميركية ومؤسسات طبية أخرى، أن بعض الحويصلات المتعلقة بالخلية، والمعروفة بتأثيرها على تيارات الدماغ، تستطيع إحداث تغيير في السائل المنوي لدى الرجل، والتأثير على أبنائه في المستقبل.

وقال الباحث الأميركي كريس مورغان إن ثمة احتمالا كبيرا لقدرة السائل المنوي على حمل ذاكرة الأب إلى الجنين، وأكد أن هذا الأمر غير مستبعد. وراهن العلماء على هذه الدراسة لفهم سلوك الإنسان على نحو أفضل، فضلا عن معالجة الاضطرابات التي تصيبه بفضل التشخيص الدقيق للأسباب.

ونبه علماء النفس إلى أن الكثير من الآباء يعتقدون أن سلبيتهم صحيحة على الرغم من أنها تدمر نفسياتهم وحياة من حولهم، ولا يدعمون أبناءهم لبلوغ ما يطمحون إليه بسبب نظرتهم السوداوية وتشاؤمهم، بل على العكس يحبطونهم.

وكشفت الدراسات الحديثة أن الطفل يكتسب مشاعر التذمّر والقلق الزائدين من كلا أو أحد الوالدين، فكلما اكتسب الأب مشاعر سلبية وكانت أفكاره تتسم بالتشاؤم والإحباط حيال كل ما يتعلق بحياته الأسرية والاجتماعية، كلما زرع في نفسه هذه المشاعر والأفكار.

وأشارت إلى أن الطفل يكتسب من أسرته ومحيطه الاجتماعي التشاؤم، والذي يكون للأبوين دور رئيسي فيه بنظرتهما السلبية الدائمة إلى المشاكل التي تحدث، حيث يعتمد الطفل أيضا هذه النظرة حين تواجهه المشاكل والأزمات.

الأشخاص المحاطين بأناس سلبيين يشتكون دائما تنتقل إليهم عدوى هذه المشاعر

وقالت الكاتبة الإسبانية راكيل ليموس رودريغيز إن الأولياء يبذلون قصارى جهدهم في تربية أطفالهم، ولكنهم قد لا يدركون أحيانا أن بعض الممارسات السيئة من شأنها أن تلحق الضرر بأبنائهم أكثر من أن تنفعهم.

وأكدت رودريغيز أن العاطفة الأبوية وحدها غير كافية، ومن الضروري أن يحدد الآباء السلوكيات التي يمكن أن تضر بأبنائهم، حيث يمكن أن تؤثر على احترام الأبناء لذواتهم وتسبب لهم مشاكل جسيمة في المستقبل، مشيرة إلى أن الأطفال يجب أن يترعرعوا في بيئة آمنة ومستقرة.

وأوضحت أن الآباء يجعلون أبناءهم في بعض الأحيان يشعرون بالذنب إزاء أشياء ليست لهم أي صلة بها، ويمكن أن تسبب لهم هذه المسألة الكثير من المشاكل النفسية في المستقبل، حيث تشعرهم بالذنب وجلد الذات دون وعي منهم. ولا ينبغي لأحد أن يجعل الآخرين يشعرون بالذنب، والأمر سيان بالنسبة إلى الآباء والأمهات تجاه أبنائهم.

وأوضح المختصون أن الأشخاص المحاطين بأناس سلبيين يشتكون دائما ويعتقدون أنهم يعانون وحدهم من مشاكل في الحياة، تنتقل إليهم عدوى هذه المشاعر وتؤثر على مجرى حياتهم. وأكدوا أن التفكير السلبي يعمل على جعل الدماغ يرى العالم المحيط بشكل سوداوي ومتشائم، والعكس صحيح، وتؤدي المشاعر السلبية مثل الغضب إلى مشاكل كبيرة للإنسان.

وأشاروا إلى أن الأشخاص السلبيين يمكنهم أن يحدثوا ضررا في صحة أجساد من يتعاملون معهم على شكل ارتفاع في ضغط الدم والإجهاد والقلق والصداع وضعف الدورة الدموية، حيث كشفت الدراسات أن الغضب لمدة 5 دقائق فقط يرهق الجسم بشكل كبير ويضعف جهاز المناعة لأكثر من 6 ساعات، وكل هذه المشاكل الصحية يمكن أن تؤدي إلى مشاكل أكثر خطورة مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية.

وبيّن أخصائيو علم النفس أن الأفكار السلبية ترتبط بهرمون “الكورتيزول”، ويُعرف بهرمون الإجهاد وهو عبارة عن مادة كيميائية توجد في العقل، لكنها تحفز التفكير السلبي في حالة زيادتها، موضحين أن بعض الأشخاص يتملكهم خوف كبير من المجهول، ولأن أي شخص يخاف من الغموض الذي يحمله المستقبل، تبدأ الأفكار السلبية في التدفق إلى العقل باستمرار.

ويمكن أن يتحول الأبناء الذين يقضون المزيد من الوقت مع آباء سلبيين إلى التفكير بشكل سلبي مثلهم، كما بينت الأبحاث أن المواقف تتكرر ونبرة الصوت وتعابير الوجه تتغير نتيجة قضاء المزيد من الوقت مع الأشخاص السلبيين.

21