حركة "حمس" الإخوانية في الجزائر تسوق نفسها كخيار ثالث

خطاب رئيس أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر يُظهر جرأة غير معهودة على انتقاد السلطة والشارع.
الاثنين 2021/01/11
مناورة إخوانية جديدة

الجزائر - تدفع حركة مجتمع السلم الإخوانية نحو التأسيس لخط ثالث يكون ملاذا للخروج من ثنائية السلطة والشارع في الجزائر، فهي إذ تعمد إلى انتقاد مواقف الطرفين، لا تتوانى في الاستفادة من مقاربتهما في القطع مع ممارسات الحقبة السياسية الماضية، وهو ما يكرس براغماتية الإخوان في التعاطي والتلوّن مع جميع الوضعيات، بما فيها مناكفة الرفاق تلك في دول أخرى.

وانتقد رئيس حركة مجتمع السلم “حمس” عبدالرزاق مقري، في ندوة “الجزائر والتحديات الخارجية” التي انتظمت بالعاصمة، السبت، إفرازات الحراك الشعبي من تيارات سياسية وفكرية متناقضة في بعض الأحيان، في إشارة إلى تصدر التيار العلماني للاحتجاجات الشعبية.

وأرجع المتحدث فشل الحراك الشعبي، الذي خذلته تيارات إسلامية وقومية انخرطت في المسارات السياسية للسلطة، إلى ما وصفه بـ”الصراعات والعداوات التي أفرزها الحراك الشعبي، ما أدّى إلى تعطيل تحقيق الأهداف الكبرى”، وحمّل المسؤولية إلى السلطة والطبقة السياسية والأهلية بمختلف توجهاتها.

وذكر أن تعثر الحراك في تحقيق أهدافه يعود إلى “التسابق المحموم لاستغلاله من أجل الوصول إلى الحكم أو البقاء فيه، وبروز مظاهر شعبوية على مستوى السلطة لإضعاف البدائل السياسية الناضجة والجاهزة، بدل انكسار أجهزتها الحزبية المضخمة بالتزوير، وأن نفس المظاهر الشعبوية طغت على المستوى الشعبي، وقادتها جهات جشعة ومتسرعة لفرض نفسها بلا نضال على حساب الجميع بلا تمييز”.

ويُظهر خطاب رئيس أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر، جرأة غير معهودة على انتقاد السلطة والشارع في آن واحد، في خطوة تمهد لتقديم أنفسهم كخيار سياسي ثالث يملك تصورات وآليات للخروج من حالة الاستقطاب المشتدّة بين الطرفين، رغم أن الإسلاميين لم يكونوا من فاعلي الحراك الشعبي، ولا من الموالاة السياسية العلنية للسلطة.

عبدالرزاق مقري: العداوات والصراعات التي أفرزها الحراك هي التي أفشلته

واستوجب إخوان الجزائر، ضرورة منح الأولوية لتوفير “الظروف القانونية والسياسية والثقافية والاجتماعية، الموصلة إلى بناء مؤسسات ذات مصداقية يزيد التنافس السياسي في قوتها بدل إضعافها، واستغلال ثقافة الحرية والإيمان بإمكانية التغيير وعودة سلم القيم إلى أصله باعتبار أن الفساد أو التزوير الانتخابي عمل منكر خطير، وكسر فقاعات الانتهازية والتملق وجعل أصحابها يخشون التصدر والمزايدة السياسية”.

وعاد عرّاب التيار الإخواني في الجزائر، في ندوة “الجزائر والتحديات الأجنبية”، إلى مبادرة “حمس” التي طرحتها قبل بداية أحداث الحراك الشعبي، وهي “مشروع الإجماع الوطني”، الذي استهدف جمع كل أطراف الأزمة على مقاربة واحدة.

ولم تجد “حمس” حرجا في الجلوس إلى جانب السلطة منذ سنوات، واقترحت في 2018، إمكانية التمديد لبوتفليقة، في عهدته الرابعة، قبل أن تتجاوزها موجة الحراك الشعبي، وها هي الآن تجدد طرح نفس المسعى، رغم مأزق الشرعية الذي يؤرق السلطة الجديدة، بسبب المقاطعة الكبيرة للجزائريين لاستحقاقي الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور.

ووجد مقرّي، في ما أسماه “التحديات الخارجية”، في إشارة إلى الأوضاع الإقليمية المأزومة، مبررا لإعادة طرح مبادرة حركته، من خلال دعوة “جميع الأطراف إلى تحمل المسؤولية وتحقيق تعاون جادّ لصياغة وإطلاق مشروع وطني جامع يمتّن الجبهة الداخلية في مواجهة المخاطر الخارجية، والتعاون لبناء المؤسسات ذات المصداقية والشرعية الشعبية، التي تصون الجزائر وتطورها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفي مختلف المجالات”.

وشدد على أن “إنجاح الإصلاحات السياسية يقتضي التعاون والحوار والتشاور عبر تحسين الأجواء السياسية، بالخروج من حالات الاحتقان المهلك والاستقطاب العدمي، والتوقف عن الصراعات العرقية والجهوية والمناطقية وتحويل النقاش والمنافسة بين البرامج والأفكار كل حسب خلفياته”.

وأكد المتحدث ضرورة فتح حوار وطني “شامل وجاد ومسؤول”، بما في ذلك السلطة والطبقة السياسية، واحترام الحريات الفردية والجماعية وفتح المجال الإعلامي ورفع القيود في طريق اعتماد الأحزاب والمنظمات، لكنه في المقابل تغاضى عن مطالب الاحتجاجات السياسية المعلقة بسبب جائحة كورونا، وهو ما يبقي حالة الاحتقان في مربع الصفر في ظل استمرار القبضة الحديدية بين السلطة والشارع.

4