ليبيا تبدأ تطبيق سعر صرف جديد موحد

فاعلية القرار مرتبطة بمدى التزام البنكين المركزيّين.
الاثنين 2021/01/04
ترتيب فوضى السوق النقدية يحتاج التزاما

دخلت السلطة النقدية في ليبيا مرحلة جديدة مع بدء تطبيق سعر صرف موحد بعد سنوات من الانقسام بين البنكين المركزيين في طرابلس وشرق البلاد، في خطوة استبشرتها الأوساط الاقتصادية لدفع عجلة الاقتصاد.

طرابلس – بدأ مصرف ليبيا المركزي، الأحد، تطبيق سعر صرف موحد جديد في أنحاء البلاد جرى الاتفاق عليه الشهر الماضي بعد سنوات من الانقسام بين فرعين متنافسين على جانبي الصراع.

وفي إطار التغيير، علقت حكومة الوفاق الوطني رسوما فرضتها على معاملات النقد الأجنبي قبل عامين لتقترب بسعر الصرف الرسمي من سعر السوق السوداء.

وكان مجلس إدارة البنك المركزي اتفق على سعر جديد يبلغ 4.48 دينار للدولار الأميركي الشهر الماضي في أول اجتماع له بكامل هيئته منذ خمس سنوات، بعد انقسام البلاد بين فصائل متحاربة في الغرب والشرق.

والانقسام بين حكومتي الشرق وطرابلس هو إحدى تبعات الانتفاضة التي أطاحت بنظام معمر القذافي في العام 2011، وأفرز ذلك مجموعة من الفصائل المسلحة دخلت في صراع على السلطة، ما تسبب في أزمة اقتصادية تركت الكثير من الليبيين يواجهون صعوبات مالية خانقة.

وفي طرابلس، بلغ السعر في السوق السوداء خمسة دنانير للدولار بعدما نزل الأسبوع الماضي صوب السعر الرسمي الجديد. وقال تاجر عملة يدعى عامر “يجب أن ننتظر ثلاثة أشهر أو أربعة لنرى كيف ستسير الأمور في البنوك التجارية”.

وقال مالك الفاخري، تاجر إلكترونيات في بنغازي، إنه توقف عن التعامل مع البنوك بعد 2013 لأنه خسر مبالغ كبيرة عند الاستيراد بالسعر الرسمي ولجأ إلى السوق السوداء. وتابع “أكثر ما يهم التاجر هو الاستقرار”.

الخطوة تدعم جهود إقرار السلام وتشجع على تطبيق الإصلاحات وقطع الطريق أمام الفساد

وينطوي سعر الصرف الجديد على خفض فعلي لقيمة العملة، ويعني أن تكلفة السلع المستوردة سترتفع على الأرجح. وقال حاتم البرغثي وهو من بنغازي أيضا “هذا القرار خاطئ وسيضر بالمواطنين أكثر مما سيفيدهم ولا يرضي سوى التجار”.

وهذه القرارات جزء من جهود أوسع لإقرار السلام والتشجيع على تطبيق إصلاحات متفق عليها وقطع الطريق أمام الفساد. ورغم توقف القتال بين حكومة الوفاق وقوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، فإن خطى الحل السياسي تسير بوتيرة أبطأ.

ولم يُطبق وقف إطلاق النار المتفق عليه في أكتوبر إلا جزئيا، وما زالت القوات منتشرة على جبهات القتال والطريق السريع الرئيسي على الساحل لا يزال مغلقا.

ورغم تحديد مجموعة من الليبيين اختارتهم الأمم المتحدة لرسم مسار نحو الديمقراطية موعدا لإجراء انتخابات بنهاية العام الحالي، فإنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على المرحلة الانتقالية.

Thumbnail

وبعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي في 2011، لم يكن هناك نشاط ملحوظ للسوق السوداء للعملة بسبب عدم وجود فرق يذكر بين السعر الرسمي البالغ حينها نحو 1.35 دينار للدولار، وبين السعر المتداول في السوق الموازية.

لكن منذ العام 2015، حدث انحدار مستمر لقيمة الدينار في السوق السوداء لم تتخلله سوى حالات ارتفاع نادرة في سعر صرفه أمام العملات الأجنبية، وقد غذّت تلك الظاهرة الارتفاع الكبير في الطلب على الدولار وتزايد طباعة الأوراق المالية من قبل المركزي في طرابلس.

ويراهن التجار والعاملون في القطاع الخاص على أن تكون الخطوة مؤشرا على انتعاش أعمالهم مستقبلا بعد أن تضررت كثيرا في السنوات الماضية، لكن ذلك يعتمد على مدى التزام الطرفين بذلك.

وفي 2018، فرضت حكومة الوفاق رسما بـ183 في المئة على معاملات العملة الصعبة مما أدى عمليا إلى انخفاض قيمة الدينار إلى سعر رسمي يبلغ 3.90 دينار للدولار، لتقريب الفجوة مع سعر السوق السوداء.

ونظرا لاحتكار المركزي في طرابلس معاملات النقد الأجنبي، اضطرت السلطات في شرق البلاد إلى التعامل بالسعر الأعلى، بينما كانت حكومة الوفاق الوطني معفاة من الرسوم.

ويؤكد المحللون أن الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء أضرت بشكل عميق باقتصاد ليبيا المعتمد على النفط وأحدثت أزمة سيولة وشجعت الفساد، حيث جنت الجماعات المسلحة التي يمكنها الحصول على الدولار بسعر الصرف الرسمي أموالا من الاحتيال في الواردات.

10