دعوات للتظاهر ضد البرلمان التونسي

تونس – تجمهر العشرات من التونسيين، الخميس، على بعد أمتار من مقر البرلمان منادين بحله في خطوة تصعيدية واضحة، في وقت يواجه فيه مجلس النواب (البرلمان) المنقسم على نفسه انتقادات حادة ما سرع الدعوات إلى التظاهر ضده وإرغام الرئيس قيس سعيد على حله.
واستبق الأمن انطلاق مُظاهرات علق عليها دعاتها آمالا كبيرة لإسقاط البرلمان بتطويق مداخل مدينة باردو إحدى ضواحي العاصمة التونسية وهي مقر البرلمان. ومنعت قوات الأمن عدداً من الشباب من تنفيذ الوقفة الاحتجاجية في ساحة باردو.
وأكد عدد من المنتمين إلى تنسيقيات شبابية في تصريحات لإذاعة محلية، منعهم من قبل قوات الأمن من الاحتجاج بساحة باردو “ضد البرلمان وضد التزوير الذي حصل في الانتخابات والذي أفرز برلمانا ساهم في تعميق أزمة البلاد”.
وطالب منظمو المسيرة بحل البرلمان، رفعين شعارات ضد الائتلاف الحكومي الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية وقلب تونس وائتلاف الكرامة.
ويبدو أن القائمين على هذه المسيرة اختاروا بدقة تاريخها حيث تزامنت مع تاريخ انطلاق أحداث ثورة 14 يناير 2011 التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس الأسبق والراحل زين العابدين بن علي.
وتُجمع الأوساط السياسية والحقوقية على أن المرحلة التي أدركتها تونس تؤكد أن المنظومة التي أفرزتها الثورة فشلت في إدارة شؤون البلاد، ويؤكد هؤلاء بأن الذهاب إلى الشارع سيكون أمرا حاسما لإسقاط ما تبقى من هذه المنظومة.
وأفاد المحلل السياسي باسل الترجمان، أن “مطلب حل البرلمان من الشعارات الأساسية التي رفعت في الفترة الأخيرة، وهناك حالة من الوعي الشعبي بأن البرلمان الذي أفرزته الانتخابات التشريعية في 2019، نكبة بأتم معنى الكلمة، وإذا قيمنا ما قدمه البرلمان في سنة كاملة، سنجد حصيلة سلبية وآخرها ميزانية 2021 التي زادت الغني غنىً والفقير فقرًا”.
واعتبر في تصريح لـ”العرب”، أن “الدعوات قبل أن تكون سياسية هي نابعة من الفئات الشعبية، والأحزاب لم تكن موجودة لأن هذا البرلمان خيب آمال التونسيين في تحقيق مطالبهم”.
وأضاف “في اعتقادي سيكون هناك تصعيد في الأيام القادمة وهذا مطلب لا يختلف فيه اثنان، وهذه بداية الدعوات ومازالت هناك دعوات أخرى ستقوم بها الفئات الشعبية في الأيام القادمة”.
وتطغى الصراعات على المشهد السياسي والبرلماني في تونس التي سرعان ما وصلت حد العنف حيث شهد مجلس النواب قبل أيام مناوشات كبيرة سرعت من وتيرة الدعوات ضده.
وتأتي هذه الأحداث المتسارعة في وقت يترقب فيه إمكانية تنظيم حوار وطني للإنقاذ، وسط تململ سياسي ومخاوف من فرضيات نجاحه في خضم التجاذبات السياسية.
وقال المحلل السياسي عبدالعزيز القطي في تصريح لـ”العرب” إن “المتابع لما يحدث منذ الانتخابات إلى اليوم يلاحظ أن المنظومة فشلت، والمطالبة بحل البرلمان أصبحت مطلبا شعبيا وغير مقتصر على النخبة السياسية والمعارضة”.
وأضاف “هناك 75 في المئة من التونسيين غير راضين عن الوضع الحالي في البلاد، وهناك نفور من الطبقة السياسية، وأكثر مؤسسة غير مرغوب فيها هي البرلمان، وما يحدث من صراعات ومناكفات واعتداء لفظي وجسدي داخله يجعل الرأي العام يطالب بالتغيير وحل البرلمان”.
ويتواصل الجدل حول تصاعد الخطاب العنيف داخل البرلمان، حيث دعا سياسيون وخبراء دستوريون في وقت سابق الرئيس قيس سعيد بحل البرلمان وتفعيل الفصل 80 من الدستور المتعلق بفرض “الحالة الاستثنائية”، فيما حذر الرئيس سعيد من محاولة إسقاط الدولة من قبل القوى المضادة للثورة.
وسبق أن شهد البرلمان، تراشقا وتبادلا للعنف بين نواب من ائتلاف الكرامة وآخرين من حزب التيار الديمقراطي، انتهى بتعرض النائب عن التيار أنور بالشاهد إلى جروح في رأسه، فيما طالبت أربع كتل برلمانية برفع الحصانة عن نواب ائتلاف الكرامة، تمهيداً لمحاكمتهم.