فاتورة الإغلاق الاقتصادي في تونس تدفعها المطاعم والمقاهي

تحملت المقاهي والمطاعم في تونس الجزء الأكبر من فاتورة حظر التجول والإغلاق الاقتصادي لمكافحة كورونا، حيث تراجع نشاطها إلى النصف واضطرت إلى خفض كبير في الرواتب وتسريح العمالة ما عمق معضلة البطالة التي تعانيها البلاد في ظل إشكاليات لا حصر لها.
تونس - قوضت إجراءات الإغلاق وحظر التجول الليلي نشاط المقاهي حيث فقدت مرتاديها المقدرين بمئات الآلاف، ما راكم نزيف الخسائر ودفع إلى دق ناقوس الخطر ومطالبة الحكومة برفع الحظر وتعويض الخسائر في وقت يكافح فيه القطاع من إشكاليات غياب التغطية الاجتماعية والصحية.
وأكد رئيس الغرفة الوطنية للمقاهي، فوزي الحنفي، الثلاثاء، أن عددا كبيرا من المقاهي وقاعات الشاي أغلقت تماما بسبب تأثيرات جائحة كورونا.
وأضاف الحنفي أن “العشرات من المقاهي وقاعات الشاي قد أغلقت تماما بسبب الموجة الأولى لفايروس كورونا ولم يتمكن أصحابها من دفع الأداءات ومعلوم التصوغ، حيث تم غلق 18 مقهى في صفاقس (جنوب) ويتجه عدد من قاعات الشاي المتواجدة في منطقة البحيرة (ضواحي العاصمة) إلى الغلق التام”.
وأوضح رئيس الغرفة الوطنية للمقاهي أن أصحاب المقاهي أصبحوا يشغلون ثلث العملة بسبب عجزهم عن تسديد الأجور وضعف المدخول، منتقدا في ذات الإطار عدم تفاعل رئاسة الحكومة مع هذا الموضوع من خلال تقديمها لمساعدات مالية مقابل الضرائب التي يدفعها أصحاب المقاهي والعملة للدولة.
ودعا الحنفي إلى تقديم تعويضات إلى أصحاب المقاهي والمطاعم وإلى العمال والسماح لهم بمواصلة العمل طيلة اليوم وخلال فترة حظر التجول من خلال تقديم طلبات الحرفاء دون دخولهم المحلات.
وكانت الحكومة التونسية أعلنت يوم 29 أكتوبر الماضي قرار غلق المقاهي والمطاعم بداية من الساعة الرابعة مساء (بتوقيت تونس) مع احترام طاقة الاستيعاب المحددة بـ30 في المئة في الفضاءات المغلقة و50 في المئة في الفضاءات المفتوحة، ضمن حزمة من الإجراءات الجديدة تمّ الإعلان عنها في مسعى لمكافحة تفشي فايروس كورونا.
وبحسب إحصائيات غير رسمية، يشغل قطاع المقاهي والمطاعم أكثر من 20 ألف تونسي، يعمل جزء كبير منهم من دون تغطية اجتماعية.
وكشفت دراسة أصدرها معهد الإحصاء الحكومي أن 35 في المئة من مجموع 1.5 مليون تونسي يعملون في القطاع الموازي ويشتغلون في القطاع الخدماتي بما في ذلك المقاهي والمطاعم والسياحة.
ويشتكي عمال المقاهي والمطاعم في تونس من الدفع بهم نحو البطالة من دون أي نوع من التغطية الاجتماعية أو التعويض، بعد فرض الحكومة قرارات حظر التجوّل الليلي وتقييد العمال في قطاعات السياحة.
وقال صالح الحمروني وهو عامل بمقهى بالعاصمة “إن عددا كبيرا من المقاهي أغلقت أبوابها، وقرارات رئاسة الحكومة مسقطة ولم تأخذ بعين الاعتبار وضعيات العمال في القطاع، رغم التزامنا بالبروتوكول الصحي من تباعد اجتماعي وتعقيم الفضاء وارتداء الكمامات.. لم أر موجبا بأن تغلق المقاهي في الساعة الرابعة”.
وتساءل في تصريح لـ”العرب” “كيف أقرت السلطات هذا القرار في وقت تكتض فيه وسائل النقل من حافلات ومترو خفيف وأسواق وفضاءات؟”.
وأشار إلى أن “حلول الحكومة غير مقنعة، وسننظم مسيرة سلمية نحو القصر الرئاسي بقرطاج للنظر في المسألة التي أضرت بالعمال وأصحاب المقاهي والمطاعم”.
وخلّفت موجة الغلق الأولى في تونس تراجعا حادا في المؤشرات الاقتصادية، حيث خسر أكثر من 110 آلاف شخص عملهم خلال الربع الثاني من العام، وارتفعت نسبة البطالة إلى 18 في المئة، وسط توقعات بأن يصل عدد العاطلين عن العمل إلى مليون عاطل في نهاية العام الحالي، مقابل 650 ألفا في بداية 2020.
50
في المئة نسبة تراجع نشاط المقاهي بسبب الحظر ما دفع إلى خفض الرواتب وتسريح العمالة
وقال رئيس الغرفة الوطنية للمقاهي، محمد فوزي الحنفي في تصريح لـ”العرب”، “نحن ضحية قرارات الحكومة ولم نر نادلا أو عاملا بمقهى أصيب بالفايروس”.
وأضاف الحنفي “كان يجب على الحكومة عندما ألزمتنا بالتوقف عن العمل مساء أن تعوض للمتضررين في القطاع، وهذه القوانين تعسفية”. وحذر السلطات من خروج العاطلين للشارع احتجاجا على تردي أوضاعهم المعيشية في صورة عدم مراجعة الحكومة للقرارات التي اتخذتها.
ويبدي أصحاب المقاهي استعدادهم لاستغلال 30 أو 50 في المئة من عدد الكراسي مع استخدام الفضاءات الخارجية شرط التراجع عن قرار الحظر الليلي للعمل الذي يوفر الرزق للآلاف من العاملين في مهن ليلية.
وكان قطاع المقاهي والمطاعم آخر العائدين إلى العمل في نهاية مايو الماضي بعد فترة إغلاق استمرت منذ مارس إلى 27 مايو، وهو ما تسبب في تسريح الآلاف من العاملين أو خفض رواتبهم.
وتسبب الغلق المبكر للمقاهي وترتيبات تقييد النشاط بمنع التجمعات والجلوس فيها ولعب الورق، في نزول نشاط المقهى لأكثر من 50 في المئة، ما دفع صاحب العمل إلى خفض الرواتب في مرحلة أولى، ثم اللجوء إلى التسريح.
ووفق رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي “يوجد أكثر من 20 ألف مقهى، ويشغّل القطاع 120 ألف عامل، 40 ألفا منهم يباشرون عملهم و80 ألفا آخرين في حالة بطالة”.
وسبق أن نفذ عمال المقاهي والمطاعم في 16 أكتوبر الماضي تحركات احتجاجية في محافظات تونسية مختلفة ضد القرارات الحكومية مطالبين بحمايتهم من تداعيات الغلق وحظر التجوّل الليلي في نحو سبع محافظات، من بينها إقليم تونس الكبرى، الذي يقطنه نحو 4 ملايين شخص ويمثل منطقة التركّز الكبرى للمقاهي وصالونات الشاي والمطاعم السياحية.