فضيحة مطار حمد الدولي تورّط قطر في نزاع حقوقي مع بلدان غربية

حالة صدمة هائلة بين مسافرات طلب منهن نزع ملابسهن والخضوع إلى فحص طبي في المطار.
الثلاثاء 2020/10/27
الفحص أولا

الدوحة - وجدت قطر نفسها في حرج مختلف عن ذلك الذي اعتادت على مواجهته وتجاوزه طيلة السنوات الماضية جرّاء تعرّض مواطني دول أخرى عاملين على أرضها لصنوف من الاضطهاد التي بلغت حدّ الاسترقاق المعاصر وفق توصيف منظمات حقوقية دولية.

ذلك أنّ الدولة التي تجاوزت السلطات القطرية على حقوق وكرامة عدد من مواطناتها لم تكن، هذه المرّة، من تلك الدول المضطرّة بفعل أوضاعها الاقتصادية والمالية الهشّة، لغض النظر والتنازل عن بعض حقوق رعاياها حفاظا على مَواطن شغلهم وأيضا تحويلاتهم المالية.

ويتعلّق الأمر بأستراليا التي تعرّضت مواطناتها لإهانة في مطار الدوحة سرعان ما تحوّلت إلى فضيحة ذات صيت عالمي لقطر التي تستعدّ لاستقبال، بعد حوالي عامين، أهم تظاهرة رياضية عالمية هي نهائيات كأس العالم في كرة القدم، وقد ظلت طيلة السنوات الماضية تبذل الكثير من الجهود وتنفق أموالا طائلة لتحسين صورتها التي تلبّست بها شبهات دعم الإرهاب والتشدّد فضلا عن وصمة اضطهاد عمال منشآت كأس العالم وخادمات المنازل بحسب ما ورد في تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية.

وأُجبرت مسافرات من قطر على الخضوع لفحص نسائي، بعد العثور على طفل وُلد قبل أوانه متروكا داخل حمّام في مطار الدوحة الدولي، في إجراءات وصفتها الحكومة الأسترالية بأنها “مقلقة للغاية ومهينة”.

واصطحب الأمن القطري عددا غير محدّد من النساء، بعضهنّ من أستراليا، من طائرات على مدرج المطار، إلى سيّارات الإسعاف، حيث خضعن للفحص بحثا عن علامات ولادة حديثة، بعد العثور على الطفل في حمام بمطار حمد الدولي بالعاصمة القطرية.

وأدانت الحكومة الأسترالية الاثنين الحادثة التي وقعت في الثاني من أكتوبر الجاري والتي خرجت إلى العلن بعدما روى عدد من الركّاب الأستراليين ما حصل. وأكدت الحكومة الأسترالية إبلاغ قلقها إلى السلطات القطرية.

وقالت وزيرة الخارجية ماريز باين “إنها أحداث مقلقة للغاية ومهينة. لم أسمع بأمر كهذا في حياتي”. وأضافت أبلغنا قلقنا بشكل واضح إلى السلطات القطرية في هذه المرحلة”، مضيفة أن المسألة أحيلت أيضا إلى الشرطة الفيدرالية الأسترالية.

ماريز باين: لم أسمع بأمر كهذا (الذي حدث في مطار الدوحة) في حياتي
ماريز باين: لم أسمع بأمر كهذا (الذي حدث في مطار الدوحة) في حياتي

وقال مصدر في الدوحة مطّلع على الحادثة لوكالة فرانس برس، إنّ مسؤولين “أجبروا النساء على الخضوع لعمليّات تفتيش جسديّة دقيقة لفحص عنق الرحم بالإكراه”.

وقال المسافر فولفغانغ بابيك إن مسافرات عدن إلى الطائرة التي كنّ فيها وغادرن من الدوحة إلى سيدني في حالة صدمة هائلة، بعدما طلب منهن نزع ملابسهن من الجزء السفلي للخضوع إلى فحص أجرته طبيبة نسائية.

وقال هذا المحامي “جميعهن كن مستاءات وبعضهن غاضبات جدا، وإحداهن كانت تبكي لكن جميعهن لم يصدقن ما حصل”، معربا عن اعتقاده بأن “الحادثة قد تمثل انتهاكا للقانون الدولي”.

وأدى الأمر إلى تأخر إقلاع رحلة الخطوط القطريّة  كيو آر 908 إلى سيدني أربع ساعات، بحسب موقع فلايت رادار لمراقبة حركة الطائرات.

ولم تنف سلطات مطار حمد الدولي في الدوحة الواقعة لكن لم تعلن عن أي تفاصيل حول الإجراءات أو عدد النساء والرحلات المعنية.

وجاء في بيان لمطار حمد الدولي في الدوحة، أنّ اختصاصيّين طبّيين أعربوا عن قلقهم إزاء الوضع الصحّي لامرأة أنجبت للتوّ، مطالبين بالعثور عليها قبل مغادرتها.

وتابع البيان أنّه “طُلب من أفراد تواجدوا في المنطقة التي عُثِر فيها على الطفل حديث الولادة في المطار، المساعدة في التحقيقات”.

ويُعتقد أنه إضافة إلى الأستراليات، طالت الواقعة امرأة فرنسية، بحسب أحد المسؤولين.

وتلقّت بعض النساء مساعدة ودعما نفسيا خلال تمضيتهن فترة الحجر الصحي لأسبوعين، بموجب تدابير تفرضها السلطات الأسترالية للحد من تفشي فايروس كورونا المستجد.

وقالت باين، إن تقريرا من السلطات القطرية حول الحادثة بات وشيكا، مؤكدة أن السلطات الأسترالية أُبلغت بالواقعة من ركاب في وقت الرحلة.

وتسيء الواقعة إلى سمعة قطر التي تستعد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم واستقبال الآلاف من الزوار الأجانب في المناسبة ذاتها.

وأطلق مطار الدوحة ليل الأحد نداءً طالب فيه والدة الطفل بالتواصل مع سلطاته، ما يشير إلى أنّ التفتيش الذي أجري لم يصل إلى نتائج حاسمة.

وأشار بيان المطار إلى أنّ هوّية الطفل الحديث الولادة لم تُعرف بعد لكنّه يتلقّى رعاية من الطواقم الطبّية والاجتماعيّة، داعيا كلّ من يملك معلومات بشأن الحادثة إلى التواصل مع السلطات.

وبالنظر إلى أنّ النساء المعتدى عليهن في مطار الدوحة يحملن جنسيات بلدان غربية لا تتسامح عادة في مثل هذه القضايا الحقوقية، يتوقّع مراقبون أنّ تسلك القضية مجراها أمام القضاء الدولي.

وقال أحد المحامين الغربيين “قطر ستلجأ كالمعتاد إلى استخدام قوّتها المالية لتطويق القضية وستعرض تعويضات مادية مجزية لضحايا حادثة المطار”، مستدركا “بالنظر إلى فظاعة ما حدث، ليس من المؤكّد أن تقبل كل النساء بالمال لقاء التنازل عن مقاضاة السلطات القطرية لأن القضية قضية كرامة شخصية ووطنية أيضا”.

3