محاولة استمالة الترويكا للكتلة الوطنية في تونس تنتهي بتفككها

تعصف الاستقالات بالكتلة الوطنية في تونس (17 نائبا) حيث استقال سبعة نواب من الكتلة احتجاجا على قرار البرلمان التونسي تثبيت رضا شرف الدين رئيسا جديدا للكتلة متهمين مكتب مجلس النواب بمحاولة فرض توازنات برلمانية جديدة من خلال "الانقلاب" على رئيس الكتلة حاتم المليكي.
تونس- يعيش البرلمان التونسي على وقع حراك متصاعد يستهدف تثبيت تحالفات جديدة حيث تسعى الترويكا البرلمانية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية (54 نائبا) إلى تشكيل جبهة برلمانية موسعة داعمة للحكومة، وتحصن رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي واجه شبح الإطاحة به في وقت سابق.
وأدت محاولة لاستمالة الكتلة الوطنية (17 نائبا) إلى تفككها حيث تم تعيين رئيس جديد لها وسط معارضة داخلية ما نجم عن استقالات هزت الكتلة.
واتهم النواب المستقيلون، وعددهم 7، حركة النهضة والترويكا الجديدة (حزب قلب تونس -30 نائبا- وكتلة ائتلاف الكرامة -19 نائبا-) بالانقلاب على هذه الكتلة.
ورجحت مصادر لـ”العرب” أن يقدم نواب آخرون من نفس الكتلة استقالاتهم في الساعات القادمة وذلك تنديدا بالجلسة الانتخابية التي وصفتها ذات المصادر والنواب المستقيلون بـ”الانقلاب”.
وانتقدت مريم اللغماني النائبة المستقيلة من الكتلة قرار مجلس النواب (البرلمان) الذي يرأسه رئيس حركة النهضة بتثبيت رئيس جديد للكتلة.
وقالت اللغماني في تصريح لـ”العرب” إن ’’قرار مكتب المجلس بتثبيت رضا شرف الدين رئيسا للكتلة الوطنية يعد انقلابا على الشرعية‘‘ مضيفة ’’نحن لسنا ضد ترؤس رضا شرف الدين أو حاتم المليكي للكتلة لكن الجلسة الانتخابية التي عُقدت لاغية وغير قانونية‘‘.
وكان حاتم المليكي قد أسس الكتلة الوطنية عقب انسحابه من حزب قلب تونس الذي يرأسه رجل الأعمال نبيل القروي برفقة عدد من النواب الآخرين.
وأكدت مريم اللغماني أن ’’هناك من يؤسس في البرلمان لتوازنات جديدة على حساب الكتلة الوطنية‘‘ في إشارة إلى الترويكا الجديدة التي تسعى إلى تشكيل جبهة قوية لفرض خيارات على حكومة هشام المشيشي وفقا لمراقبين مستغلة في ذلك الأزمة بين المشيشي والرئيس قيس سعيّد.
كما تتطلع الترويكا الجديدة إلى ضمان بقاء راشد الغنوشي رئيسا للبرلمان خاصة في ظل الانتقادات اللاذعة التي لا تزال توجه إلى حد خط هذه الكلمات لإدارته للمجلس النيابي.
وعبّر العديد من نواب هذه الكتلة عن استنكارهم لتثبيت مكتب البرلمان رضا شرف الدين، وهو قيادي سابق في حركة نداء تونس الفائزة في انتخابات 2014، رئيسا للكتلة الوطنية.
وقالت البرلمانية، سهير عسكري، إنها تقدمت باستقالتها من الكتلة مشيرة إلى أنه تم ’’الانقلاب عليها (الكتلة) من خلال شراء الذمم‘‘.
وأضافت العسكري في تدوينة تضمنت انتقادات لاذعة لمكتب البرلمان ’’لقد تم الانقلاب على الكتلة الوطنية باستعمال المال الفاسد وبتواطؤ من لوبيات الفساد والإرهاب ومن نصب نفسه رئيسا للكتلة هو منقلب تحوم حوله شبهات فساد‘‘.
وأوضحت مريم اللغماني أنها ’’ستلجأ إلى القضاء برفقة النواب المستقيلين بعد الانقلاب على الكتلة‘‘.
وأضافت اللغماني أن قرار ’’مكتب البرلمان ممثلا في الغنوشي والذي أقرّ تنصيب شرف الدين رئيسا للكتلة الوطنيّة رغم عدم اكتمال النصاب في تركيبته يعدّ غير قانوني‘‘ مبرزة أن مكتب البرلمان قد سجّل انسحاب ممثلي كتلة الإصلاح والكتلة الديمقراطية بسبب المرسوم 116 وغياب ممثلة كتلة الحزب الدستوري الحر بسبب الحجر الصحّي الذي تقوم به الكتلة جرّاء فايروس كورونا ما يجعل النصاب غير مكتمل لاتخاذ قرار وهو ما يعني أن قرار تنصيب شرف الدين رئيسا للكتلة غير قانوني.
وعقدت الكتلة الوطنية، السبت، جلسة انتخابية دعا إليها ثلث أعضائها وأفرزت عن انتخاب شرف الدين خلفا للمليكي.
وفي تعليقه على ذلك قال المليكي في تصريح لإذاعة محلية خاصة إن ’’المناصب والرئاسة لا تعنيني.. ما يعنيني أن تتم الإجراءات بشكل قانوني وشرعي‘‘ مضيفا أن ’’هناك نواب انضموا حديثا إلى كتلته على غرار مبروك كرشيد ولم يشاركوا في أي اجتماع.. فإذا بهم في أول اجتماع يحاولون إقالة رئيس الكتلة‘‘.
تتطلع الترويكا الجديدة إلى ضمان بقاء راشد الغنوشي رئيسا للبرلمان خاصة في ظل الانتقادات اللاذعة التي لا تزال توجه لإدارته للمجلس النيابي
وتأتي هذه المستجدات في وقت دشن فيه البرلمانيون التونسيون موسم السياحة الحزبية مبكرا حيث شهدت الخارطة البرلمانية تغييرات على مستوى ترتيب الكتل النيابية حيث تعزز بعضها بنواب جدد.
ومع اشتداد الأزمة بين رئيسي الجمهورية والحكومة تسعى الترويكا الجديدة إلى تحصين المشيشي الذي كثف بدوره من مشاوراته مع الكتل البرلمانية تمهيدا لتعديل وزاري مرتقب قد يتم الإعلان عنه في الأيام المقبلة.
ولذلك يرى مراقبون أن النهضة وحلفاءها يسعون إلى ضمان حزام برلماني قوي للمشيشي يُمثل في نفس الوقت حزاما للغنوشي الذي يظل مهددا بسحب الثقة عنه من رئاسة البرلمان في ظل الانتقادات اللاذعة لطريقة تسييره للبرلمان.