السعودية تدعم جهود الترجمة من العربية

الرياض – تشكل الترجمة ضرورة حضارية للاطلاع على معارف العالم وعلومه وتقنياته، وانطلاقا من أهميتها باتت الترجمة من أبرز الأنشطة الثقافية التي تشكل هدفا استراتيجيا من أهداف مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، من خلال دعم النقل من اللغات العالمية إلى العربية، ونقل النبض الإنساني بمختلف توجهاته العلمية إلى الحياة الثقافية العربية، والعمل على فتح نوافذ عالمية أمام الباحثين والعلماء للاطلاع على كل جديد من الكتب والإصدارات المتنوعة في التقنية والعلوم والتاريخ والأدب والرحلات.
وفي اليوم العالمي للترجمة الذي يحتفل به العالم في الثلاثين من سبتمبر من كل عام، يتسع المجال لإلقاء الضوء على أبرز ما تضطلع به مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في مجال الترجمة، حيث قامت المكتبة بترجمة العديد من الكتب التي ألفها مؤلفون من مختلف اللغات من الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والإسبانية واليابانية.
وفي سياق الاحتفاء الكبير بالترجمة ودورها في توسيع الدائرة المعرفية العالمية، وإثراء الفكر الإنساني والتقريب في ما بينه أنشأت المكتبة “جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة” التي تهدف إلى تكريم الأعمال المترجمة وأصحابها، من خلال ترجمة الإبداع الإنساني في المجالات اللغوية والأدبية والثقافية والعلمية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، ومن اللغات العالمية إلى اللغة العربية.
وقد تم إقرار الجائزة في شهر أكتوبر من عام 2006، بمقر مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض، حيث تمنح الجائزة سنويا للأعمال المترجمة من اللغة العربية وإليها، لتعزيز التواصل بين الثقافة العربية والإسلامية والثقافات الأخرى، وإثراء المكتبة العربية باحتياجاتها من مصادر المعرفة التي تدعم خطط وبرامج التنمية والتعريف بالنتاج الثقافي والإبداعي والعلمي العربي على المستوى العالمي.
وتأتي الجائزة ضمن مسار التواصل الحضاري الذي تقدمه مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في الرياض والدار البيضاء بالمغرب وبكين بجمهورية الصين الشعبية، بهدف التواصل المعرفي بين الأمم والثقافات، وإقامة جسور ثقافية بين مختلف الحضارات عبر ترجمة العلوم والآداب والمعارف المختلفة من اللغات الأجنبية إلى العربية، ومن العربية إلى لغات العالم الحية.
وأقامت المكتبة حفل توزيع جوائزها في مجال الترجمة في عدة عواصم عالمية في كل دورة، حيث تعتبر جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة، من الجوائز العالمية الحديثة المتجددة التي حققت طموحات عالمية خلال 14 عاما، حيث بدأت الدورة الأولى منذ إعلان الترشيح للجائزة في العام 2007 ووصل عدد الأعمال المقدمة 186 عملا من 30 دولة عربية وأجنبية، في استهلالية تؤكد أن المبادئ والأهداف التي انطلقت منها الجائزة، تسمو بالبشرية والتلاقي المعرفي وبما يثري الحراك والتبادل المعرفي العالمي.
وتكشف هذه الأرقام نجاح الجائزة في تنشيط حركة الترجمة من اللغة العربية وإليها في جميع فروع المعرفة العلمية والثقافية، وتثبيت عالميتها ومكانتها الرفيعة في صدارة الجوائز الدولية المعنية بالترجمة، حيث تمثل الأعمال الفائزة بالجائزة إضافة كبيرة للمكتبة العربية والمكتبات العالمية لما فيه تأكيد على الفعل الإنساني الحضاري وتعميق أواصر التعاون الفكري والبحثي العالمي.
وفي مواصلة لدعم الترجمة أعلنت هيئة الأدب والنشر والترجمة أخيرا عن مبادرتها لإثراء المحتوى العربي وتعزيز التبادل الثقافي بين اللغة العربية ونظيراتها في العالم، وذلك تحت عنوان مبادرة “ترجم”، التي تعد واحدة من حزمة المبادرات الأولى التي أعلنت عنها وزارة الثقافة السعودية في حفل إطلاق رؤيتها وتوجهاتها.
وتهدف مبادرة “ترجم” التي تأتي تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للترجمة الموافق ليوم 30 سبتمبر من كل عام ، إلى إثراء المحتوى العربي بالمواد المترجمة من لغات العالم ذات القيمتين العلمية والأدبية، إلى جانب نشر المؤلفات العربية في العالم بجودة عالية، مع ما يتضمنه ذلك من خدمة للغة العربية عن طريق الترجمة منها وإليها.
كما تهدف المبادرة إلى خدمة الباحثين والدارسين باللغة العربية عبر توفيرها لمواد مترجمة عالية القيمة وذات أهمية علمية وأدبية، ودعم جهود التبادل الثقافي الدولي.
وتأتي المبادرة تجسيدا لإيمان هيئة الأدب والنشر والترجمة بأهمية عملية الترجمة ودورها في فتح آفاق أكبر للتواصل الثقافي بين الشعوب، ونقل المعرفة الإنسانية، ومواكبة حراك الثقافة والأفكار والوعي العالمي من خلال التفاعل المتبادل بين القراء العرب والثقافة العالمية باختلاف اتجاهاتها ومشاربها الإبداعية والفكرية.
وتسعى المبادرة إلى استعادة الدور المؤثر الذي لعبته الترجمة في تاريخ الحضارة العربية، عندما نقل المسلمون الأوائل جواهر الفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية وساهموا في حفظ الإبداعات التأسيسية الأولى للوعي الإنساني ومن ثم نقلها إلى العالم الجديد. حيث ستعمل المبادرة على ترجمة أهم الإنتاجات العقلية المعاصرة ومنها أحدث المقالات العلمية والفكرية العالمية وتوفيرها مجانا للقراء العرب، بالإضافة إلى أدوارها الرئيسية في ترجمة الكتب والمؤلفات المرجعية من وإلى اللغة العربية.
وتجسد مبادرة “ترجم” حرص هيئة الأدب والنشر والترجمة على تحقيق هدف وزارة الثقافة المتمثل في جعل الثقافة نمط حياة عبر توفير مناخ ثقافي حيوي لتبادل المعرفة يتفاعل فيه المجتمع بشكل مستمر ومتنام مع الثقافة العالمية المعاصرة. كما ستساهم المبادرة في تحقيق المستوى الثالث من رؤية السعودية 2030 من خلال تعزيز وإثراء محتوى اللغة العربية.