الأحزاب التونسية تتأهب لخوض معارك برلمانية

تتحسب الأحزاب التونسية لمعارك برلمانية مرتقبة خلال الفترة القادمة ستكون المحكمة الدستورية أحد أبرز عناوينها لذلك تحشد تلك الأحزاب لتشكيل جبهات وتحالفات استعدادا للمعركة.
تونس- دفع تحالف حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وتكوينها لجبهة برلمانية موحدة، عددا من الكتل النيابية للتنسيق في ما بينها وإجراء محادثات حول إمكانية التحالف وخلق توازنات سياسية تحت قبة البرلمان، ولوحت بعض الأحزاب بولادة جبهات جديدة سيكون لها تأثيرها في المرحلة القادمة.
وكشف الأمين العام لحزب حركة الشعب زهير المغزاوي الخميس عن وجود تنسيق بين عدد من الكتل داخل البرلمان لتكوين ائتلاف برلماني قد يتجاوز عدد نوابه 80 نائبا.
ومن شأن هذه الخطوة أن تفرز مشهدا سياسيا مختلفا، خصوصا وأن الجميع يبحثون عن إعادة التموقع من جديد في البرلمان.
ومن الواضح أن هذه المبادرة جاءت بمثابة الرد السريع على تحالف حركة النهضة الإسلامية وائتلاف الكرامة وقلب تونس يضاف لهم نواب كتلة المستقبل 9 أصوات والتي يتوقع أن تعلن عن التحاقها بهذا التحالف قريبا ما سيشكل كتلة قوية نسبيا بعدد مقاعد يصل إلى 98 نائبا.
وأفاد زهير المغزاوي أن “التوجهات داخل البرلمان التونسي فرضت التنسيق لتكوين تحالفات جديدة وهناك مهام برلمانية قادمة وملحة ستطرح في الفترة المقبلة وأولها تأسيس المحكمة الدستورية وتحديد علاقة رئيس الجمهورية بالبرلمان”.
وأضاف المغزاوي في تصريح لـ”العرب”، “سنعلن في القريب العاجل عن هذه الجبهة وهي نتاج لتضافر مختلف جهود نواب اشتغلوا مع بعضهم ونسقوا لتكوينها”.
كما أشار إلى أن مشاورات تكوين الجبهة في مراحل متقدمة وتضم الكتلة الديمقراطية (حركة الشعب والتيار الديمقراطي)، كتلة الإصلاح، الكتلة الوطنية، تحيا تونس وعددا من المستقلين، في المقابل تستثني المشاورات كتلة الحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي.
وستقف الجبهة الجديدة ضد أجندات الأحزاب الإسلامية في المصادقة على مشاريع القوانين أو رفضها من منطلق مواجهة حركة النهضة وحلفائها.
وقال القيادي بحركة الشعب في هذا الصدد “الفكرة جاءت أساسا لمواجهة جبهة النهضة والكرامة وقلب تونس لأننا نريد مراجعة النظام الانتخابي بعيدا عن رؤية الجماعة وتصوراتهم وحتى لا ينفرد طرف بالسيطرة على القرارات تحت قبة البرلمان”.
ويبدو أن الكتلة الديمقراطية لم تنس للنهضة تجاوزاتها وابتزازها لشركائها في حكومة إلياس الفخفاخ المستقيلة، حيث افتعلت النهضة خلافات سرعان ما “فجّرت” مكونات التحالف الحكومي وفتحت الباب على مصراعيه للخروج الجماعي من الباب الصغير في تجربة السلطة التي لم تدم طويلا.
ويسعى حزبا حركة الشعب والتيار الديمقراطي وربما كتلة الإصلاح الوطني أيضا إلى أن تكون قوة اقتراح مضادة هدفها الوقوف أمام ممارسات الأحزاب الإسلامية وألا تترك الملعب مفتوحا للنهضة.
وتحولت الكتلة الديمقراطية المتكونة من التيار الديمقراطي وحركة الشعب من الحكم إلى المعارضة أما كتلة قلب تونس فتوجهت إلى الحكم لتخسر موقع المعارضة، وبالتالي قد تكون هناك منافسة بين الكتلة الديمقراطية والدستوري الحر حول تزعم المعارضة في مجلس نواب الشعب.
وأكد المحلل السياسي الصحبي بن فرج أن “الجبهة قادرة على خلق توازنات جديدة شريطة أن يتم العمل بين أطرافها في كنف من التوافق وبعيدا عن الانتماءات الأيديولوجية”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” “العملية تتنزل في إطار حرب التموقع والتمركز في المشهد البرلماني، بعد تكوين ائتلاف مصلحي وانتهازي من النهضة وحلفائها، والأمر طبيعي جدا في علاقة بالتحويرات الوزارية في حكومة هشام المشيشي وإرساء المحكمة الدستورية”.
وتسعى كتلة حركة النهضة التي حافظت على موقعها في الحكم إلى أن تعود بقوة من خلال إيجاد حزام برلماني هام يمكن أن يضمن الاستقرار الحكومي في ظاهره ولكن في باطنه يهدف للحفاظ على مكانة رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة بعد الاختبار العسير حول الثقة الذي عرفه قبل انتهاء الدورة البرلمانية الأخيرة.
من شأن هذه الخطوة أن تفرز مشهدا سياسيا مختلفا، خصوصا وأن الجميع يبحثون عن إعادة التموقع من جديد في البرلمان
ويرتبط التحالف “الهجين” بمصالح سياسية بالأساس، حيث قال النائب عن ائتلاف الكرامة عبداللطيف العلوي في تصريحات إعلامية إنّ هذا التحالف هو تنسيق ضمن جبهة تضم 120 نائبا من بينهم نواب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة ومستقلون هدفه استكمال الاستحقاقات البرلمانية.
وانطلقت النهضة في تكوين هذه الجبهة منذ بداية العهدة ولكنها خيرت أن تأخذ حيزها في الزمن لتهيئ سياقات إخراجها للعلن، خاصة وأن الثلاثي المتقارب أقام خطابه الانتخابي على معاداة الآخر ونفي التقارب معه، ولكنه واثر تطورات المشهد بات الأفضل الإقرار به وتحقيق منافع منه عوضا عن إخفائه.
ويعتبر التحالف بين النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة بمثابة إعادة إنتاج لمنظومة 2014 عندما تحالفت النهضة مع نداء تونس بحثا عن التوافق مع بعض الفوارق. ويهدف إلى تحقيق مصالح هذه الأطراف على مستوى السلطة التنفيذية لفرض تعيينات معينة وتسميات موالية لها في إطار مكافأتها على دعمها لحكومة هشام المشيشي.