التعيينات سلاح السراج لاستمالة مدن غرب ليبيا تحسبا لمواجهة مصراتة

رئيس حكومة الوفاق يحاول تطويق خلافه مع وزير الداخلية المُقال فتحي باشاغا.
الخميس 2020/09/03
استعراضات باشاغا تربك السراج

يسعى رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج من جهة لضمان تأييد وولاء أكبر عدد ممكن من مدن غرب ليبيا تأهّبا لمواجهة محتملة مع مصراتة بعد إقالة وزير الداخلية الذي يتحدّر منها فتحي باشاغا، فيما يحاول من جهة أخرى التهدئة مع المدينة التي تستقوي عليه بحجمها العسكري.

 طرابلس – تعكس التعيينات الأخيرة التي شرع رئيس حكومة الوفاق الليبية، واجهة الإسلاميين، فايز السراج في القيام بها رغبة الأخير في التأهب لأي مواجهة وشيكة مع مصراتة على خلفية توقيف وزير الداخلية فتحي باشاغا عن العمل، وذلك من خلال استرضاء مدن غرب البلاد على غرار الزنتان والزاوية.

ويرى مراقبون أن السراج يتعامل مع مصراتة، التي يتحدّر منها وزير الداخلية فتحي باشاغا المُقال مؤخرا، بسياسة “العصا والجزرة”، حيث يحاول من ناحية كسب ود المدينة نظرا لحجمها العسكري ولكنه في نفس الوقت يجهّز نفسه لأي مواجهة محتملة في حال صعّد باشاغا والميليشيات الموالية له من خلال استرضاء بقية المدن الغربية تحسبا لتحشيدها.

وأعلن السراج مساء الثلاثاء، تعيين علي سالم القناصة وزيرا للإسكان وهي وزارة استحدثها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في محاولة يبدو أنها تستهدف، وفقا لمراقبين، استرضاء مدينة الزنتان التي يتحدّر منها الرجل وكسب ودها.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي إنه تم استحداث هذه الوزارة بناء على “قراره رقم 579 لسنة 2020 الصادر الثلاثاء”.

ويُشير مراقبون إلى أن هذا التعيين لا يمكن أن يكون منفصلا عن سلسلة التعيينات الأخيرة صلب وزارة الدفاع وفي مجلس الإنماء الاقتصادي وغيرهما، وهي تعيينات تطرح أكثر من تساؤل حيث شملت أكثر من مدينة غربي البلاد ما يؤكد أن السراج يناور بمحاولة استرضاء مصراتة لكنه لا يثق في قدرته على احتواء غضب مدينة باشاغا، ما يجعله يتأهب لأي مواجهة وفقا لمراقبين.

وكان السراج قد عيّن في وقت سابق صلاح الدين النمروش وهو من مدينة الزاوية وزيرا للدفاع، ما عزز الشكوك بشأن محاولته ضمان ولاء أبناء المدن الغربية.

وجاء تعيين النمروش عقب توقيف فتحي باشاغا عن العمل وهو ما لم يُرض  ميليشيات مصراتة والتي استعرضت عسكريا عند قدومه من تركيا في محاولة للضغط على السراج الذي يبدو أنه استشعر خطر الوقوع في مواجهة مع هذه الفصائل المسلحة تسليحا جيدا.

واندفعت ميليشيات مصراتة وبقوة في دفاعها عن وزير الداخلية المُقال، حيث رافقت باشاغا إلى طرابلس استعدادا لعرضه على التحقيق.

محاولة لضمان ولاء أبناء المدن الغربية
محاولة لضمان ولاء أبناء المدن الغربية

وبالرغم من تأكيده على أنه سيمتثل للتحقيق وأنه يرحب بقرار رئيس حكومته إلا أن باشاغا قد يلجأ للتصعيد مع غريمه السراج ما جعل الأخير يجهز كذلك لاحتواء غضب مدينة مصراتة.

ومن جهة أخرى، يحاول السراج التهدئة مع مصراتة التي لها أكثر من 17 ألف مقاتل وتفادي المواجهة المباشرة معها وذلك من خلال تعيينات أخرى تأخذ بعين الاعتبار البعد العسكري والاقتصادي والسياسي للمدينة.

وبعد تعيينه لمحمد الحداد، وهو أحد ضباط مدينة مصراتة وقائد بارز لميليشيا مؤثرة هناك وهي كتيبة الحلبوص، رئيسا للأركان عيّن السراج نائبه بالمجلس الرئاسي أحمد معيتيق على رأس مجلس إدارة صندوق الإنماء الاقتصادي، الذي يعتبر من أهم المؤسسات المالية السيادية الليبية، حيث يقدر رأس ماله واستثماراته وأصوله بأكثر من 8 مليارات دولار.

ويرى مراقبون أنه وبالرغم من رفض معيتيق لهذا المنصب، إلا أن ذلك يندرج في إطار أجندة السراج لكسب تأييد وولاء مصراتة تجنبا لاشتباك وشيك معها.

ورفض معيتيق، تنفيذ قرار السراج بشأن إعادة تشكيل مجلس أمناء صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي الذي سيرأسه حسب حكومة الوفاق.

وقال معيتيق في بيان له الأربعاء “في الوقت الذي نشكركم على الثقة الممنوحة لنا بصدور قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني رقم 571 لسنة 2020، بشأن إعادة تشكيل مجلس أمناء صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وحيث أن الآلية المتبعة لصدور قرارات المجلس تتم عن طريق العرض على النواب والأعضاء مجتمعين وتصدر بموجب محاضر رسمية وهو أمر تم الاتفاق والعمل به منذ فترة”.

وختم البيان قائلا “عليه، فإن الأمر يتطلب إيقاف وسحب القرار المشار إليه للأسباب السالفة الذكر”.

ويرى مراقبون أن تعيين معيتيق، الذي ليس له أي تأثير عسكري داخل مصراتة بخلاف فتحي باشاغا، يستهدف إقناع قيادات مصراتة بأن السراج يولي أهمية لثقل المدينة الاقتصادي حيث يمثل معيتيق أحد رجال الأعمال والمال في مصراتة وتعول عليه ميليشيات المدينة من أجل التسرب لأجهزة الدولة.

4