شبهات فساد تحاصر حزبا تونسيا بنى شعبيته على محاربته

جل قيادات الصف الأمامي للتيار الديمقراطي عُرفوا بدعواتهم لمكافحة الفساد الذي نخر المؤسسات العمومية في تونس.
الخميس 2020/08/20
مكافحة الفساد ليست شعارا انتخابيا فقط

يواجه حزب التيار الديمقراطي (22 نائبا)، وهو أحد مكونات الائتلاف الحكومي السابق في تونس، اتهامات متصاعدة بالتورط في الفساد أو حتى الدفاع عنه وهو ما يضع مصداقية هذا الحزب على المحك، خاصة وأنه رفع لواء الدفاع عن “الدولة القوية والعادلة” التي تُكافح الفساد والمحسوبية دون تهاون.

تونس – تحاصر شبهات فساد حزب التيار الديمقراطي في تونس الذي بنى شعبيته على محاربته واجتثاث الفساد بفضح المتورطين، غير أنه يواجه أزمة ثقة كبيرة بسبب الاتهامات المتصاعدة ضده كونه إما مورّطا في الفساد أو يتستر عنه.

وعُرفت جل قيادات الصف الأمامي لهذا الحزب وأبرزهم سامية عبو زوجة الأمين العام للتيار الديمقراطي محمد عبو بالخطابات الداعية لمكافحة الفساد الذي نخر المؤسسات العمومية في تونس.

والثلاثاء، أعلن حزب التيار الديمقراطي عن قراره رفع شكاية في الثلب ونشر الأخبار الزائفة ضد النائب ياسين العياري بعد نشره تدوينة حول “شبهة خدمة قيادات في التيار لمصلحة رجل أعمال، مقابل تمويله الحملة الانتخابية للأمين العام للحزب” متهما إياه بالمغالطة.

وأضاف الحزب في بلاغ صادر عنه نشره على صفحته الرسميّة بموقع “فيسبوك” أنّ شكايته يمكن أن تشمل أيضا “دعوة النيابة العمومية للإذن بالبحث في الشبكات التي تعمل للتأثير في المشهد السياسي بنشر المغالطات والتسريبات بانتقائية، لمعرفة إن كانت تدخل في إطار الحق في النقد أو في خدمة أغراض أخرى قد يشكل الانخراط فيها مشاركة في جرائم”.

ودعا التيار الرأي العام إلى عدم تصديق كل ما ينشر في الشبكة الاجتماعية قبل سماع مختلف الآراء والتثبت، مؤكّدا أن ما أفسد الحياة السياسية وأوضاع البلاد هو “ارتفاع نسبة الذين لهم قابلية تصديق أي إشاعة”، داعيا المختصين في مختلف المجالات للإدلاء بدلوهم “حتى لا ترتفع أصوات المتحيلين أو الجهلة للتأثير في من لا دراية لهم ببعض القضايا”.

وسبق أن ذكر النائب ياسين العياري، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية بموقع “فيسبوك”، أن “المستفيد من القرار الأخير لحكومة الفخفاخ المتعلّق باستعمال الأكياس البلاستيكية لنقل الإسمنت هو رجل أعمال موّل حملة الانتخابات الرئاسية لوزير الوظيفة العمومية الحالي محمد عبّو (رئيس التيار الديمقراطي)”.

ويرى مراقبون أن شعبية حزب التيار الديمقراطي ستبدأ بالتآكل في ظل التناقضات التي يمارسها في خطابه السياسي خاصة وأنه مثل أبرز المدافعين عن رئيس الوزراء الحالي إلياس الفخفاخ عندما اتهم بالتورط في شبهات فساد.

وقالت آنذاك القيادية في التيار سامية عبو من البرلمان ’’أنا أنزهك سيد الرئيس مسبقا حتى قبل التحقيقات‘‘.

وأثار هذا التصريح ردود فعل متباينة إزاء سياسات هذا الحزب الذي يمثل اليسار الاجتماعي في تونس وكاد يحتكر الحديث عن مكافحة الفساد والفاسدين.

وكسب الحزب شعبية كبيرة بسبب مناهضته للفساد خاصة وهي الظاهرة التي يعاني منها التونسيون منذ قيام ثورة يناير في 2011.

ونجح التيار الديمقراطي في أن يحل في المرتبة الرابعة في انتخابات 2019 البرلمانية، وهي مرتبة لم يسبق للحزب أن تبوأها من قبل ما جعله يدخل ائتلافا حكوميا انهار بعد 6 أشهر من ولادته بسبب اتهامات لرئيس الوزراء بالفساد. ومن جهة أخرى، تعزز هذه القضية المطالبات بضرورة التدقيق في المال السياسي خاصة زمن الحملات الانتخابية حيث تتسابق كل الأحزاب لكسب أصوات الناخبين.

وقال المحلل السياسي خليل الرقيق “لا نستغرب من هذه الاتهامات في كل الاتجاهات، والقضية الآن في طور التحري والتدقيق، وتدفق المال السياسي في الانتخابات، فحركة النهضة مثلا خرجت من الإطار السجني إلى الثراء الفاحش في تمويل حملاتها الانتخابية، منذ 2011 نتحدث ونرى المال السياسي الفاسد وآن الوقت للتدقيق في ذلك”.

وأضاف الرقيق في تصريح لـ”العرب” “إذا ثبتت شبهة الفساد ضد حزب التيار الديمقراطي، لا بد من التثبت أيضا في كل مصادر الأموال، لا نعتبر هذا الحزب متورّطا إلا إذا ثبت ذلك قضائيا”.

واعتبر فيصل التبيني، رئيس حزب صوت الفلاحين والنائب بالبرلمان، أن ’’مشكلة البلاد التونسية هي الفساد الذي يبدأ بشراء أصوات الناخبين واستغلالهم ثم القضاء على أحلامهم.. المال السياسي الفاسد يرتع في البلاد وأثر على الأمن والأمان وسبب الدمار‘‘.

وأضاف التبيني في تصريح لـ”العرب” “إذا لم يثبت تورط التيار الديمقراطي، لا بد من مقاضاة كل من بث الإشاعة وتتبعه عدليا، وإذا تورط يا خيبة المسعى سيصبح مغالطة للشعب التونسي”.  وقال “دعها تقع ثم لكل حادث حديث”.

وأشار التبيني إلى أن حركة النهضة الإسلامية حكمت 10 سنوات تحت غطاء المال السياسي الفاسد، ولا يمكن لها أن تعيش خارج دائرة الفساد.

4