محاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي هدف أوروبا

تشير مشاركة الزعماء الأوروبيين في قمة قادة مجموعة دول الساحل الخمس وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي، إلى إصرار الاتحاد الأوروبي على الاضطلاع بدور أكبر في محاربة الإرهاب في منطقة الساحل وجعله هدفا له وتجسيدا لتطور التعاون والتضامن مع الدول الأفريقية في عدد من القضايا الأساسية خاصة الأمن ومحاربة جائحة كورونا.
نواكشوط- وضعت قمة قادة مجموعة دول الساحل الخمس وزعماء أوروبيين والأمين العام للأمم المتحدة، التي انعقدت الثلاثاء، هدفا رئيسا لها يتمثل في تقييم الإستراتيجية الجديدة القائمة على تشديد التصدي للتمرّد الجهادي في المنطقة.
ووصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يجري أول رحلة له خارج أوروبا منذ تفشي فايروس كورونا المستجد، إلى نواكشوط واضعا كمامة وقال إن القمة تهدف إلى “تعزيز المكاسب”.
وتابع أن الحلفاء تمكّنوا من تحقيق “نجاحات حقيقية في الأشهر الستة الماضية، وقضوا على قادة” للمتمردين، مشيدا بـ”تعزيز تدخل” جيوش دول منطقة الساحل.
وقال ماكرون إن وجوده في العاصمة الموريتانية نواكشوط للمشاركة في قمة الساحل الأفريقي إشارة واضحة لتولي الاتحاد الأوروبي محاربة الإرهاب في منطقة الساحل وجعله همّا أوروبيا.
وأعلن، في تصريح صحافي أدلى به ظهر الثلاثاء في نواكشوط، “هذا هو التضامن الأوروبي مع أفريقيا الذي نريد أن نطوره”.
وأوضح أن محاربة الإرهاب في الساحل ستكون من الآن فصاعدا هدفا لأوروبا، مشيرا إلى أن فرنسا وأوروبا ستواصلان دعم المكتسبات التي تحققت في مجال الأمن وتخفيف المديونية وتعزيز قدرات جيوش دول الساحل وتعزيز هيبة وسلطة الدولة على مناطق واسعة من منطقة الساحل.
وقال ماكرون إن اغتيال زعيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أظهر تحسنا كبيرا في التنسيق للعمليات العسكرية في منطقة الساحل. ويجري القادة في العاصمة الموريتانية مراجعة للحملة التي أعادوا إطلاقها في يناير بعد سلسلة من الانتكاسات.
وتجمع قمة نواكشوط إلى الرئيس الفرنسي قادة بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد، وهي تعقد بعد نحو ستة أشهر من القمة التي جمعتهم في يناير في مدينة بو الفرنسية. ويشارك في القمة التي تستغرق يوما واحدا ممثلون عن الاتحادين الأفريقي والأوروبي.
فيما يشارك عبر تقنية “فيديو كونفرانس” رؤساء حكومات ألمانيا وإيطاليا والأمين العام للأمم المتحدة. ووصل إلى نواكشوط بعد ظهر الثلاثاء، رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز للمشاركة في هذه القمة، حيث تعتبر هذه أول مشاركة لإسبانيا في قمة دول الساحل.
وتبحث القمة من بين أمور أخرى تعزيز القوة المشتركة لدول الساحل، والدعم المالي لجيوشها وبسط نفوذ الدول على المناطق التي لم تعد خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة ودعم التنمية ومكافحة الفقر في دول الساحل.
وكانت جماعات مسلحة قد سيطرت على منطقة الساحل العام الماضي وصعدت هجماتها على قواعد للجيشين المالي والنيجري. وردت فرنسا بتعزيز قوة برخان التي أنشأتها لمكافحة المتطرفين في غرب أفريقيا، والتي باتت تضم أكثر من 5 آلاف عنصر بعد رفدتها بـ600 عنصر إضافي مؤخرا.
وفي وقت سابق هذا الشهر، أعلن الجيش الفرنسي أحد أكبر نجاحاته في الحملة المستمرة منذ 7 سنوات، أي مقتل زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي عبدالمالك دروكدال. وتتركز العملية الآن على تعقب مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، في المنطقة الحدودية المشتركة بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
والإثنين، تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا يمدد ولاية بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي لمدة عام إضافي حتى 30 يونيو 2021.من جانبه، قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، إنه لا يستبعد أن يلغي المجتمع الدولي ديون أفريقيا كاملة، مشيرا أن ذلك سيكون مفيدا للقارة.
وأضاف ولد الغزواني، في مقابلة مع وكالة الأنباء الموريتانية الثلاثاء، “نعتقد أن المجتمع الدولي سيعمل على إلغاء ديون أفريقيا، خاصة وأن المبلغ الإجمالي لهذه الديون (لم يحدد المبلغ) ليس ذا أهمية كبيرة لاقتصادات الدائنين”.
تبحث القمة من بين أمور أخرى تعزيز القوة المشتركة لدول الساحل، والدعم المالي لجيوشها وبسط نفوذ الدول على المناطق التي لم تعد خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة
والشهر الماضي، طلب صندوق النقد والبنك الدوليين من الدائنين، تأجيل ديون الدول الأشد فقرا حتى نهاية العام الجاري، لمنحها سيولة مالية تمكنها من إدارة أزمة فايروس كورونا. بينما وقع أعضاء في مكتب الاتحاد الأفريقي، في مارس الماضي، وثيقة تطلب من الدائنين تخفيف أعباء الديون المستحقة على دول القارة.
وذكر الرئيس الموريتاني أن المجتمع الدولي مطالب “بتعزيز وتطوير آليات المساعدة والتضامن لأجزاء من العالم في خضم الأزمات الكبرى”.
ودعا دول الساحل الأفريقي إلى “استخلاص الدروس من الآثار الناتجة عن جائحة كورونا، ووضع الأسس لاقتصاداتها على أسس التكامل والاكتفاء الذاتي، في مجالات المنتجات والخدمات الأولية”. وتابع “في النظام العالمي لما بعد جائحة كورونا، سيكون لمنطقة الساحل مكانتها بالتأكيد”.