برنامج سوداني طموح للاستثمار في الطاقة النظيفة

كشف السودان عن برنامج طموح للاستثمار في قطاع الطاقة البديلة، الذي يعد من أهم القطاعات المستقبلية الواعدة في البلاد، بهدف تقليص النفقات لتشغيل محطات توليد الكهرباء، خاصة في ظل الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، والتي ضاعفت من حدتها مشكلة مرض كورونا.
الخرطوم - تسارعت خطوات الحكومة الانتقالية السودانية نحو بلورة خطط لتوليد الطاقة من المصادر النظيفة، عبر منح القطاع الخاص حوافز كبيرة للاستثمار في هذا المجال، بهدف سد العجز الحاصل في الطاقة الكهربائية والمساهمة في الحد من الاحتباس الحراري.
وأعلنت وزارة الطاقة والتعدين أنها وضعت خطة طموحة تستهدف زيادة تغطية الكهرباء من المصادر النظيفة لرفعها من 32 في المئة حاليا إلى مئة في المئة بنهاية 2035.
ويحتاج البرنامج إلى ملايين الدولارات كاستثمارات من القطاع الخاص لإطلاق حزمة من المشاريع المزمعة، إلى جانب رصد تمويل حكومي لمساعدة الأقاليم لتنفيذ هذا البرنامج.
ولا يزال السودان من بين البلدان المتأخرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا المجال، وقد كانت لسياسة نظام الرئيس المخلوع عمر البشير الأثر الكبير في عدم تركيز مشاريع بيئية تساهم في خفض الإنفاق السنوي.
ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى خيري عبدالرحمن وكيل قطاع الكهرباء بوزارة الطاقة قوله إن “الخطط المستقبلية تشمل مراجعة المشاريع التي تحت التنفيذ لضمان استكمالها ودخولها مرحلة الإنتاج”.
32 في المئة من الكهرباء التي ينتجها السودان متأتية من المصادر المستدامة
وأوضح أن المشاريع تشمل 530 ميغاواط سيتم توليدها من محطة قرى 3 و350 ميغاواط من بورتسودان و5 ميغاواط سيتم توليدها من الطاقة شمسية بمنطقة الفاشر وخمسة ميغاواط أخرى في الضعين وواحد ميغاواط سيتم توليدها من مصادر الرياح في دنغلا.
وأكد عبدالرحمن أن الخطط تتضمن متابعة عمليات التنفيذ لتفادي القصور وضمان استكمالها بالمستوى الفني المطلوب.
ويرى خبراء أن هذه الخطوة لو تمت على النحو الصحيح، فإنها ستمنح البلاد “جرعة أوكسيجين” لالتقاط الأنفاس قليلا قبل الخوض في معارك اقتصادية أكثر تعقيدا كونها تحتاج إلى توافق بين مكونات الطبقة السياسية بشأن تولّي إداراتها.
وتنقسم الخطة الاستراتيجية المستقبلية على مرحلتين، الأولى على المدى المتوسط لمدة خمس سنوات وأخرى طويلة المدى لمدة 15 عاما وذلك بناء على توفير التمويلات اللازمة.
كما أن مسألة خفض التكلفة في تشغيل القطاع يعد أمرا مهما في ظل الظروف التي تمر بها البلاد مع التركيز على مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة وخاصة الشمسية وطاقة الرياح.
وأشار عبدالرحمن إلى أن بلاده تستهدف إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بنحو 4500 ميغاواط منها 2500 ميغاواط من شمال أم درمان إلى وادي حلفا و1500 ميغاواط بالبحر الأحمر و500 ميغاواط في كردفان ودارفور.
أما بالنسبة لطاقة الرياح فتستهدف الحكومة إنتاج كمية كهرباء تصل إلى 3000 ميغاواط نصفها سيتم إنتاجه من المنطقة الشمالية وألف ميغاواط في البحر الأحمر و500 ميغاواط في كردفان ودارفور.
وتوليد الكهرباء باستخدام الغاز كوقود يمثل بديلا، وذلك في الوقت الذي يكافح فيه السودان لتأمين المزيد من الكهرباء للقطاعين الزراعي والصناعي بهدف تعزيز الإنتاج والاستفادة من التجارة العالمية بعد أن تحررت البلاد من العقوبات التي كانت مفروضة عليها.
ولا يخطط قطاع الكهرباء بوزارة الطاقة لإنشاء سدود جديدة على نهر النيل لإنتاج الكهرباء، لكنه حريص على زيادة إنتاج الكهرباء المائي المنخفض التكلفة في التشغيل وذلك من السدود القائمة حاليا في كل من الروصيرص وسنار.
وسيتم ذلك بالاستفادة من التقدم التكنولوجي لمضاعفة إنتاج تلك السدود ليرتفع توليد الكهرباء في الروصيرص من 280 ميغاواط إلى 442 ميغاواط وكذلك زيادة إنتاج محطة سنار بواقع 60 ميغاواط.
وتخطط وزارة الطاقة لبناء وحدات جديدة علي الجانب الآخر لنفس السدود، بقدرة تبلغ 60 ميغاواط في الدندر، وهو الجانب الآخر لسد الروصيرص، بالإضافة إلى 146 ميغاواط في الجانب الآخر من سد سنار.
كما تتضمن الخطط المتوسطة والطويلة شبكات توزيع، ولكن يتوقع تنفيذ كل هذه المشاريع على جدية الحكومة في تنفيذ وعودها.
وتعتقد الخرطوم أنه بالإمكان في الوقت الحالي تخفيض نحو 7 في المئة من أعلى طلب أي 211 ميغاواط وذلك يعادل 3 أضعاف حمولة الإمداد المصري الحالي.
وكانت الحكومة قد كشفت قبل أيام ملامح برنامج اقتصادي لمعالجة التشوهات الهيكلية في الاقتصاد الوطني بشكل جذري، معلنة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج مشترك سيستغرق 12 شهرا.
وذكرت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، في بيان أصدرته الأحد الماضي، أن البرنامج بمجرد اكتماله سيفتح الأبواب أمام التمويل والاستثمار الدوليين في القطاعات الإنتاجية، والبنى التحتية، وخلق فرص العمل للمواطنين، خاصة الشباب، وتعزيز جهود مكافحة الفساد والحكم الرشيد.
وأشارت الوزارة إلى أن البرنامج يمهد الطريق لتسوية متأخرات السودان لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي، وأيضا إعفاء الديون في نهاية المطاف من خلال مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
والبرنامج المتفق عليه مدعوم بميزانية جديدة ستركز على زيادة الإنفاق على الخدمات العامة، واستعادة مهنية الخدمة المدنية، ورفع جودة المؤسسات الحكومية، والاستثمار في مشاريع بناء السلام، وخاصة في الولايات المهملة والمهمشة.
كما سيدعم البرنامج جهود الحكومة لإعادة الإنفاق الحكومي للقطاعات المهمة وذات الطابع الاجتماعي كالصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية، بدلا عن طريقة إنفاق نظام البشير، التي كانت غير مستدامة وغير مرشّدة وأدت إلى زيادة معدلات التضخم وتهريب السلع الاستراتيجية.
ويدعم البرنامج جهود الحكومة السودانية لتثبيت الأسعار الأساسية، بما فيها سعر الصرف، بطريقة تدريجية لخلق حوافز للتحويلات من الخارج لتتدفق عبر القنوات الرسمية بدلا من السوق الموازية، الأمر الذي سيؤدي إلى تغذية بنك السودان المركزي بالعملات الصعبة واستقرار الجنيه السوداني في نهاية المطاف.
وقالت وزارة المالية إنها ستسيطر على جميع الشركات الحكومية، بما في ذلك الشركات المملوكة لقوات الأمن، في الوقت الذي تعمل فيه على إصلاح اقتصاد البلاد المتعثر وفتحه أمام التمويل الأجنبي.
وهذه الخطوة هي الأحدث ضمن سلسلة إصلاحات مقترحة منذ أن شرع السودان في مفاوضات على برنامج غير ممول مع صندوق النقد الدولي هذا الشهر قد يمهد لحصوله على دعم مالي دولي.
ويعد هذا الإجراء جزءا من حزمة إصلاحية مدتها 12 شهرا تم إعدادها بالتعاون مع صندوق النقد وتهدف كذلك إلى تقليل دعم الوقود واستقرار العملة وفتح تداول الذهب للقطاع الخاص.
ووافقت لجنة برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك على خطة قبل عشرة أيام لتصفية عدد كبير من الشركات المملوكة للدولة، البالغ عددها 650 شركة، وخصخصة شركات أخرى.